كاتب - مستشار إعلامي
لست من أولئك الذين يريدون ركوب موجة العاطفة في موضوع ضم المبتعثين الدارسين على حسابهم؛ إذ إنني أثق بأن الحكومة ممثلة في وزارة التعليم لن تقف في يوم من الأيام حجر عثرة في طريق شاب أو فتاة يرغب في إتمام التعليم العالي داخل المملكة أو خارجها، وفقا لاشتراطات واضحة ومحددة شاهدناها في حزمة الاتفاقيات التي وقعتها الوزارة مع عدد من الجهات، والتي أسفرت عن برنامج أعتبره عبقريا اسمه “وظيفتك بعثتك”. البرنامج يتلافى تأجيل مشكلات البطالة، ويضع حلولا لها قبل أن يحل موعد تخرج هذا الطالب أو ذاك.
لكن هذه الشفافية والأفق الأبيض الذي فتحته الوزارة من خلال هذا المشروع المميز، صاحبه في المقابل عدم وضوح وغموض في التعاطي مع مشكلة المبتعثين على حسابهم. إذ جرت العادة بضم من يذهب لبضعة أشهر للدراسة في الخارج، وفجأة تغيرت المسألة وأصبح هذا الأمر عسيرا. ولا شك أن هناك مبررا لدى الوزارة، وهو مبرر له صدى مقنع عند عدد من المهتمين، لكن وزارة التعليم في الغالب تؤثر الصمت، ولا تقول للناس لماذا لا يتم قبول هؤلاء أسوة بمن سبقهم؟!
إنني أتمنى على وزارة التعليم أن تصدر بيانا تؤكد فيه أنها لن تقبل أن تضم طالبا اتجه للدراسة برغبته الشخصية. ولكن بعد أن تعمد إلى معالجة أوضاع المبتعثين الحاليين إما بضمهم إلى مشروع “وظيفتك بعثتك”، أو حتى بالإعلان بكل شفافية عن أسباب عدم القبول، كأن تقول إنها لم تقبل 100 أو 200 طالب لأنهم أمضوا أكثر من عامين دون أن يجتازوا اللغة، أو أن 500 لم يتمكنوا من الحصول على قبول في جامعات معترف بها في خلال المهلة المحددة.. إلى آخره.
لقد قلت في مطلع مقالي إنني لا أميل إلى العاطفية غير المنضبطة، ولكنني أتطلع إلى فرز الحالات ووضعها في بيان إحصائي، يوضح عدد المقبولين بشكل تلقائي، وعدد الذين سيتم ضمهم للبرنامج الجديد، وعدد الذين سيعودون لأن كل إنسان ميسر لما خلق له، وهؤلاء حتى إن كانت عائلاتهم تأمل أن يتميزوا، إلا أن إمكاناتهم قد تؤكد أن وجودهم بقرب عائلاتهم أجدى من الاستمرار في الإخفاق خارج الديار.
المصدر: الاقتصادية