قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، أمس، إن أمام قطر خيارين فقط في الأزمة الحالية: إما أن تكون عضواً في التحالف لمكافحة الإرهاب، أو أن تكون في الجانب الآخر، ورحب سموه بالاتفاق الذي وقّع أخيراً بين قطر والولايات المتحدة، لكنه قال «أيضاً على قطر أن تقوم بجهد مضاعف في تغيير رؤية الكثير من الدول، لما تقوم به من إيواء ودعم وتمويل وإبراز أصوات متطرفة، وأصوات تدعو للعنف، وأصوات تدعو للكراهية»، وأكد أنه غير مسموح بأي نوع من التسامح مع جماعات متطرفة، ومع جماعات إرهابية، ومع جماعات تدعو إلى الكراهية.
وفي التفاصيل، جاءت تصريحات سموه، خلال لقائه وزير خارجية جمهورية سلوفاكيا، ميروسلاف لايتشاك، الذي عقد في إطار زيارة سموه الرسمية إلى سلوفاكيا، استعراض علاقات التعاون المشترك بين الإمارات وسلوفاكيا في مختلف المجالات، وسبل تطويرها بما يعزز أواصر الصداقة والتعاون بين الجانبين.
ووقع سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وميروسلاف لايتشاك مذكرة تفاهم حول المشاورات السياسية.
وعقب اللقاء عقد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع نظيره السلوفاكي، حيث تقدم سموه في بداية المؤتمر بجزيل الشكر والعرفان لميروسلاف لايتشاك، لما تم تقديمه من جهود واهتمام بهذه الزيارة.
وقال سموه «إنها الزيارة الأولى منذ تبادل العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا في عام 1993، ونعتقد أنها فرصة مهمة للغاية أن نعيد ونراجع هذه العلاقة وكيفية تطويرها وازدهارها».
وأكد سموه أن «هناك أكثر من 300 مليون دولار أميركي للتجارة البينية بين بلدينا، ونرى أن هناك فرصاً أكبر لتطوير هذا الرقم بشكل مضاعف، خصوصاً بعد الانتهاء من التوقيع على اتفاقيتين مهمتين، هما اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار وتجنب الازدواج الضريبي، ونتطلع لأن تمر الاتفاقيتان عبر الجوانب القانونية والدستورية في البلدين في أسرع وقت ممكن، لكي تحسن من أجواء الاستثمار والتجارة بيننا».
وأوضح سموه أن «هناك فرصة كبيرة لتعزيز العلاقة بين البلدين، ففي مجالات التعليم والصحة، التي تحدث عنها وزير الخارجية السلوفاكي، فإنها تعد قطاعات مهمة للغاية، وهناك رغبة حقيقية من جانب دولة الإمارات لتطوير هذه القطاعات بشكل كبير، ليس فقط لتوفير هذه الخدمة للمواطنين والمقيمين، بل لتكون الإمارات مركزاً إقليمياً لجذب من يريد أن يطور من مهاراته التعليمية أو يبحث عن خدمات صحية متطورة».
كما أكد أن «الاتحاد الأوروبي شريك مهم بالنسبة للإمارات، وهناك رغبة لتطوير العلاقات وصولاً إلى تحقيق اتفاقية تجارة حرة بيننا».
وقال سموه، خلال المؤتمر الصحافي، رداً على سؤال حول الاتفاق الذي تم توقيعه بين دولة قطر والولايات المتحدة حول مكافحة الإرهاب، إن «دولة قطر وقعت اتفاقيتين مع دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أنها لم تلتزم بهما»، وأضاف «تحتاج قطر أن تقوم بجهد أكبر لتحسين الثقة في ما توقعه وما تنفذه». وأضاف «بالطبع نرحب بتوقيع قطر هذه الاتفاقية، لكن أيضاً على قطر أن تقوم بجهد مضاعف في تغيير رؤية الكثير من الدول لما تقوم به من إيواء ودعم وتمويل، وإبراز أصوات متطرفة، وأصوات تدعو للعنف، وأصوات تدعو للكراهية». وأكد أن «هناك رغبة حقيقية من دولنا في أن نرى ذلك، ولكن مهما كانت رغبتنا لن تتحقق إلا إذا كانت قطر ملتزمة بتغيير هذا المسار».
وذكر سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان «نحن في المنطقة قررنا عدم السماح بأي نوع من أنواع التسامح مع جماعات متطرفة ومع جماعات إرهابية ومع جماعات تدعو إلى الكراهية». وأشار إلى أن «منطقتنا عانت بما يكفي، وعندما تقرر ذلك دول بحجم المملكة العربية السعودية ومصر، فنحن متفائلون. وإذا كانت قطر تريد أن تكون عضواً في هذا التحالف فأهلاً وسهلاً، أما إذا كانت قطر تريد أن تكون في الجانب الآخر، فكما نقول بالعربية: مع السلامة». وقال، رداً على سؤال آخر حول اجتماع وزير الخارجية الأميركي مع وزراء خارجية الدول الأربع، وما يتوقعه من هذا الاجتماع «إننا نعتقد بأن هناك مسلكين لمعالجة أي أمر، وهما محاولة تخفيف التوتر أو محاولة معالجة المشكلة». وأضاف سموه «لا نعتقد أن محاولة تخفيف التوتر ستعالج الأمر، وإنما ستؤدي إلى تأجيل المشكلة، ما سيؤدي إلى مضاعفتها في المستقبل».
وأكد أنه «من غير المناسب أن أتحدث عن أي دولة في التحالف الدولي لمكافحة التطرف والإرهاب، لكن الذي أريده وأستطيع أن أقوله بوضوح أن المنطقة عانت من التطرف والإرهاب». وأضاف سموه «ندرك في الوقت نفسه أن هناك أخطاء حصلت في الماضي منا جميعا، حتى الولايات المتحدة ارتكبت هذه الأخطاء، وأوروبا ارتكبت هذه الأخطاء، عندما قررنا في يوم من الأيام أن ندعم ما يسمى المجاهدين في أفغانستان، وبعد ذلك لم يتم حسم الأمر، وتحولت أفغانستان إلى حرب أهلية». وتابع سموه: «حدث الأمر نفسه في الصومال والعراق، واليوم نشاهده يحدث في سورية وليبيا، وأعتقد إذا بدأنا باللوم والعتب على قضايا معينة لن ننتهي، لكن الفرق بين دولنا وقطر هو الآتي: فدولنا تعمل بحرص واهتمام لمواجهة ولردع الإرهاب والتطرف، صحيح أن أنظمتنا ليست في أفضل حالة ممكنة، ويمكن تطوير أنظمتنا وقوانينا وهياكلنا بشكل كبير، لكن الدولة القطرية هي التي تمول التطرف والإرهاب والكراهية، وهي التي توفر لهؤلاء الإرهابيين المأوى والمنصة».
وأكد «بالطبع علينا أن نعمل بشكل أفضل لمواجهة التطرف والإرهاب، ونحتاج أن يكون لنا المزيد من الحلفاء والأصدقاء لمواجهة ذلك». وأوضح سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان «إنه ليس من العدل عندما نرى أن دولاً معينة تريد أن تكافح وتواجه التطرف والإرهاب نقول لها (أنت لم تفعلي كذا)، فكلنا ملامون، لكن السؤال الحقيقي هو: هل نحن نريد أن نضع معايير جديدة؟ نعم نريد، ولكن أيضاً في الوقت نفسه ما نطلبه اليوم من قطر هو ما نطلبه من أنفسنا، ولن نطلب أن تقوم قطر بأي إجراء أو أي خطوات لا نطلب أو لا نريد أن نلتزم نحن كدول بها». وأضاف سموه «دعونا نجرب ونرَ ونعمل، لأن موضوع التطرف والإرهاب عملية طويلة، وتحتاج جهداً حقيقياً من كل الدول، بما في ذلك أوروبا التي مع الأسف أيضاً أوجدت مناخاً يسمح بتنامي التطرف والإرهاب، ولم تضع القوانين والأنظمة المناسبة لمواجهة ذلك، ما أدى في الوقت نفسه ليس فقط إلى تنامي هؤلاء المتطرفين، بل إلى تنامي الأصوات اليمينية المتطرفة».
وقال: «نعتقد أن الكل عليه مسؤولية كبيرة بأن نعمل سوياً لمكافحة التطرف والإرهاب»، مضيفاً سموه «أتعمد الحديث عن التطرف والإرهاب سوياً، لأنه لن نستطيع أن نكافح الإرهاب إذا لم نكافح التطرف، فالإرهاب هو نتيجة وجود التطرف».
المصدر: الإمارات اليوم