صحافي وكاتب سعودي
من سنوات وكل شيء يرتفع في السعودية، عدد السكان، أسعار السلع، المساكن، حتى الرواتب ارتفعت، الشيء الوحيد الذي ما زال ثابتا والبقية متحركة ويقاوم ولم يرتفع ولا تزال بعض الصحف “التقليدية” تكرره في كل عام هو عدد المقاعد الدراسية والطلاب.
هؤلاء الطلاب متوقفون عند العدد “خمسة ملايين” لا ينقصون طالبا ولا يزيدون، وفي كل عام وفي مثل هذا الوقت الذي يسبق العام الدراسي تجد بعض الصحف تكتب “خمسة ملايين طالب يتوجهون لمقاعد الدراسة غدا” أو “المدارس تستقبل غدا خمسة ملايين طالب”.
لو كتبت في أي متصفح بحث في الإنترنت “خمسة ملايين طالب” ستجد العجب العجاب.. في كل سنة تكتب.. يزيد عدد المواليد في السعودية بشكل كبير ولا يمكن أن يتغير عدد الطلاب وهو ما يسمى في علم الصحافة بـ “قص ولصق” لا إحصاءات دقيقة ولا صحافي يتعب نفسه في البحث والتحري ولا رقيب ذاتي أو إداري يمكن أن يقول للصحافي “من أين لك هذا؟”.
بعض الصحف مع الأسف الشديد لا ترهق نفسها في العمل، وبعض الصحافيين أيضا مع الأسف الشديد تعود على الاستعانة بالبيانات وإعادة كتابتها تحت المكيف من منزله أو مكتبه، أو العودة لما كتب من سنوات وإعادة نشره، على الرغم من أن المعلومة تحتاج إلى تعب ونزول للميدان وبحث وتحر ودقة في النقل.
ليست كل الصحف ولا كل الصحافيين كما ذكرنا في السابق.. فبعضها تجاوز الإعلام التقليدي الباحث عن المعلومة وفق ما تبثه وكالات الأنباء أو المصادر الرسمية من بيانات مكررة ومملة، وأبحرت في البحث والتقصي ونشر معلومات دقيقة ومفيدة ومثرية للقارئ.
تلك الصحف “غير التقليدية” كما النجوم “السوبر ستار” في كرة القدم، تشبه الهدافين الكبار في الملاعب، يسجل الهدف ويجعل البقية يعلقون عليه دون أن يلتفت باحثا عن هدف آخر يسجل في تاريخه.
الصحف التقليدية المنطوية على نفسها والقابعة في ظلام البيانات والنقل من الوكالات والمنغمسة في “القص واللصق” عندما تريد أن تتجرد من كسلها فهي لا تفعل كما يفعل الكبار في نقل الحدث بأدواتهم أو صناعته، بل تكتفي بأن تكون صدى لهم فتارة ناقدة لما يقومون به، وتارة أخرى قادحة دون أي اعتبار للمهنية أو الزمالة.
المصدر: الاقتصادية