كاتب سعودي
يصحو الناس يوميا وينامون على أنباء تتعلق بالصكوك والوثائق والاستحكامات. إلغاء صك ونقض آخر ومحاكمة متهمين بتزوير تلك الوثائق المهمة مع سبق الإصرار وتدسيم “الشوارب طبعاً”. تزامنت هذه الأنباء والمتابعات التي أشغلت الناس مع تعاظم الشكوى من عدم توافر الأراضي السكنية، والجدل الكبير القائم حول فرض الرسوم.
أزعم أن هذا من قبيل الاهتمام المؤقت الذي ينتج عن توقعات الناس، ويبني على آمالهم، بل يستغل أحياناً آلامهم. فالحديث عن أمر معين في زمن معين يفقد أهميته؛ إن لم يكن له جمهور يهتم له. لو رجعنا للفترة الماضية لوجدنا العناوين تحمل تلك الصفة المميزة التي تدفع بالخبر للأمام.
تناول الناس الصحة وكورونا لفترة غير قصيرة، ثم أصبح الاهتمام منصباً بعد ذلك على الأمطار وما دمرته من الأراضي، ثم جاء دور الملاحظات المختلفة على الحج ورؤى الكثيرين حولها، واليوم تحتل “داعش” و”الحوثيون” المقدمة في الاهتمام والنقاش. وتأتي داخل تلك المواضيع أمور تستمر أهميتها للمواطن، ومن أهمها المناظرات والشكاوى والوعود التي لا تتجسّد في قضية الإسكان.
عندما تجتمع ميزتان أو أكثر في قضية من القضايا، فإنها لا بد أن تأخذ مكاناً مهماً، وإن لم يكن على الصفحة الأولى، هذا هو حال قضية الأراضي والصكوك التي نقرأ عنها كل يوم مع تفاقم أزمة الإسكان وتراجع توقعات المواطن.
يهتم الناس بالقضية لأنها مصيرية للأسرة، ولأنها غريبة الحدوث في بلد نسبة كثافة السكان فيه لا تتجاوز 14 شخصاً لكل كيلو متر مربع، ولأن الحديث عن فساد في إصدار الصكوك أصبح متداولاً بشكل يجعل المرء متأكداً أن هناك حالات لم تكشف ولا بد من إجراء حيالها.
عندما سأل القاضي، كاتب العدل عن نظمه لصكين على أرض مساحتها ملايين الكيلو مترات، أجاب بأنه فعل لعدم وجود آلية للتأكد من عدم صدور صك سابق، وأجاب كاتب الضبط، أنه لم يضبط الصك لأنه كان مشغولاً، وأجاب موظف الأرشيف بأنه لم يعترض على الصك الجديد من قبيل السهو، وأجاب رئيسه بأن وظيفته لا علاقة لها بالتأكد من صحة المعلومات التي تصدر عن المكتب وإنما دوره يتلخص في تحضير الموظفين.
قد يأتي أحدهم في يوم من الأيام ومعه راقٍ شرعي.
المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2014/11/04/article_902507.html