أعلنت هيئة الصحة في أبوظبي أمس تفاصيل استراتيجية القطاع الصحي في إمارة أبوظبي للخمسة أعوام المقبلة والتي وضعت بالتشاور مع الشركاء الاستراتيجيين والخبراء الدوليين متضمنة 7 أولويات صحية و58 مبادرة.
وتركز الاستراتيجية الجديدة على سبعة أولويات صحية أساسية تشمل الرعاية الصحية المتكاملة لجميع الأفراد وبالتالي تقليل الفجوات في القدرة الاستيعابية والارتقاء بجودة خدمات الرعاية الصحية ومعايير السلامة وتجربة المرضى واستقطاب أصحاب الكفاءات للعمل في قطاع الصحة والاحتفاظ بها وتدريبها وجاهزية الطوارئ والعافية والوقاية إضافة لاعتماد منهجية الصحة العامة وضمان القيمة مقابل المال واستدامة الإنفاق الصحي بما في ذلك تشجيع الاستثمار الخاص في قطاع الرعاية الصحية، وإنشاء نظام متكامل للمعلوماتية والبيانات الصحية الإلكترونية.
مرحلة جديدة
وصرح الدكتور مغير خميس الخييلي رئيس الهيئة خلال مؤتمر صحافي عقد أمس في مقر الهيئة في أبوظبي بأن القطاع الصحي في إمارة أبوظبي يدخل مرحلة جديدة تهدف إلى التطوير والتحسين ومع وجود اكتمال البنية التحتية، وقال إن الوقت قد حان للابتكار والتميز في تقديم وتطوير خدمات الرعاية الصحية، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من العمل مع القطاعين الخاص والعام لتنفيذ أولويات ومبادرات هذه الاستراتيجية وتحقيق الأهداف الموضوعة وصولاً لتحقيق رؤية أبوظبي 2030.
وقال إن الاستراتيجية الصحية الجديدة التي حظيت بمباركة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتتماشى مع رؤية حكومة أبوظبي «2030» تركز بصفة أساسية على الإنسان باعتباره محور التنمية وصاحب الإبداع البشري، مشيراً إلى أن الاستراتيجية الصحية تعد خارطة طريق واضحة لجميع مقدمي الرعاية الصحية ونحن ملتزمون بتحقيق أهدافها خلال الخمس سنوات المقبلة.
ولتحقيق تلك الأهداف ستعمل الهيئة على 58 مبادرة تغطي كلاً من الأولويات السبع في الأعوام الخمسة المقبلة وأولها توفير رعاية صحية متكاملة ومتواصلة لجميع الأفراد ومعالجة الثغرات الحرجة في القدرة الاستيعابية وتقليل الاعتماد على العلاج في الخارج وتحسين مستوى الرعاية الصحية في المناطق البعيدة، وتوفير برامج الصحة النفسية، هي من المبادرات التي تم وضعها ضمن هذا المحور.
جودة الرعاية الصحية
وحول الأولوية الثانية الخاصة بالارتقاء بجودة خدمات الرعاية الصحية ومعايير السلامة وتجربة المرضى أشار الدكتور الخييلي إلى أنه لتحسين جودة خدمات الرعاية الصحية أطلقت الهيئة نظام «جودة» لرصد دقيق لجودة خدمات الرعاية الصحية، وذلك استعداداً لربط مخرجات النظام مع مجموعة من الحوافز ولاتخاذ الإجراءات الأخرى الضرورية بغرض التطوير والتحسين، على أن يتم تدقيق مخرجات البرنامج لكل منشأة ومقارنتها معيارياً مع نظيراتها قبل إتاحتها لاستخدام الجمهور لاتخاذ القرارات المناسبة بشأن اختيار مزود الخدمة. إضافة إلى ذلك، ستعمل الهيئة على دعم الأبحاث والابتكار لدفع عجلة التطور في تقديم الرعاية الصحية.
وأشار الدكتور الخييلي إلى ثالث الأولويات في الاستراتيجية المتعلق باستقطاب أصحاب الكفاءات للعمل في قطاع الصحة والاحتفاظ بها وتدريبها، وأكد أن الهيئة تعمل على وضع خطة شاملة لاستقطاب أصحاب الكفاءات للعمل في القطاع الصحي والاحتفاظ بها وتدريبها مع التركيز على زيادة عدد القوى العاملة الوطنية، حيث قامت الهيئة في نوفمبر الماضي بتوقيع مذكر تفاهم مع كل من شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة)، ومجلس أبوظبي للتوطين، وكليات التقنية العليا، وذلك لاستقطاب وتدريب وتوظيف المواطنين الباحثين عن مستقبل مهني في القطاع الصحي، ووفق إحصاءات هيئة الصحة بلغ عدد المهنيين الصحيين المرخصين في الإمارة أكثر من 30 ألف مهني.
جاهزية الطوارئ
وتحدثت الدكتور مها تيسير بركات مدير عام الهيئة حول الأولوية الرابعة في الاستراتيجية الصحية والمتعلقة بجاهزية الطوارئ وقالت: «تعتبر الجاهزية في حالات الطوارئ من أهم أولويات الهيئة من خلال وضع خطط تحسين جاهزية القطاع والاستجابة عند الطوارئ وتفشي الأمراض أو الأوبئة، مؤكدة أن الهيئة ستعمل مع الشركاء الرئيسيين على تطوير البنية التحتية في مجالي المعلومات والاتصال، ووضع السياسات الضرورية وأطر الحوكمة لتنظيم استجابة القطاع لحالات الطوارئ».
العافية والوقاية
وتركز الأولوية الخامسة من الاستراتيجية الصحية لإمارة أبوظبي والمتعلقة بالعافية والوقاية واعتماد منهجية الصحة العامة، حيث تركز على مبادرات الصحة العامة بشكل عام مع التركيز على برنامج «وقاية» للمواطنين، برامج الوقاية من الإصابات وصحة الأم والطفل والصحة المهنية ومكافحة الأمراض المعدية والوقاية منها وتحديث برامج اللقاحات وتقليل الأمراض الوراثية وصحة الفم والأسنان عند الأطفال.
حائط الصد الأول
وأكدت الدكتورة مها بركات رداً على سؤال لـ«البيان» حول مكافحة الأمراض المزمنة التي تتزايد معدلات الإصابة بها خلال الفترة الماضية مثل السكري وضغط الدم والأمراض القلبية والسرطان، أن الاستراتيجية الصحية الجديدة وضعت مكافحة هذه الأمراض في قائمة الأولويات الصحية بحيث سيتم التركيز على توسيع نطاق الحملات التثقيفية والتوعية باعتبارها حائط الصد الأول لتجنب هه الأمراض بالإضافة على التوسع في عمليات الفحص المبكر وتقديم العلاج اللازم في الوقت المناسب، لافتة إلى أن الصحة النفسية ستكون ضمن الأولويات في العلاج الأكثر شمولية ونجاعة.
وفقاً لإحصاءات هيئة الصحة في أبوظبي عام 2013، فإن الإصابات القاتلة هي السبب الرئيسي الثاني للوفاة بنسبة 19.6%، حيث تعد الحوادث المرورية السبب الأساسي للإصابات القاتلة بنسبة 62%، تليها الإصابات الناتجة عن السقوط أو سقوط الأجسام بنسبة 11%، والانتحار بنسبة 8%. وشكلت الإصابات المهنية 18.4% والإصابات عند الأطفال 12.2% من إجمالي الوفيات الناجمة عن الإصابات.
وبلغت نسب الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية في الإمارة 36.7% من جميع حالات الوفاة في العام 2013، حيث تعد معدلات الأمراض المزمنة المتصلة بأسلوب الحياة، مثل السمنة، ومرض السكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية عالية، وتشير التوقعات إلى أن هذه النسب تتوجه نحو الزيادة مع تقدم السكان في العمر. هذا ويتم متابعة الأفراد الذين ترتفع لديهم احتمالات خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
الاستدامة
وتتضمن الأولوية السادسة ضمان القيمة مقابل المال واستدامة الإنفاق الصحي ومقابل ذلك وضعت الهيئة عدداً من المبادرات لمراقبة معدلات استخدام الخدمات الصحية، كما وضعت خطة لتحسين الإنفاق على المنتجات الصحية، ووضع نظام لتقييم أقساط الضمان الصحي وإنشاء شبكة مختبرات طبية.
وبحسب البيانات المقدمة من منشآت الرعاية الصحية للعام الماضي، استفاد 2.73 مليون شخص من نظام الضمان الصحي، حيث كان هناك 14.3 مليون حالة سريرية وتم إجراء 83.9 مليون نشاط سريري، كما شهدت برامج الضمان الصحي المعززة ارتفاعاً في قسط التأمين في عام 2013 بنسبة 10% ليصل إلى 3.380 درهماً.
وفيما يخص الأولوية السابعة المتعلقة بإيجاد نظام متكامل للمعلوماتية والبيانات الصحية الإلكترونية أكدت الهيئة أنها من العناصر الرئيسية في استراتيجية قطاع الرعاية الصحية هو النظام المتكامل للمعلوماتية والبيانات الصحية الإلكترونية، كما تخطط هيئة الصحة لإعداد منصة إلكترونية لتبادل البيانات الصحية بين مقدمي الخدمات والذي بدوره سوف يدعم تحقيق الأولويات الأخرى.
كما كشفت هيئة الصحة – أبوظبي عن أهم الإحصاءات المتعلقة بالاستثمار والطاقة الاستيعابية للقطاع للعام 2013 والتي تشير إلى تطور كبير في الخدمات الطبية العامة والخدمات المتعلقة بالأمراض المرتبطة بنمط الحياة مع ارتفاع أعداد العيادات الخارجية.
وقالت الدكتورة مها تيسير بركات «إن تقرير الإحصاءات والطاقة الاستيعابية تحدد الثغرات في القدرات وتقدم توصيات حول كيفية سد هذه الاحتياجات وتركز الخطة على توفير المعلومات بهدف تشجيع الاستثمار والابتكار في قطاع الرعاية الصحية بهدف تقليص فجوات القدرة الاستيعابية في الجانبين التخصصي والجغرافي بهدف توفير هذه الخدمات لسكان الإمارة».
قيد الإنشاء
أكدت هيئة الصحة في أبوظبي أنه في الوقت الحالي هناك 16 مستشفى قيد الإنشاء بلغت نسبة إنجازها أكثر من 50%، والتي من المفترض أن توفر ما يصل إلى 2.859 سريراً، وبالمقارنة بعام 2012، فإن الزيادة في عدد الأسرة قيد الإنشاء بلغت 700 سرير في عام 2013. وحول التوقعات المستقبلية أشارت إلى أن الطلب على الكادر الطبي سوف يشهد ارتفاعاً بحلول عام 2022، والحاجة إلى 4.800 طبيب و13 ألف ممرض وممرضة، مما يعني الحاجة لتوظيف 1.700 طبيب و2.900 ممرضة سنويا. وقد شهد القطاع ارتفاعاً في عدد الأطباء وأطباء الأسنان بنسبة 22%، وارتفاعاً بنسبة 11% في عدد المنشآت الصحية.
10 مناطق في الغربية والعين تحتاج لمراكز صحية
أكدت الدكتور مها بركات مدير عام هيئة الصحة في أبوظبي أن هناك 10 مناطق جغرافية في أبوظبي والعين تحتاج إلى 10 مراكز للرعاية الصحية الدائمة لتقديم الخدمات الصحية الأولية لسكان مناطق بعيدة نسبياً عن المستشفيات وتحتاج لهذه الخدمات، مؤكدة أن هيئة الصحة بادرت بإطلاق مناقصة للقطاع الخاص وقدمت لهم مزايا عدة لتشجيع المستثمرين ورجال الأعمال في هذا الشأن.
وأضافت إن تلك المناطق تقع ضمن مساحات شاسعة في المنطقة الغربية والعين من دون كثافة سكانية وعلى الرغم من وجود مستشفيات ومراكز صحية في هذه المناطق إلا أنها بعيدة نسبياً عن تلك المناطق العشر بالذات.
وأشارت الدكتورة مها بركات إلى وجود فجوة ونقص في عدد الأسرة والتخصصات الطبية في مستشفيات الغربية خاصة الجراحة والعناية المركزة، وأكدت أن الاستراتيجية الصحية ستغطي جميع الفجوات في الرعاية الصحية المقدمة للمرضى بحيث تشمل جميع سكان أبوظبي وتغطي كل ركن فيها.
الرعاية المنزلية
وأشارت الدكتورة مها بركات إلى أهمية التوسع في خدمات الرعاية المنزلية في تلك المناطق واستحداث نظم جديدة للتطبيب عن بعد وكذلك استمرار الهيئة في توحيد الملف الصحي للمريض خلال السنوات الخمس المقبلة.
وفي إطار آخر بينت هيئة الصحة في أبوظبي إن الإحصاءات المتوفرة تشير إلى وجود فجوة في الطاقة الاستيعابية في طب الرعاية الحرجة والمركزة وتتوزع الفجوات بشكل عام في مجال الطوارئ، طب حديثي الولادة، أمراض القلب، الطب النفسي، طب الأطفال وطب الأورام. كما توجد فجوات في التخصصات الفرعية في طب الأطفال وجراحة الأطفال والتخصصات الفرعية الجراحية للكبار بما في ذلك جراحة المخ والأعصاب، الجراحة التجميلية وجراحة الأورام. ومن المتوقع أن يعالج القصور الذي تشهده خدمات الرعاية الحرجة في العام 2016 مع انتهاء المنشآت الحالية وتقديمها لهذه الخدمات في العام 2015.
المصدر: البيان