كاتب و مدون سعودي
بعد غد هو آخر يوم لهذا العام الذي لا يمكن وصفه إلا بأنه امتداد لما عشناه في السنوات الأخيرة من تبدل سياسي واجتماعي حقيقي نتج كما يقول البعض لمخرجات لحظة تاريخية ومفصلية من التاريخ الحديث والمتمثلة في أحداث سبتمبر، وقد يختلف الناس حول تحديد أهم ملامح هذا العام وأحداثه، ولكن إن كنا نريد أن ننظر للأمور متجاوزين حدودنا الضيقة، فإن علينا أن نرى ما أوردته وسائل الإعلام الدولية التي عنيت بتغطية الأحداث متجردين عن نظرتها المحدودة لمنطقتنا.
كان أولها سقوط مدينة الموصل في أيدي جماعة “داعش” التي تحولت بين ليلة وضحاها إلى دولة لها اقتصاداتها وجيشها والآلاف من المريدين من داخل العالم الإسلامي وخارجه، وهي اللحظة المفصلية التي بها أفاق العالم من سباته واكتشف الخطر الحقيقي الذي يحدق بنا جميعا، وذلك بوجود دولة تنتهج سفك الدماء وتجيد حربها الإلكترونية واستقطاب العناصر.
الحرب في أوكرانيا كانت هي كذلك نقطة تحول في الصراع الغربي الشرقي، وأعاد للأذهان مرحلة الحرب الباردة رغم أنها هذه المرة ليست باردة كما يبدو، كما أن الحرب الإسرائيلية على غزة أعادت للواجهة حقيقة صعوبة حل القضية الفلسطينية سياسيا كما كان البعض يأمل، كما أن وجود رئيس من أصول أفريقية يحكم البيت الأبيض لم يمنع تنامي المواجهات العنصرية فيها، إذ أصبح عنوانا لافتا في الأشهر الأخيرة بعد مقتل مراهق أسود على يد شرطي أبيض وما تلاه من تصفيات متبادلة ومظاهرات اجتاحت معظم المدن الرئيسة في أميركا.
انتشار مرض الإيبولا هو كذلك كان له نصيب لافت من الذعر الدولي، خاصة وأنه مرض يفتك دون رحمة، وبدأ يحصد أرواحا في كل مكان، وقريبا منا فإن وصول الحوثيين إلى مركز القوة في اليمن أدى إلى إعادة رسم خارطة التفاوض والتحالف في المنطقة، وكارثتي الخطوط الماليزية الأولى باختفاء إحدى طائراتها والأخرى بإسقاط أخرى فوق الأراضي الأوكرانية يضع ألف تساؤل حول سلامة السفر بالطائرات وقدرة السياسيين على ضبط القوى العسكرية على الأرض.
وأخيرا، اختطاف ثلاثمئة فتاة في نيجيريا من قبل جماعة بوكوحرام، إضافة إلى اختراق شبكة شركة سوني من قبل أطراف لم تحدد بعد رغم الاتهامات والتكهنات، وذلك انتقاما من إنتاج الشركة لفيلم يسيء إلى رئيس كوريا الشمالية تدل على أن الحروب التي تدور بين الدول أصبحت مع الوقت تبتعد تدريجيا عن التقليدية لتتجه نحو وسائل يصعب مواجهتها بالسلاح الفتاك والمنطق السياسي المتبع.
المصدر: الوطن أون لاين
http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=24457