عندما دفعت قطر نحو مليار دولار، ذهب 400 مليون دولار منها لإيران، لتحرير عدد من أعضاء العائلة المالكة الذين تم اختطافهم في العراق بينما كانوا في رحلة صيد، حسب أشخاص شاركوا في صفقة الرهائن، كان ذلك أحد الأسباب التي دفعت الدول العربية إلى اتخاذ قرار بقطع العلاقات مع حكومة قطر.
300 مليون دولار دفعتها قطر للمسلحين
قال مسؤول عربي، إن إجمالي ما دفعته قطر للمسلحين يصل إلى نحو 300 مليون دولار. وأضاف: «إذا أضفنا إليها 700 مليون أخرى دفعتها لإيران ووكلائها، فإن ذلك يعني أن قطر أنفقت نحو مليار دولار على هذه الصفقة المجنونة».
وقال قادة الميليشيات العراقية الشيعية في العراق، وجميعهم من مجموعات متشددة تحظى بدعم إيران، إنه حسب معلوماتهم، فإن إيران حصلت على نحو 400 مليون دولار بعد أن أعطتهم مبالغ لم يكشفوا عنها، ووافقوا على تقديم بعض التفاصيل، لأنهم كانوا يشعرون بالغضب من نصيبهم المجحف في الصفقة. وقال أحد أفراد الميليشيا الشيعية في العراق: «لقد حصلت إيران على نصيب الأسد من هذه الصفقة، الأمر الذي جعل كثيرين منا يشعرون بالإحباط والغضب، لأن الصفقة لم تكن كذلك». وقال البروفيسور في العلاقات الدولية جيرد نونمان في جامعة جورج تاون في قطر: «ربما أسيء تقدير الصفقة، فقد تمت بنيّة سليمة كي يتم إعادة الرهائن، ولم يكن هناك نية لإرسال مبالغ لإيران».
تطرح قطر نفسها كلاعب محايد، يمكنه أن يعمل كوسيط في الصراعات المحلية، ولكن النقاد، خصوصاً في السعودية والإمارات، يؤكدون أنها دائماً ما تستغل هذه التدخلات كي تتلاعب على الطرفين، وتموّل المجموعات الإسلامية المتطرفة.
قطر استغلت ترتيبات إجلاء المحاصرين من أربع بلدات سورية، كي تدفع ما يراوح بين 120 و140 مليون دولار لـ«حركة تحرير الشام»، كما أن 80 مليون دولار ذهبت إلى مجموعة معارضة تدعى «حركة أحرار الشام».
معارض سوري: «إذا كنت تريد أن تعلم كيف تموّل قطر المتطرفين، فلا تنظر إلى ما هو أبعد من صفقة الرهائن، وهذه ليست المرة الأولى وإنما واحدة من ضمن سلسلة من المرات منذ بداية الحرب».
700
مليون دولار دفعت لشخصيات إيرانية والميليشيا الشيعية التي يدعمونها، حسب مسؤولين حكوميين محليين، أضافوا أن ثمة 200 أو 300 مليون تم دفعها لمجموعات إسلامية في سورية، وغالبية المبلغ إلى حركة تحرير الشام، وهي مجموعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة».
وقال قادة في مجموعات الميليشيات، ومسؤولون حكوميون في المنطقة لصحيفة «فاينانشال تايمز»، إن الدوحة أنفقت المال كفدية لضمان إطلاق سراح 26 شخصاً من أعضاء العائلة الحاكمة، تم اختطافهم خلال قيامهم برحلة صيد بواسطة الصقور في جنوب العراق، ونحو 50 مسلحاً تم اعتقالهم من قبل المسلحين في سورية. واستناداً إلى أقوال هؤلاء، فإن قطر تكون قد دفعت المال إلى القوتين الأكثر إدراجاً في القائمة السوداء في الشرق الأوسط بضربة واحدة، هما: ذراع تنظيم «القاعدة» التي تقاتل الآن في سورية، والمسؤولون الأمنيون الإيرانيون.
تعزيز المخاوف
وعززت هذه الصفقة، التي تمت في أبريل الماضي مخاوف دول الخليج المجاورة لقطر بشأن دور هذه الدولة الصغيرة والغنية بالغاز، في منطقة ابتليت بالصراعات والمنافسات المريرة. ويوم الاثنين الماضي اتخذت السعودية ومصر والإمارات العربية والبحرين، قراراً غير عادي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، معللين ذلك بقيام قطر بدعم التطرف والإرهاب. وقال أحد المراقبين في الخليج: «كان دفع الفدية هي القشة التي قصمت ظهر البعير».
وتنفي الدوحة دعمها للمجموعات الإرهابية، ورفضت الحصار الذي فرضته الدول المجاورة لها، واعتبرته «مستنداً إلى مزاعم ليس لها أي أساس من الصحة». وقالت الدوحة إنها غير مستعدة الآن للرد على طلب بالتعليق على صفقة الرهائن، لكن شخصاً مقرباً من الحكومة القطرية اعترف بأنه تم «دفع المال»، ولكن هذا الشخص لم يكن على دراية بحجم المبلغ بالضبط أو إلى أين ذهبت تلك الأموال.
ولطالما قامت قطر، الحليفة للولايات المتحدة، والتي تستضيف قاعدة عسكرية أميركية، بإثارة المتاعب لجيرانها، الذين يعتبرون الدوحة مثاراً للمشكلات في المنطقة. واستخدمت قطر التي تعد من أكبر مصدري الغاز المسال في العالم، الكثير من أموالها لتوطيد علاقاتها مع الكثير من الدول الكبرى، ولكن النقاد يتهمون قطر بأنها تتصرف بصورة أكبر من حجمها الدبلوماسي، حيث تتدخل في قضايا المنطقة وتستخدم قناة «الجزيرة» التلفزيونية كأداة للدعاية.
وتتميز الدوحة بتاريخ من التعاون مع جميع أنواع المجموعات المثيرة للجدل، بداية من متمردي دارفور في السودان إلى «طالبان» في أفغانستان و«حماس» في غزة. وتطرح قطر نفسها كلاعب محايد، يمكنه أن يعمل كوسيط في الصراعات المحلية، ولكن النقاد، خصوصاً في السعودية والإمارات العربية، يزعمون أنها دائماً ما تستغل هذه التدخلات كي تتلاعب على الطرفين وتمول المجموعات الإسلامية المتطرفة وآخرها كان في ليبيا وسورية. ويرى منتقدو الدوحة أن صفقة الرهائن كانت دليلاً إضافياً على هذا الدور. وقال أحد الشخصيات المعارضة الذي عمل مع وسيط تنظيم «القاعدة» من أجل تبادل رهائن في سورية: «إذا كنت تريد أن تعلم كيف تمول قطر المتطرفين، فلا تنظر إلى ما هو أبعد من صفقة الرهائن، وهذه ليست المرة الأولى وإنما واحدة من ضمن سلسلة من المرات منذ بداية الحرب».
وتحدثت صحيفة «فاينانشال تايمز» مع أشخاص مشاركين مع كلا الطرفين في قضية صفقة الرهائن، بمن فيهم مسؤولون حكوميون في المنطقة، وثلاثة من قادة الميليشيا العراقيين الشيعة، إضافة إلى اثنين من قادة المعارضة السورية.
وتم دفع 700 مليون دولار لشخصيات إيرانية والميليشيا الشيعية التي يدعمونها، حسب مسؤولين حكوميين محليين، أضافوا أنه ثمة 200 أو 300 مليون تم دفعها لمجموعات إسلامية في سورية، وغالبية المبلغ إلى «حركة تحرير الشام»، وهي مجموعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة». وقال الذين تحدثوا مع «فاينانشال تايمز» إن الصفقة تسلط الضوء على كيفية قيام قطر باستغلال قضية الرهائن كي تدفع الرواتب للمتطرفين في سورية، ولكن بالنسبة لجيران قطر من الخليجيين ربما كانت القضية الأكثر أهمية تكمن في حقيقة تقديم المال لعدوتهم الأساسية في المنطقة وهي إيران، التي يتهمونها بأنها تموّل صراعات في العالم العربي.
كتائب حزب الله
وبدأت هذه القصة بالتحديد عندما قامت ميليشيا شيعية عراقية تدعى «كتائب حزب الله»، بخطف القطريين في ديسمبر 2015، ويقول ثلاثة من قادة الميليشيا العراقيين إن الرهائن كانوا محبوسين في إيران. وعلى الرغم من أن «كتائب حزب الله» مجموعة عراقية فإنه ينظر إليها باعتبارها مرتبطة بقوة مع وكيل إيران الرئيس في المنطقة، وهو الميليشيا اللبنانية المعروفة بـ«حزب الله»، وهذه الأخيرة تساعد إيران في تقديم الدعم للرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية التي تعصف ببلاده منذ ست سنوات.
وقال اثنان من الدبلوماسيين المحليين إنهما يعتقدان أن أحد دوافع المجموعة العراقية لخطف القطريين هو منح «حزب الله» وإيران القدرة على التفاوض لإطلاق سراح مقاتلين شيعة مختطفين لدى «حركة أحرار الشام» السنية في سورية. و«تحرير الشام» كانت فرعاً من تنظيم «القاعدة».
وكانت صفقة الرهائن مرتبطة أيضاً باتفاق منفصل لتسهيل إخلاء أربع بلدات في سورية، اثنتان محاصرتان بقوات من المسلحين السنة، واثنتان محاصرتان بميليشيا شيعية، حسبما يقول الدبلوماسيون والمعارضون السوريون.
وقال دبلوماسي غربي إن هذه الترتيبات زودت قطر بالغطاء لتمويل صفقة الرهائن. وأضاف: «تبحث إيران وقطر منذ زمن عن غطاء للقيام بذلك، أي إجراء صفقة الرهائن، وفي نهاية المطاف تمكنتا من القيام بذلك».
وحسبما ذكرته اثنتان من شخصيات المعارضة التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع المجموعات التي دفعت لها الأموال، فإن قطر استغلت ترتيبات الإجلاء كي تدفع 120 – 140 مليون دولار لـ«حركة تحرير الشام»، كما أن 80 مليون دولار ذهبت إلى مجموعة معارضة تدعى «حركة أحرار الشام»، وقال قائد في المعارضة السورية قدم تفاصيل عن دفعات الأموال، طالباً عدم ذكر اسمه: «القطريون مستعدون لدفع أي شخص لتحقيق الهدف، لقد أوصلونا الى حتفنا».
فصل مربك
وثمة فصل مربك آخر في هذه الصفقة مفادها أن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي قال في أبريل الماضي، إن حكومته صادرت مئات الملايين من الدولارات، التي قال المسؤولون العراقيون إنها وصلت على طائرات قطرية «بصورة غير قانونية»، ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه المبالغ جزءاً من المبالغ التي ذكرت سابقاً أم أنها مبالغ إضافية.
المصدر: الإمارات اليوم