كاتبة سعودية
لم ينسَ الكثيرون المقطع المصور على اليوتيوب لعضوي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذين تهجما فيه على شاب سعودي في أبها بالاعتداء وصفعه دون معرفة الأسباب التي لا تبدو في ذلك المقطع واضحة، جاء بعده توجيه رئيس الهيئة الدكتور عبداللطيف آل الشيخ مشكورا بإعادة التحقيق فيه من قبل لجنة في الهيئة وعدم قبول نتائج التحقيق الذي أجراه فرعها في عسير، ولم يمر وقت كافٍ على ذلك حتى نقرأ عن اعتداء ثلاثة من منسوبي الهيئة بالرياض على مواطن في مؤسسته وتناقلته صحيفة “سبق” الإلكترونية مع بعض الصور المؤسفة التي صورت ما تعرض له المواطن من ضرب مبرح على جسده ووضع “الكلبشات” في قدميه أثناء الذهاب به إلى المستشفى نتيجة الاعتداء عليه في مركز الهيئة بعد اقتياده إليه، لأنه كان يصلي صلاة العشاء في المؤسسة مع موظفيه لتعذر ذهابهم إلى المسجد لعدم قربه من محل عملهم!
بصراحة شديدة، أيا كانت الأسباب، فإن التهجم بالضرب على أي شخص أمر مرفوض رفضا باتا ولا يمكن قبوله، لأن المسألة تتعلق هنا بكرامة الإنسان سواء كان مواطنا أو مقيما، ثم إن عمل أعضاء الهيئة التوجيه والتبليغ وليس ضرب الناس بأيديهم وإجبارهم على اجتهاداتهم الشخصية بعنف، فهم موظفو دولة أولا وأخيرا، لا يجوز لهم استغلال سلطتهم ومكانتهم، وواجبهم خدمة المواطن والحفاظ على مصالحه وكرامته.. ولذلك فإن نتيجة هذه التصرفات غير المسؤولة من بعض منسوبي الهيئة هي السبب الذي أدى إلى سوء العلاقة بينها وبين كثير من الشرائح، لأن أيا منهم قد يقع محل شك وسوء تصرف ويجدون أنفسهم محل اتهام فيما لا يعرفون عنه شيئا!
حتما؛ الدكتور آل الشيخ ومنذ ترأس الهيئة قاد منسوبيها تجاه الاعتدال ونبذ الاجتهادات الحماسية كمطاردة الناس والتسبب في حوادث مأساوية لها ضحايا، وحتما لن يرضيه تجاوز بعض منسوبيه في جهازه إلى إهدار كرامة الناس بالاعتداء عليهم لأن من يتم التعرض لهم يسألون السؤال المشروع: “ماذا فعلت؟” كما فعل الشاب في أبها ليفاجأ بصفعة على وجهه، ودون شك أن توجيه رئيس الهيئة محمود وواجب بعمل تحقيق فيما تعرض له المواطن من اعتداء لإعطائه حقه وإنصافه ومعاقبة أفراد الجهاز في ظلّ ثبوت إدانتهم بعد ظهور نتائج التحقيق، ولكن في مثل هذه القضايا ينبغي أن تقوم جهة محايدة خارج الهيئة بعمل التحقيق حتى تكون النتائج أيضا محايدة، وأيا كانت الأخطاء التي اقترفها المواطن أو الشاب يجب محاسبة أعضاء الهيئة الذين قاموا بهكذا تصرف، مع التشديد بعدم تكرار ذلك على زملائهم، لأن كرامة المواطن والمقيم خط أحمر.
المصدر: الوطن أون لاين