طالب خبراء وقانونيون بتفعيل اللوائح الاتحادية، التي صدرت أخيراً، لتنظيم استخدام الطائرات بدون طيار (درونز)، بعد «تسببها في تعطل حركة الطيران» في دبي، واتهامها بـ«انتهاك خصوصيات اجتماعية من خلال تزويدها بكاميرات تصوير»، لافتين إلى احتمالية تسببها في حوادث كبرى.
وأكدوا ضرورة «تغليظ العقوبات بحق المخالفين، وتشديد الرقابة على هذه الأنشطة الترفيهية، لمنع تكرار حوادثها».
وقال خبير إن هذا النوع من الطائرات تسبّب في تعطيل حركة الطيران بمطار دبي الدولي مرتين، «مخلّفاً خسائر باهظة»، فيما قال قانوني إن مستخدم هذه الطائرات غير محميّ من العقوبة، حتى إن لم يُصَغ بعدُ تشريع ينظم استخدامها».
وبينت جولة لـ«الإمارات اليوم» في أسواق عدة بالدولة، أن هذه الطائرات تباع في المتاجر بأسعار زهيدة، وبعضها مزود بإمكانية التحليق لمسافات مرتفعة جداً، تقترب من مستوى إقلاع وهبوط الطائرات.
وتعرض مواقع تسوق إلكترونية طائرات مزودة بكاميرات تملك القدرة على التصوير من مسافات مرتفعة، ما عدّه البعض وسيلة لانتهاك حرمة المنازل وتصوير رواد الشواطئ.
وفي التفاصيل، أثارت واقعة إغلاق المجال الجوي لمطار دبي، بسبب ظهور طائرة بدون طيار (درونز)، ردود فعل مطالبة بتفعيل التشريع المنظم للهو بهذه الطائرات، بعد تسببها في خسائر كبيرة، وتهديدها سلامة الطيران.
وتقول الهيئة العامة للطيران المدني على موقعها الإلكتروني، إنه «يتوجب على مستخدمي الطائرات بدون طيار في الدولة أن يتقدموا بطلبات التسجيل لديها»، مشيرة إلى أن قرار تسجيل «الطائرات بدون طيار»، دخل حيز التنفيذ منذ الأول من فبراير الماضي.
ونشرت الهيئة على موقعها روابط لتسجيل الطائرات بدون طيار (الطائرات الموجهة)، تشمل المتعاملين والشركاء، فضلاً عن الموردين، تتضمن مختلف التفاصيل المتعلقة باستخدام هذه الطائرات ونوعيتها، إضافة إلى توفير المعلومات الخاصة بالمستخدمين والمناطق الجغرافية.
وقال المدير العام للهيئة، سيف السويدي، في تصريح سابق لـ«الإمارات اليوم»، إن «هناك غرامات مترتبة على المخالفين وفق قانون الطيران المدني في الإمارات، الذي يوضح الجانب الجزائي في هذا الإطار في حال عدم الالتزام بتسجيل الطائرات واستخدامها وفق الغرض المحدد، ضمن الشروط الواجب الالتزام بها أثناء تشغيل الطائرات بدون طيار».
وذكر أن «الهيئة أكدت بوضوح أنه لا يمكن تركيب أجهزة تصوير ووضع الكاميرات على الطائرات بدون طيار إلا بموجب رخصة خاصة».
وبيّن السويدي أن «الهيئة أعدت ونشرت تشريعات اتحادية حول أنظمة (الطائرات بدون طيار) تنص على ضرورة الالتزام بالمتطلبات الوطنية لمشغّليها، وتحدد الأنشطة المحظورة ذات الصلة»، مؤكداً أنه «لا يجوز الطيران فوق إقليم الدولة بطائرات مجهزة بآلات التصوير الجوي، أو استعمالها، إلا بتصريح مسبق من الهيئة».
جولة بالأسواق
وعلى الرغم من هذه التشريعات، إلا أن تجارة هذه الطائرات لا تخضع لأي رقابة، ويمكن لأي شخص اقتناؤها، واللهو بها على مسافات مرتفعة تقترب من المجال الجوي لإقلاع وهبوط الطائرات، وفق جولة لـ«الإمارات اليوم» في أسواق تبيع هذا النوع من الطائرات.
وبينت الجولة، التي شملت مراكز تسوق كبرى في دبي والشارقة وعجمان، أن تشغيل هذه المعدات لا ترافقه شروط أو اعتبارات، مثل عمر المستخدم، أو ما يؤكد قدرته على تشغيلها.
كما كشفت أن «أسعار هذه الطائرات زهيدة وفي متناول مختلف شرائح المجتمع، إذ تبدأ من 300 درهم وتصل إلى 4100 درهم». كما أنها مزودة بأجهزة تصوير حديثة جداً، تملك القدرة على التصوير من ارتفاعات كبيرة وبدقة عالية، ما عدّه مواطنون ومقيمون خطراً كبيراً، إذ يمكن أن تنتهك خصوصيات المنازل وحدائق النساء ومناطق السباحة.
تعويضات وعقوبات
ويعلق المحامي والمحكم الدولي، عبدالله آل ناصر، بأن اللهو بهذه الطائرات لا يعفي مستخدمها من العقوبات والملاحقة القانونية.
وأوضح أن «القانون المدني هو الأصل العام في التعاملات، وإذا تسببت الطائرات، في أي ضرر، فإن المستخدم ملزم بالتعويض وفقاً للمادة 212 من القانون المدني».
وتابع: «إذا كان الفعل الذي ارتكبه مالك الطائرة يشكّل جريمة جنائية، فإنه يتم الرجوع لقانون العقوبات».
وأكمل آل ناصر: «في حال كانت الطائرة مزودة بكاميرات يستطيع من خلالها المستخدم تصوير الحياة الخاصة للغير، فذلك يعد انتهاكاً لخصوصية الآخرين، وتطبق عليه عقوبات محددة في المرسوم بقانون اتحادي رقم (5) لعام 2012، في شأن محاكمة جرائم تقنية المعلومات»، موضحاً أن «هذا القانون يشدد في الغالب مجمل العقوبات على الجرائم التي يتم ارتكابها بوساطة تقنية المعلومات».
تعطيل طائرات
ووفق بيانات لمطارات دبي، فإن الطائرة التي عطلت المجال الجوي لمطار دبي، أول من أمس، (69 دقيقة)، تسببت في تحويل 22 رحلة جوية إلى مطار آل مكتوم الدولي في دبي، كما تسببت في تأخر إقلاع رحلات عدة.
وفي يناير من العام الماضي، تسببت طائرة مشابهة في تعليق حركة الطيران في مطار دبي لمدة ساعة، مخلّفة خسائر كبيرة، ومتسببة في تعطيل أعداد كبيرة من مسافري الترانزيت، وتأخير الرحلات المجدولة.
وقال المدير العام المساعد لقطاع سلامة الطيران في الهيئة العامة للطيران المدني، إسماعيل البلوشي، لـ«الإمارات اليوم» إنه «لا يمكن ممارسة أي نشاط للطائرات من دون طيار إلا بموافقة مسبقة من السلطات»، لافتاً إلى أن «استخدامها بشكل مخالف يعرّض المستخدم للمساءلة القانونية من قبل الجهات المختصة»، موضحاً أنه «لم يصدر أي ترخيص لنشاط طائرة من دون طيار في المناطق القريبة من المطار ولأي أغراض».
وذكر أنه «يمنع استخدام أو ممارسة الأنشطة المتعلقة بالطائرات بدون طيار أو طائرات التحكم، في محيط خمسة كيلومترات من المطارات، والالتزام بالطيران على مدى الرؤية الأفقية والعمودية، وبعيداً عن المباني والأحياء السكنية، وعن التجمعات وعن الممتلكات العامة والخاصة»، محذراً من تزويد الطائرات بدون طيار بأي نوع من أنواع الكاميرات أو أجهزة الإسقاط أو الليزر.
وأوضح أنه من أهم إجراءات السلامة الواجب اتباعها عند ممارسة أنشطة الطائرات بدون طيار، أن تستخدم في الأماكن المختصة والمعتمدة، وأن تكون المنطقة المستخدمة بعيدة عن النطاق العمراني والمطارات المعتمدة في الدولة، وكذلك التأكد من خلو المجال الأرضي لمنطقة الطيران من أي أشخاص، وألا يكون الوقت ليلاً، إذ يمنع الطيران الليلي.
وفي سياق متصل، قال مدير إدارة أمن الطيران والتحقيق في الحوادث الجوية بهيئة دبي للطيران المدني، محمد عبدالله لنجاوي، إن «برج التحكم وأنظمة الرادار يتوليان مراقبة الأجواء في مطار دبي لمنع تكرار مثل هذه الوقائع الجوية»، مضيفاً أنه «يمنع استخدام وممارسة أنشطة الطائرات بدون طيار دون الحصول على ترخيص، كما يحظر استخدام هذه الطائرات في محيط المطارات وغيرها من المناطق التي تحددها سلطات الطيران المدني».
المصدر: الإمارات اليوم