«ضوء قارئ للدماغ».. لإبقائه في حالة التركيز

منوعات

طور العلماء جهازا يوظف الضوء لقياس مستوى التركيز في مخ الإنسان، ويمكنه التعرف على حالة الضجر أو الإنهاك، وعندها يغير المهمات لجعل المخ أكثر تركيزا.

ويتحدث أحد الذين جربوا الجهاز في مجلة «نيو ساينتست» البريطانية ويقول إنه «بنقرة واحدة على الماوس يمكنني فتح الطريق أمام طائرة (الدرون 4)، وهي واحد من خمسة أجهزة محلقة ضمن لعبة، توجد تحت سيطرتي، يتجه كل واحد منها إلى وجهة مختلفة، إذ إن مساراتها الجوية قد تقررت، والتحليق الأوتوماتيكي قد أعد، وبات هو المتحكم، ولذا شرع دماغي يرتاح في لحظة من الهدوء والسكينة. لكن الآلة هذه التي تراقب دماغي تلاحظ هدوءا مؤقتا، ولذلك فإنها تقرر أن بمقدوري تنفيذ المزيد، فتطلق طائرة (درون) جديدة في الزاوية الجنوبية الشرقية من الخريطة».

ومن شأن هذا البرنامج أن يبقي على العقل في حالة تركيز شاملة تعرف بالتدفق، أو «البقاء في منطقة النشاط». ولدى انخفاض مستوى العمل، يلاحظ البرنامج أن الانتباه والتركيز أخذا يفتران ويتشتتان، فيقوم بإطلاق المزيد من طائرات «درون» للتعامل معها، فإذا ما تحول الإنسان إلى مراقب جوي منهك وفاشل، يقوم الكومبيوتر بإخفاء واحدة من طائرات «درون» تلك، من دون إثارة انتباهه.

* نبضات ضوئية
يقوم النظام برصد عبء العمل عن طريق ضخ النبضات الضوئية في قشرة الفص الجبهي للدماغ بمعدل 12 مرة في الثانية. وكمية الضوء الذي يمتصها أو يعكسها كل من الهيموغلوبين المشبع بالأكسجين في الدم أو غير المشبع بالأكسجين، توفر مؤشرا حول مدى انشغالنا عقليا. فالعقول العاملة بكد وجهد تتطلب المزيد من الدم المشبع بالأكسجين، وبذلك تتغير كيفية امتصاص الضوء. ويقوم البرنامج الكومبيوتري بتفسير الإشارات الصادرة عن هذه المهمة القريبة من التحليل الضوئي للأشعة تحت الحمراء، وبالتالي استخدامها لتكليف الشخص المعني بالقدر المناسب من الأعمال.

ويشرف دان أفيرغان، الذي يشرف على دراسة في جامعة تفتس في ميدفورد في ولاية ماساشوستس الأميركية، على التجارب التي يتطلب القدر الكبير من الرصد الدماغي فيها شبكة من كابلات الألياف الضوئية، مع مجموعة من مصابيح الصمامات الثنائية الباعثة للضوء (إل إي دي) الملصقة على جبهة ممارس اللعبة. وتحول الكابلات المتدلية من الرأس إلى علبة تقوم بتحويل الإشارات الضوئية إلى كهربائية. ولا يتوجب أن تكون نظم التحليل الضوئي للأشعة تحت الحمراء بهذا الحجم الكبير، إذ قام فريق برئاسة صوفي بايبر من جامعة شارتي للطب في برلين، ألمانيا، باختبار جهاز يحمله الدراجون في برلين في أوائل العام الحالي. وهي المرة الأولى التي يجري فيها اختبار التحليل الضوئي للأشعة تحت الحمراء خلال النشاطات الخارجية.

* توظيف نظارة «غوغل»
ولا ينوي أفيرغان أن يحصر نشاطه بالمختبرات فحسب لفترة طويلة. فهو يدرس أساليب لدمج قياس النشاط الدماغي في كومبيوتر «غوغل غلاس» الذي يوضع على الرأس. وثمة مختبر قريب من عمل الأخير يملك نموذجا أوليا لنظام التحليل الضوئي للأشعة تحت الحمراء مركبا على شريحة يمكن وضعها مع قليل من التحسينات في جهاز يركب على الرأس. ويقول أفيرغان في هذا الصدد «إن نظارة (غلاس) موجودة سلفا على الجبين، فلا داعي إلى جهد كبير لكي نتصور تبييت النظام هذا في رباط للرأس». ويعمل أفيرغان على نظام ملاحي بنظارة «غلاس» لاستخدامها في السيارات التي تستجيب إلى مستوى التركيز لدى السائق. فلدى التركيز كثيرا تقوم نظارة «غلاس» هذه بتبيان التعليمات الرئيسة فقط، أو ربما توفر الإرشادات الصوتية فقط. وعندما يقوم السائق بالتركيز أقل لدى قيادته السيارة على طريق مستقيم تقوم «غلاس» بتأمين المزيد من التفاصيل عنها. ويخطط الفريق أيضا لاعتماد برنامج المساعدة الرقمية من «غوغل ناو»، لتركيبه على «غلاس»، بحيث يقدم التعليمات والملاحظات عندما يكون للعقل متسع لذلك. والدخول إلى عقل السائقين بات أمرا ملحا، وفقا لإيرن سولوفي عالم الكومبيوتر في جامعة دريكسل في فيلادلفيا، في ولاية بنسلفانيا، فالعديد من السيارات باتت مجهزة بنظم أوتوماتيكية للتحكم بها بصورة كيفية وإبقائها في المسار الصحيح ولدى ركنها في المواقف. ومثل هذه الأمور قد تساعد كثيرا، لكنها في الوقت ذاته تؤدي إلى مخاطر عندما لا يبقى السائق مركزا على عمله نظرا إلى اعتماده على عامل الأتمتة.

المصدر: لندن- «الشرق الأوسط»