كاتب وإعلامي سعودي
في الاجتماع الأخير للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، الذي عقد هذا الأسبوع، أقر المجلس مجموعةً من القرارات المهمة التي ستشكل وجه العاصمة الرياض في الأعوام المقبلة، منها بعض القرارات الخاصة بإنشاء مجموعة من الطرق الدائرية، وإنشاء متنزه ضخم، إضافة إلى إنشاء ضاحيتين في شرق وشمال المدينة؛ لتخفيف الضغط على وسط المدينة.
مثل هذا القرار بإنشاء ضواحٍ سكنية في الأطراف إذا ما تم الشروع فيه بسرعة؛ فسيكون من المشاريع الجبارة التي سيكون لها انعكاسات إيجابية على العاصمة من نواح عدة.
فكلنا يتذكر المراسيم التي أصدرها الملك سلمان بن عبدالعزيز قبل أشهر، ومن ضمنها رصد 20 بليون ريال؛ لإيصال الخدمات من مياه وكهرباء إلى أراضي المنح في المملكة، والأراضي الممنوحة في شرق وشمال الرياض – للأسف – لم يستفد منها بالشكل المطلوب في حل أزمة الإسكان في العاصمة أو المساعدة في حلها، ونحن نعرف أن هناك مساحات محاطة بالخدمات داخل المدينة، ولكن أصحابها، لأسباب كثيرة، لا يريدون أن يطوروها، ونظام الضريبة عليها يبدو أنه يسير بشكل بطيء، وقد يستغرق إقراره أعواماً، لذا فإن إقامة مثل هذه الضواحي السكنية في الأطراف هو أحد الحلول لمجابهة هذه الأزمة، فما الفائدة في أن يمنح المواطنون أراضي سكنية في الأطراف ولا توجد فيها خدمات أساسية، فمنهم من يتركها للشمس ويأمل بأن تصل إليها الخدمات في الأعوام المقبلة، ومنهم من يضطر إلى بيعها للهوامير بأبخس الأثمان، أعتقد أن خطوة إقامة هذه الضواحي في المدن الرئيسة قد تكون أحد الحلول العملية لمعالجة أزمة الإسكان، ولاسيما لأصحاب المداخيل المحدودة.
وبإقامة هذه المشاريع الإسكانية بالفعل سيخف الضغط على وسط العاصمة، التي تعاني من ازدحام في كل المرافق، فلنأخذ مثلاً مسألة الزحام المروري؛ لنعرف حجم الأزمة، فإذا شرع بالعمل بتلك الضواحي وأشرك القطاع الخاص بتطويرها، وأن تكون هذه الضواحي مخدومة من القطاعات الرسمية؛ من تعليم وخدمات صحية وأمنية، في هذه الحال لن يضطر سكان تلك الضواحي إلى التردد على وسط المدينة، وهذا خيار استراتيجي أخذت به كثير من الدول الأوروبية والعربية.
فبعض العواصم الأوروبية تشبه مدن الأشباح في المساء، لأن معظم العاملين فيها يسكنون في الضواحي، فلماذا لا نستفيد من تجارب تلك الدول التي أثبتت نجاحها؟
إن أسعار الأراضي في مناطق شرق وشمال الرياض رخيصة، فإذا قامت عليها مثل هذه المشاريع الإسكانية فإن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على الكلفة الشاملة لأسعار المنازل في تلك المناطق، والتي ستكون في متناول المواطنين أصحاب الدخول المتدنية.
نحن لا نريد ضواحي سكنية للأثرياء، كما هو معمول به الآن في بعض الشركات العقارية في مدننا الرئيسة، على الدولة ألّا تتردد في إقامة مثل هذه المشاريع، بالتعاون مع بعض المطورين العقاريين، وأن تكون تلك الضواحي السكنية مرتبطة بشبكة مواصلات جيدة، فأنا على قناعة بأن فئة الشباب – وهم الأكثر – في مجتمعنا لن يمانعوا من أن يسكنوا في تلك الضواحي بدلاً من استنزافهم مالياً جراء المبالغ التي يدفعونها للإيجار فترات طويلة.
المصدر: الحياة