لم تتراجع كل من إسرائيل وحركة حماس خطوة واحدة إلى الوراء في اليوم الخامس للحرب، فقد استهدف الجيش الإسرائيلي مواقع متعددة في غزة مخلفا أكثر من 25 قتيلا، بينما قصفت الحركة مدنا إسرائيلية عدة، أهمها ديمونا، التي تضم المفاعل النووي الإسرائيلي. وبينما ارتفع إجمالي الضحايا في القطاع خلال الأيام القليلة الماضية إلى 130 قتيلا ونحو ألف جريح، أنهى الجيش الإسرائيلي استعداداته لعملية برية في القطاع، وسط معارضة قائد سلاح الجو.
وواصل الجيش الإسرائيلي أمس مهاجمة غزة بوتيرة عالية، وضرب مزيدا من منازل الناشطين والمسؤولين الفلسطينيين هناك. وقال موقع «واللا» العبري إن سلاح الجو يعمل وفق «خارطة الألم» التي وضعتها أجهزة الاستخبارات والشاباك (جهاز الأمن الداخلي)، وتقسم قطاع غزة إلى مربعات، تشمل أهدافا حساسة، ويعد تدميرها «مصدر ألم كبير» لحماس وبقية الفصائل.
وشمل القصف، أمس، منازل ومسجدا وجمعية «المبرة» الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، وأدى إلى وفاة معاقتين من الفتيات. وأصدر الجيش الإسرائيلي بيانا أمس قال فيه إنه تمكن من ضرب «عشرة نشطاء إرهابيين، بينهم ستة، شاركوا بشكل مباشر في إطلاق الصواريخ على إسرائيل وقت الاستهداف».
وأضاف البيان أن القصف استهدف 68 منصة لإطلاق الصواريخ و21 مجمعا للنشطاء الفلسطينيين و18 منشأة لصنع الأسلحة، وأن النشطاء أطلقوا قرابة 700 مقذوف على إسرائيل. وقتلت إسرائيل في اليوم الخامس أكثر من 25 فلسطينيا بينهم أطفال ليرتفع العدد منذ بداية العدوان إلى أكثر من 130 قتيلا وألف جريح.
وأدى القصف العنيف على غزة إلى إجلاء العشرات من مستخدمي الوكالات الدولية المختلفة من حملة الجنسيات الأجنبية عبر معبر إيريز، على أن يغادر البقية خلال الأيام القليلة. وقالت دائرة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية إنها وافقت على خروج نحو 800 فلسطيني يحتفظون بجنسيات أجنبية من القطاع، استجابة لمراجعات بهذا الشأن من الولايات المتحدة وأستراليا وتركيا وعدة دول أوروبية.
وفي المقابل، أطلقت حماس والجهاد وفصائل أخرى، صواريخ على مدن إسرائيلية، أهمها مدينة ديمونا، بعد أن أصابت صواريخ سابقة مدينتي تل أبيب وحيفا. وقالت مصادر إسرائيلية إن رشقة من الصواريخ أطلقت من قطاع غزة باتجاه بئر السبع وديمونا ويرحام وأشكول ونتيفوت جنوب إسرائيل.
وأعلنت كتائب القسام استهداف مدينة ديمونا النووية بثلاثة صواريخ «إم 75» وقاعدة التنصت أوريم، بثلاثة صواريخ «غراد»، إضافة إلى قصف حشودات عسكرية شرق المنطقة الوسطى لغزة، بصاروخي 107، كما سقطت ثلاثة صواريخ في منطقة مفتوحة بالمجلس الإقليمي «اشكول»، وآخر في منطقة مفتوحة في بئر السبع.
وفي وقت لاحق أمس سُمع دوي انفجارين في القدس بعيد إطلاق صفارات الإنذار في المدينة.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أطلقت تسعة صواريخ منذ منتصف ليل الجمعة – السبت من غزة على إسرائيل اعترضت منظومة «القبة الحديدية» اثنين منها. ومنذ بداية الهجوم أطلق 530 صاروخا من غزة دمر 140 منها في الجو، بينما أدت الصواريخ إلى جرح نحو عشرة إسرائيليين.
من جانبها، أعلنت السفارة الأميركية أنها نقلت أفراد ممثليتها في بئر السبع إلى مدينة هرتسيليا خشية على حياتهم، وأعطت السفارة الأميركية لدى إسرائيل تعليماتها لموظفيها بتحاشي مغادرة منطقة تل أبيب الكبرى باتجاه الجنوب، إلا بموافقتها.
وفي غضون ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون إن إسرائيل تستعد لفترة طويلة من القتال، وأضاف بعد جلسة مع كبار مسؤولي الدوائر الأمنية لتقييم الأوضاع أمس: «إن حماس وباقي التنظيمات الإرهابية في غزة تكبدت خسائر فادحة، ويجب أن تفهم أن سلوكها سيعود بالضرر على أبناء شعبها».
وتابع: «إسرائيل ستواصل تسديد ضرباتها للتنظيمات الإرهابية إلى حين استعادة الهدوء والأمن.. سنستمر في تدمير أهداف ذات مغزى تابعة للحركة ومنظمات إرهابية أخرى، حتى يعود الأمن والهدوء للمنطقة الجنوبية خصوصا، وإسرائيل عموما».
وطلب الجيش الإسرائيلي، أمس، مزيدا من التعزيزات حول غزة، في مؤشر على نيته الدخول في عملية برية، وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، بأن الجيش أكمل استعداداته للعملية، ولم يبقَ إلا انتظار صدور تعليمات رئيس الوزراء ووزير الدفاع.
ويقول الجيش إنه عبأ نحو 30 ألفا من جنود الاحتياط، بينما صرح المتحدث باسم الجيش الجنرال الموز موتي للإذاعة العسكرية أمس: «نستعد للمراحل التالية في العملية، كي تكون القوات جاهزة لدخول الميدان». وتابع: «نأخذ في الاعتبار جميع التشعبات، وكل ما ينبغي فعله».
وفي سياق متصل، أكدت مصادر إسرائيلية أن هناك «شبه إجماع» بين أعضاء هيئة الأركان العامة للجيش حول ضرورة إطلاق العملية البرية لتوجيه ضربة حاسمة لبنية حماس التحتية، لكن قائد سلاح الجو ورئيس الشاباك السابق عارضا ذلك.
وفي الضفة الغربية، توسعت المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بشكل لافت تضامنا مع قطاع غزة، واندلعت مواجهات عنيفة استمرت حتى فجر أمس في مناطق مختلفة في الضفة على تماس مع الإسرائيليين.
المصدر: رام الله: كفاح زبون – الشرق الأوسط