كاتب وصحفي سعودي
كل شخص يهتم بأمر سيارته يقوم بعمل صيانة دورية لها. يطمئن على سلامة محركها ويعاين زيتها ومكابحها. يتفقد إطاراتها. وكلما حرص على صيانة هذه السيارة استمرت في عطائها وأدائها كما يتمنى وأكثر. يمارس كل منا هذا الدور حتى تبقى سيارته معه أكبر قدر من السنوات دون أن تئن وتتوجع وتحتضر ثم تقف هذه الآلة ونعاني أجمعين.
يعتني الكثير منا بالسيارة بإخلاص وجدية. لكن هل سألنا أنفسنا هل نقوم بدور مشابه مع من هم أعظم وأغلى وأثمن في حياتنا وهم أحبتنا: آباؤنا وزوجاتنا وأبناؤنا وإخواننا. هل نقوم بعمل صيانة دورية لأرواحهم ومعنوياتهم ونفسياتهم؟ هل نختلي بهم ونتحدث معهم ونطمئن على حياتهم ومشاريعهم وصحتهم. هذه النقاشات الحميمية بوسعها أن تجنبنا انفجارات ومشكلات وأزمات كبيرة. كل روح من هؤلاء تحتاج إلى صيانة دورية. كل شخص يحتاج إلى اهتمام ورعاية وحوار خاص بيننا وبينهم بين الحين والآخر.
إهمال هذا الحوار سيؤدي إلى انقلاب في حياتنا قد يؤدي إلى مآسٍ لا تحمد عقباها. تخيلوا أن نقطع الفيافي والقفار بسيارات لم تتذوق طعم الزيت أو الوقود. لن تصل. ستتعثر وتتوقف. هذا هو حال الآلة، فماذا هو حال البشر الذين يحتاجون إلى الكثير من زيت المشاعر الإنسانية، ووقود الرعاية الخالصة؟ ننتظر من أحبتنا أن يحققوا مآربنا ويثلجوا صدورنا ويغمروا قلوبنا بإنجازاتهم ووصلهم ونحن لا نوفر لهم الحد الأدنى من الاهتمام الذي يجعلهم يمضون وينطلقون.
بنو آدم، أكثر حاجة من الآلات لاهتمامنا وأوقاتنا وعنايتنا؛ ليتألقوا ويواصلوا مسيرتهم بحماس وحيوية. فهم كتل من المشاعر تحتاج إلى صيانة خاصة تمنحهم الفرصة ليعبروا عن احتياجاتهم وآمالهم ومعاناتهم.
لا ينبغي أن تخدعنا ابتسامتهم المشرقة فربما تخفي خلفها حمما بركانية من الألم تتحين الفرصة لتنفجر وتجرفنا.
لن نستطيع أن نحافظ على أحبتنا وهم مكاسبنا الحقيقية في هذه الحياة سوى عبر تخصيص وقت مخصص للبوح لهم ومعهم. والوقوف على مشكلاهم ومحاولة علاجها.
يحزنني أننا أصبحنا في زمن نهتم فيه بالأجهزة أكثر من البشر. إذا فقدت الجهاز فقد تستطيع تعويضه، وإنما إذا خسرت روحا فستتحسر عليها؛ لأنها ذهبت ولن تعود إليك.
المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2014/08/17/article_877434.html