عبارات رئاسية !.

آراء

نشرت جريدة ( المصري اليوم ) الصادرة يوم 2013/3/24 العبارت التالية التي قالت إنها صدرت عن الرئيس المصري ( محمد مرسي ):

– اللي هيحط صُباعهُ داخل مصر هاقطعه، وأنا شايف صُباعين تلاتة بيمتدوا جوه من توافه، لا قيمة لهم في هذا العالم، حسبوا أن المال يمكن أن يصنع منهم رجالاً.
– حياة البعض لا تساوي شيئاً أمام مصلحة المصريين، وسأتخذ إجراءات استثنائية إذا لم يتعظ هؤلاء .
– هتزعلوا لو حاسبت الإعلاميين – الذين يصفون المعارضة في الشارع ويمارسون العنف – بأنهم ثوار وساسة، وأنا صبور حتى الآن عليهم.
– المحاولات التي تستهدف إظهار الدولة بمظهر الدولة الضعيفة هي محاولات فاشلة، وأجهزة الدولة تتعافى وتستطيع ردع أي متجاوز للقانون .

من يتمعن في تلك العبارات، يجدها مختلفة عن عبارات سابقة للرئيس المصري، فقد بدأ لقاءاته بعد انتخابه بكلمة ( أحبابي ) واختياره (ميدان التحرير) كرمز للاحتفال بنجاح الثورة مع مؤيديه من الشعب المصري أو كلمات أخرى في خطاباته مثل: ( أهلي وعشيرتي ). ويجد المتمعن في تلك العبارات أنها لا تتفق مع الصورة التي ظهر عليها الرئيس المصري خلال فترة ولايته الأولى، التي يعول عليها البعض بأنها قد تكون لها « ثانية «!.

في مقال لزميلنا (طه خليفة) في جريدة الراية القطرية يوم 2013/3/31 تحدث عن الأوضاع في مصر، وأن الرئيس (مرسي) بدأ يستخدم عبارات جازمة مثل (حتماً) و(بتاتاً) و(إطلاقاً) عند كلامه بشأن أن مصر لن تعود إلى الوراء ولن تقع ولن تفلس كما يردد «الحاقدون». وجاء في نهاية المقال: قيل للرئيس: اغضب !. فردّ: الغضب من الشيطان!.

ويحار الإنسان في عدم وضوح الصورة التي بدا عليها الرئيس المصري في الآونة الأخيرة، الذي حتماً يتحمل أعباء 85 مليوناً، لهم مشاكلهم واتجاهاتهم وأفكارهم !. كما أن التركة التي ورثها عن النظام السابق ليست بالهينة !. خصوصاً في ظل عدم التوافق على الحوار الوطني بين المصريين كافة، وبروز ظاهرة (القرارات السريعة) التي بدأ الرئيس ( مرسي) رئاسته باتخاذها والتراجع عن بعضها. ناهيك عن قضية الجيش التي ما زالت غير واضحة، مع تلميح بعض قادة الجيش بامتعاضهم من استخدام الحكومة للجيش كوزارة للداخلية. أي تعويل النظام على الجيش لصد المظاهرات وأعمال العنف !. كما أن الأوضاع غير مستقرة، سواء عبر المظاهرات التي تسود المدن والمحافظات، التي تحدث خلالها مواجهات عنيفة مع رجال الأمن، أو من خلال الإعلام المعارض للسلطة في مصر، الذي يتهمه البعض بأنه يتبنى خط المعارضة، ويمتلكه بعض «رجال مبارك» وحلفاؤهم، وهو ما أثار قضية « التمويل الخارجي» للإعلام – حسب رأي زميلنا (طه خليفة ).

نقول إن نقداً – بلا شك – قد طال الرئيس ( مرسي) كي يتحول من المتسامح، صاحب القلب الواسع والنبرة الهادئة والعبارات ( الحبوبة) الخفيفة على القلب، إلى الرئيس الصارم والحاد في عباراته، وهو يدرك أن الرئاسة تحتمّ – في حالات معينة -الصرامة والحدة، خصوصاً مع ازدياد الانفلات الأمني. ولكن في ذات الوقت فإن للرئاسة محاذيرها وقوة تأثير كلماتها على الرأي العام، وكلمات مثل: هاقطعه، توافه لا قيمة لهم في هذا العالم، بيمتدوا من جوه من توافه، أو حسبوا أن المال يمكن أن يصنع منهم رجالاً، أو سأستخدم إجراءات استثنائية إذا لم يتعظ هؤلاء، أو أنا صبور عليهم حتى الآن، وغيرها تُدلل على أن الرئيس فعلاً بدأ يضيق ذرعاً بالممارسات التي تحدث في الشارع المصري، وإن كانت – من وجهة نظر أصحابها – حرية تعبير وممارسة للمواطنة التي لا يعارضها القانون.

المحللون غير متفائلين بنموذج ديموقراطي مصري في ظل تنامي أعمال العنف والمظاهرات المناوئة للحكم في مصر وعدم وجود أرضية للحوار بين الحكم والمعارضة، ولكأن لسان حال الجميع يقول: يا نحن .. يا أنتم !.

فهل كانت تلك الكلمات «إشارات تحذيرية « أو بالونات اختبار لجسّ نبض المعارضة!؟ وبالتالي لجوء الحكم إلى اختيار المواجهة العنيفة مع مطالب وتحركات المعارضة !؟ وهل استخدام تلك العبارات، خصوصاً بعد زوال نظام مبارك ودخول البلاد مرحلة الديموقراطية يتناسب مع الأوضاع الجديدة التي لا يختلف اثنان على أن زمن «التخويف» و «الإرهاب الفكري» قد ولى بلا رجعة في مصر؟.

هل تتذكرون عبارات ( السادات) ونعوته للمتظاهرين المطالبين بإصلاح الأوضاع الاقتصادية في مصر ؟. وهل تتذكرون عبارات (القذافي) الرئاسية بعد اندلاع الثورة؟.

هل يُعيد التاريخ نفسه مع العبارات الرئاسية.

المصدر: صحيفة الشرق