باحث إماراتي
نظرة سريعة من القارئ لعنوان المقال تدفع باتجاه التساؤل عن حقيقة الأمر، خاصة أن تحديد طريق الجنة يتجاوز البشر ويقتصر على مشيئة رب البشر، وذلك باتباع أوامره وتجنب نواهيه. في السطور التالية نحاول تبيان الأمر وكيف أن لكل فريق قراءته.
بدايةً حين نتحدث عن الرئيس حسن روحاني وما قاله في هذا الصدد، فإنه يعكس هنا ما يدور في خلجات شريحة عريضة من المجتمع الإيراني، شريحة لديها ملاحظاتها واستياؤها الكبير من أداء رجال الأمن وطريقة تطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع الإيراني، حيث يقوم بذلك رجال بلباس مدني ينحدر أغلبهم من جماعة «أنصار حزب الله» و«قوات التعبئة» (البسيج).
فما الذي يحدث في إيران؟
إنها شريحة الشباب التي تشكل النسبة الغالبة من المجتمع الإيراني. هذا المجتمع، وبالرغم من القيود المفروضة عليه وحالة الانغلاق التي يعيشها، فإنه لا يزال يتوق للانفتاح على الخارج، وتؤكد ذلك استطلاعات رأي أجرتها الحكومة الإيرانية. الحدائق والمقاهي تمتلئ بالشباب بعد أن تقطعت بهم السبل وحاولوا الهروب إلى العالم الافتراضي الذي حجبه النظام.
وعلى حين غرة، يتعالى الضجيج في كل اتجاه. فما الذي يحدث؟ إنها الشرطة ورجال الأمر بالمعروف في سباق مع من يحاول الهرب. الفتيات ذوات الحجاب الزاهي بالألوان مصدر مساءلة، فلا يوجد تقيد بالحجاب الإسلامي، ولذا وجب الوقوف بحزم تجاه ذلك، فهذا الأمر مخالف للدين ومن يقاوم فالعصا والسوط في انتظاره، ثم إلى أقسام الشرطة مستقره حتى يأتي الفرج!
الاستياء يزداد والأبصار تتجه نحو روحاني وحكومته. «ليس من حق قادة قوى الأمن تطبيق الدين؛ لأنه خارج عن نطاق عملهم ومهامهم، إن مهمة قوى الأمن تطبيق القانون الذي تنص عليه قرارات الحكومة فقط. لا يمكن استقطاب الناس إلى الجنة بالضرب والضغط بالسياط». هذا ما قاله حسن روحاني، ويؤيده في ذلك العديد من رجال الدين، حيث يقول ناطق نوري إن «مواجهات الشرطة أو إدارة المنكرات والعمل بصورة مباشرة ونقل الشباب والشابات إلى مراكز مكافحة الفساد الأخلاقي من أجل التوعية أو الزجر والتنبيه أو العقوبة.. أمر خاطئ تماماً ويأتي بنتيجة عكسية وغير مرجوّة في أغلب الحالات».
الطريق إلى الجنة إذن، كما يراه روحاني ومن يسير في هذا الجانب وهم كُثر، لا يتأتى بالإجبار. فهؤلاء الذين يحزنون إزاء دين الناس وآخرتهم، كما يقول روحاني، لا يعرفون الدين ولا الآخرة.
وماذا عن الطرف الآخر؟
يرى الأصوليون أن السياط شيء بسيط مما يفرضه الوقوف بكل قوة أمام الذين ينوون منع الناس من الذهاب إلى الجنة! فالذين حصّلوا معارفهم الدينية خلال أعوام في الحوزات الدينية، كما يرى الأصولي «مصباح يزدي»، تغيروا بعد إقامتهم في الولايات المتحدة وبريطانيا، وعمل الأعداء على تغيير أفكارهم. والمقصود هنا بالدرجة الأولى حسن روحاني. وتأسيساً على ذلك، يرى الأصوليون أن رسالة ومهمة الحكومة الدينية هي تمهيد أرضية الذهاب إلى الجنة، ومن واجب الحكومة تسهيل الطريق. فهذا النظام، كما يرى محمد كلبايكاني مدير مكتب المرشد، بوسعه أن يؤمِّن للناس الدنيا والآخرة.
وماذا عن منظور المرشد الإيراني؟ يقول عندما يتم الحديث في بعض الأحيان عن الهداية والإرشاد نسمع بأن البعض يقولون هل من واجبنا أن نوصل الناس إلى الجنة، والجواب هو طبعاً. فالفرق بين الحاكم الإسلامي وبقية الحكام هو أنه يريد أن يذهب الناس إلى الجنة ويصلون إلى السعادة الحقيقية الأخروية ولذلك علينا تمهيد الطريق لذلك.
المرشد الايراني يرى أن الموضوع ليس ضغط واجبار وإنما مساعدة للوصول الى الجنة.
والسؤال هنا هل ما نشاهده في إيران اليوم هو مساعدة أم إجبار؟ الإجابة بين يدي الشعب الإيراني.
المصدر: الاتحاد