تشن إسرائيل، السبت، ضربات جديدة على غزة، في وقت حذرت الأمم المتحدة من أن القطاع الفلسطيني المحاصر بات «مكاناً للموت غير صالح للسكن».
وذكر صحفيون في وكالة فرانس برس، أن ضربات إسرائيلية استهدفت فجر السبت، مدينة رفح في الطرف الجنوبي من قطاع غزة، حيث لجأ مئات آلاف الفلسطينيين في الأسابيع الأخيرة، محاولين الفرار من الاشتباكات.
وفي شمال غزة، حيث أطلق الجيش الإسرائيلي عمليته البرية في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر، تتواصل عمليات القصف.
وقال أحد سكان جباليا (شمال) للوكالة الفرنسية للأنباء، الجمعة، بعد غارة إسرائيلية: «الحي بكامله مدمر ولا أعرف إلى أين سيعود الناس، أين سنعيش؟».
وأضاف: «انظروا إلى هذا الدمار، لكن رغم ذلك سنبقى مصممين، لم نهرب إلى الجنوب أو إلى مكان آخر، بقينا في السكة (جباليا)، حيث كانت منازلنا».
غزة مكان للموت
وحذر منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث، من أن القطاع الفلسطيني المحاصر بات «بكل بساطة غير صالح للسكن»، وقال في بيان: «بعد ثلاثة أشهر على اندلاع الحرب، باتت غزة مكاناً للموت واليأس»، و«يواجه (سكانها) تهديدات يومية على مرأى من العالم».
وأضاف: «حان الوقت ليفي الأطراف بكل التزاماتهم بموجب القانون الدولي، ويشمل ذلك حماية المدنيين وتلبية حاجاتهم الأساسية والإفراج فوراً عن جميع الرهائن».
وتابع غريفيث: «نواصل المطالبة بإنهاء فوري للنزاع، ليس من أجل سكان غزة وجيرانها المهددين فحسب، بل من أجل الأجيال المقبلة التي لن تنسى أبداً تسعين يوماً من الجحيم والهجمات على المبادئ الإنسانية الأساسية».
ووفقاً لليونيسف، فإن المواجهات وسوء التغذية والوضع الصحي دفعت نحو «دورة من الموت تهدد أكثر من 1.1 مليون طفل» في هذا القطاع الذي كان يسوده الفقر حتى قبل بدء الحرب.
وتعهدت إسرائيل بـ«القضاء» على حماس، بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته الحركة على مستوطنات غلاف غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وأدى الهجوم إلى مقتل نحو 1140 إسرائيلياً، وفق تعداد لوكالة فرانس برس، استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية، كما اقتيد نحو 250 شخصاً واحتُجزوا رهائن، ولا يزال 132 منهم داخل القطاع.
وأدى القصف الإسرائيلي على القطاع، مترافقاً مع هجوم بري اعتباراً من 27 تشرين الأول/ أكتوبر، إلى مقتل 22600 شخص، غالبيتهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
«آتٍ لا محالة»
وشددت إسرائيل على أن عمليتها في غزة ستستمر حتى «عودة» الرهائن و«القضاء» على قدرات حماس العسكرية التي لا تزال «كبيرة»، وفق الولايات المتحدة.
وحذر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري من أن «2024 سيكون عام القتال»، مشيراً أيضاً إلى «مستوى عالٍ جداً من الاستعداد» للقوات على الحدود مع لبنان، والتي باتت مسرحاً لتبادل قصف يومي مع حزب الله منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر.
وازدادت الخشية من اتساع النزاع، فقد قتل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري بضربة في الضاحية الجنوبية لبيروت، الثلاثاء، اتهمت الحركة وحزب الله والسلطات اللبنانية إسرائيل بتنفيذها.
وجدّد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الجمعة، التأكيد أن الرد على اغتيال العاروري «آتٍ لا محالة»، وأن مقاتلي الحزب «على الحدود» هم الذين سيردون.
وكثف الحوثيون في اليمن هجماتهم على سفن تجارية في البحر الأحمر، بينما تستهدف مجموعات أخرى في العراق وسوريا القوات الأمريكية المتمركزة في البلدين باستخدام صواريخ ومسيّرات.
والخميس قُتل قيادي عسكري وعنصر في أحد الفصائل العراقية في قصف أمريكي استهدف مقراً للحشد الشعبي في بغداد.
وفي هذا السياق، من المقرر أن يجري مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، محادثات مع مسؤولين في لبنان نهاية هذا الأسبوع.
غزة بعد الحرب
وعرض وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الخميس، للمرة الأولى خطة لما بعد انتهاء الحرب، لا يكون بموجبها لحماس أي دور في شؤون حكم القطاع.
بموجب هذه الخطة، لن تكون في القطاع الفلسطيني بعد انتهاء القتال «لا حماس» ولا «إدارة مدنية إسرائيلية».
وشكّل الحديث عن «اليوم التالي» للقطاع، وإدارته المدنية والعسكرية، بنداً رئيسياً في النقاشات الدائرة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وبقيت التساؤلات عن شكل إدارة القطاع، خصوصا بشقّها الأمني، دون إجابات واضحة.
وكشف غالانت الخطوط العريضة لهذه الخطة قبل أن يقدّمها إلى المجلس الوزاري الحربي برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقال الوزير لصحفيين، إنّه وفقا لهذه الخطة، فإنّ العمليات العسكرية «ستستمر» في غزة إلى حين «عودة الرهائن» و«تفكيك القدرات العسكرية والحكومية لحماس» و«القضاء على التهديدات العسكرية في قطاع غزة».
وأضاف أنّه بعد ذلك تبدأ مرحلة جديدة هي مرحلة «اليوم التالي» للحرب، والتي بموجبها «لن تسيطر حماس على غزة».
وأكد غالانت، الخميس، أنّه بموجب خطته «لن يكون هناك وجود مدني إسرائيلي في قطاع غزة بعد تحقيق أهداف الحرب»، وأن هذه الخطة تقضي مع ذلك بأن يحتفظ الجيش الإسرائيلي بـ«حرية التحرّك» في القطاع للحدّ من أيّ «تهديد» محتمل.
وشدّد على أنّ «سكّان غزة فلسطينيون، وبالتالي فإنّ كيانات فلسطينية ستتولى (الإدارة) شرط ألا يكون هناك أيّ عمل عدائي أو تهديد ضدّ إسرائيل».
ولم يحدّد غالانت الجهة الفلسطينية التي يتعيّن عليها، وفقاً لخطّته، أن تدير القطاع المحاصر البالغ عدد سكّانه 2.4 مليون نسمة.
وقال زياد عبده، 60 عاماً، وهو فلسطيني فرّ من القتال إلى رفح: «المستقبل سيكون إعادة الإعمار خصوصاً، انظروا إلى المستشفيات المدمرة، والمدارس المدمرة، لم يتبق شيء».
المصدر: الخليج