أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية أن دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، ماضية في جهودها لترسيخ مكانتها كمزود عالمي أساسي للطاقة التقليدية والمتجددة، وذلك لما لهذا القطاع الحيوي من دور محوري في النمو والتطور الاقتصادي والاجتماعي.
جاء ذلك خلال مشاركة سموه ودولة ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني أمس في حفل تدشين محطة مصفوفة لندن لطاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة، وذلك بحضور عبدالرحمن المطيوعي سفير دولة الإمارات لدى بريطانيا ووزراء من ألمانيا والدنمارك والمملكة المتحدة بمن فيهم معالي إيد ديفي وزير الدولة البريطاني لشؤون الطاقة والمناخ، ومعالي جريج باركر وزير الطاقة وتغير المناخ البريطاني، والرؤساء التنفيذيون للشركات المساهمة بالمشروع وعدد كبير من المسؤولين في مقاطعة كينت البريطانية.
وتم تنفيذ المشروع من قبل تحالف يضم ثلاث شركات هي “دونج إنيرجي” بحصة نسبتها 50٪ و”إي. أون” بحصة 30٪ ومصدر بواقع 20٪، وسيزود 500 ألف منزل في المملكة المتحدة بالكهرباء.
وقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان “يسعدنا تنفيذ هذا المشروع في المملكة المتحدة التي تربطنا بها علاقات وثيقة وقديمة في مختلف المجالات، حيث إنه ومنذ الزيارة الأولى للمغفور له بإذن الله الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه للمملكة المتحدة في عام 1989، فإن العلاقات بين بلدينا وشعبينا الصديقين في نمو وازدهار”.
ووجه سموه الشكـر للمملكـة المتـحـدة على الحفاوة الكبيرة التي قـوبـل بها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيـس الـدولة حفظـه الله، والوفد المرافق له في زيـارتـه الأخيرة إلى لندن والتي زادت من وشائج وروابط العلاقات بين البلدين الصديقين.
وأضاف سموه أن دولة الإمارات تمتلك خبرة كبيرة في مجال الطاقة ولديها احتياطيات وفيرة من الموارد الهيدروكربونية.
وقال “انطلاقاً من هذه الخبرة فقد تكونت لدينا رؤية مستقبلية تهدف إلى ضمان أمن الطاقة من خلال تنويع مصادرها إذ أن استمرار النمو الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق التنمية المستدامة يتطلبان ضمان أمن الطاقة حيث تقوم الإمارات من خلال “مصدر” بجهود كبيرة لتعزيز انتشار حلول الطاقة المتجددة داخل الدولة وفي مختلف أنحاء العالم”.
وشدد سموه على أهمية تعزيز إمكانية الوصول إلى خدمات الطاقة النظيفة والمتجددة في البلدان الصغيرة والمجتمعات النامية، فمن دون الطاقة لن تكون هذه الدول قادرة على تلبية استحقاقات التنمية.
وأشاد سموه بجهود المملكة المتحدة لتنويع مصادر الطاقة لديها، داعياً المجتمع الدولي إلى مشاركة الإمارات جهودها الرامية للتصدي لتحديات أمن الطاقة من خلال “أسبوع أبوظبي للاستدامة”.
وأكد أن الإمارات تمتلك من خلال “مصدر” آلية مهمة لتعزيز انتشار حلول ومشاريع الطاقة المتجددة. وقدم سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان الشكر والتقدير لجميع الشركاء والقائمين على مشروع “مصفوفة لندن” وتمنى المزيد من التقدم والنجاح لقطاع الطاقة المتجددة في كافة أنحاء العالم.
وكان حفل التدشين قد بدأ بوصول سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ورئيس الوزراء البريطاني والمدعوين إلى متحف الفنون المعاصرة في مدينة مارجيت على سواحل مقاطعة كينت البريطانية المقابلة لموقع المشروع.
وألقى ريتشارد ريج مدير مشروع مصفوفة لندن كلمة ترحيبية جرى بعدها عرض مادة فيلمية سلطت الضوء على المزايا التكنولوجية المتطورة للمشروع ودوره في تعزيز إمدادات الطاقة المتجددة وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وألقى رئيس الوزراء البريطاني كلمة قال فيها “هذا يوم مهم جداً بالنسبة لمقاطعة كينت وبريطانيا، فقد تم إنشاء مصفوفة لندن بفضل تضافر جهود وخبرات المهندسين من جميع الشركات المساهمة، إضافة إلى العمال وقباطنة البحر من أهالي المنطقة، وكلنا ثقة بأن المشروع سيحقق فوائد كبيرة لمقاطعة كنيت للسنوات المقبلة”.
كما ألقى معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير دولة والرئيس التنفيذي لـ”مصدر” كلمة أشار فيها الى أن تدشين مصفوفة لندن يشكل إنجازاً كبيراً لقطاع الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة والعالم، حيث يؤكد هذا المشروع الجدوى الاقتصادية لحلول الطاقة المتجددة على نطاق المرافق الخدمية الكبيرة.
وقدم معاليه الشكر والتقدير للقيادة الرشيدة على دعم وتطوير حلول الطاقة المتجددة، ورؤيتها تجاه ضمان أمن الطاقة من خلال خلق مزيج متنوع يأخذ في الاعتبار الفرص الاقتصادية المجدية التي توفرها الطاقة المتجددة.
وشدد على أهمية نهج التعاون وتضافر الجهود في التصدي للتحديات العالمية.
وقال الجابر إن مصفوفة لندن تجسد نموذجاً ناجحاً للاستفادة من الخبرات التقنية المتطورة والأطر التشريعية الحافزة لنمو قطاع الطاقة المتجددة.
وأكد التزام “مصدر” بمواصلة جهودها لتوسعة محفظة مشاريعها المحلية والعالمية وتعزيز انتشار حلول الطاقة المتجددة محليا وعالميا.
وأضاف الجابر “يمثل افتتاح هذه المحطة معلماً بارزاً وإنجازاً متميزاً في مسيرة تطور قطاع الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة .. وتجسد المشاريع الكبرى مثل “مصفوفة لندن” الجدوى والمزايا الاقتصادية الكبيرة لإقامة مشاريع الطاقة المتجددة على مستوى المرافق الخدمية بدءا من الاستثمارات المباشرة التي تجذبها وصولاً إلى القطاعات التي تستفيد منها”.
وأكد الجابر أن مصفوفة لندن مثال على المزايا العديدة التي توفرها السياسات الذكية والشراكات القوية ومن هذا المنطلق تلتزم مصدر بتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة النظيفة. وأضاف “نتطلع إلى توسيع محفظة أعمالنا والاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة ذات الأثر الدائم”.
مصفوفة لندن
تقع المحطة البالغة استطاعتها 630 ميجاواط عند مصب نهر التايمز، وكانت قد بدأت بتوليد الطاقة الكهربائية للمرة الأولى في أكتوبر 2012، فيما تم تشغيل آخر توربين الذي يحمل الرقم 175 في مارس 2013.
وتحتفل المحطة بدخولها مرحلة التشغيل الكامل، حيث ستوفر الكهرباء النظيفة لحوالي 500 ألف منزل في المملكة المتحدة سنوياً.
وانطلقت أعمال الإنشاءات في المشروع في يوليو 2009 عندما بدأ العمل على بناء محطة فرعية برية على ساحل كينت الشمالي لتصدير الطاقة المولدة في “مصفوفة لندن” مباشرة إلى شبكة الكهرباء الوطنية.
وتم تركيب أساسات أول توربين ضمن مشروع “مصفوفة لندن” في مارس 2011 وتم الانتهاء من تركيب آخر توربين في ديسمبر 2012 وذلك بحسب الجدول الزمني المقرر. وتبلغ استطاعة كل من التوربينات 3,6 ميجاواط، وهي من إنتاج شركة سيمنس.وشاركت في إنشاء المحطة أكثر من 75 مؤسسة وعمل فيها ما يزيد على 6700 شخص.
بدوره، قال برنت شيشاير رئيس مجلس إدارة “دونج إنيرجي” في المملكة المتحدة المشاركة في المشروع “مع إضافة محطة “مصفوفة لندن” إلى محفظة مشاريع “دونج إنيرجي” سيستفيد اليوم مليون منزل في المملكة المتحدة من الطاقة الكهربائية النظيفة التي تولدها مشاريعنا من طاقة الرياح البحرية،
ويمثل هذا المشروع معلما بارزا على الطريق نحو تخفيض تكاليف إنشاء محطات طاقة الرياح البحرية”.
وأضاف “سنواصل جني ثمار التوسع المستمر الذي تشهده مشاريع طاقة الرياح البحرية لا سيما على صعيد الحد من التكاليف”.
من جانبه، قال توني كوكر الرئيس التنفيذي لشركة “إي. أون” في المملكة المتحدة المساهمة في المشروع “يعد مشروع مصفوفة لندن إنجازاً مهماً على مستوى استثمارات الطاقة المتجددة العالمية..وأود هنا أن أتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم في تحويل هذا المشروع إلى حقيقة واقعة”.
وأضاف “لدينا قناعة راسخة بأن الكهرباء التي يتم توليدها من مصادر متجددة ستلعب دورا مهما في مساعدتنا على تلبية متطلبات الطاقة بطريقة مستدامة وآمنة ومنخفضة التكلفة، وبالاستفادة من المعرفة والخبرة المكتسبة من محطات طاقة الرياح التي أنجزناها سابقا نسعى إلى تحقيق خفض بنسبة 40٪ في تكلفة إنشاء محطات طاقة الرياح البحرية بحلول عام 2015”.
ويقع مشروع “مصفوفة لندن” على بعد نحو 20 كيلومتراً قبالة سواحل مقاطعتي “كينت” و”إيسكس” ويمتد على مساحة 100 كيلومتر مربع.
لقطات على هامش حفل التدشين
وصل سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، وديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني إلى حفل التدشين الرسمي في تمام الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت لندن (الواحدة ظهراً بتوقيت الإمارات).
نظمت إدارة «مصفوفة لندن» جولات للإعلامين قبل يوم الافتتاح للاطلاع على تفاصيل المشروع، حيث تم تنظيم جولة بالقارب، والذي قام بالمرور بين التوربينات العملاقة، واستغرقت الرحلة نحو ساعتين، تم خلالها قطع المسافة إلى مقر المشروع على بعد نحو 20 كيلومتراً على مصب نهر التايمز، وأصيب بعض الإعلاميين البريطانيين بدوار البحر.
تم تنظيم جولات للإعلامين كذلك بالطائرة الهيلكوبتر، التي قطعت الرحلة في أقل من 15 دقيقة.
حرص عدد من سكان مقاطعة كينت، على التقاط الصور التذكارية من الشرفات المطلة على حفل الافتتاح، لاسيما مع وصول سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، ورئيس الوزراء البريطاني.
تبعد مقاطعة كينت نحو ساعتين عن وسط مدينة لندن، وتتميز بكثرة المسطحات الخضراء، والمنازل القديمة التراثية، والتي لا يزيد ارتفاعها على طابقين في الغالب، وتصل درجة الحرارة إلى 15 درجة مئوية.
المصدر: وام