أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، أن دولة الإمارات تتطلع إلى أن يكون لمنظمة التعاون الإسلامي دور أكبر في صون السلم والأمن الدوليين، وتعزيز التعاون الإقليمي الدولي، حتى تتمكن من تحقيق هدفها الرئيس المنصوص عليه في المادة الأولى من ميثاقها، كما أكد سموه أن السياسة الخارجية للإمارات تقوم على مساعدة دول العالم الإسلامي.
وقال سموه، في كلمته خلال ترؤسه أعمال الدورة الـ46 لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، والتي انطلقت أعمالها أمس في أبوظبي، إن «الإمارات تتشرف باستضافة الدورة الـ46 للمجلس، التي تتزامن فعالياتها مع الاحتفال بالذكرى الـ50 لإنشاء منظمة التعاون الإسلامي، وتتيح لنا هذه المناسبة فرصة التأمل في عمل المنظمة ومبادئها، وإنني على ثقة بأنها ستوفر لنا هذه المخرجات نتائج ملموسة تمكن العالم الإسلامي من تجاوز تحدياته وتأمين مستقبل أكثر إشراقاً لشعوبه».
وأضاف سموه: «يسعدني أن أرحب بكم جميعاً في العاصمة أبوظبي التي تسعد بهذا الجمع والتشريف، وأودّ أن أشكر جمهورية بنغلاديش الصديقة على رئاستها للدورة الـ45 والجهود القيمة والدور الفعال الذي لعبته، والذي كان له الأثر الكبير في نجاح الدورة».
وقال سموه: «يأتي انعقاد هذه الدورة في وقت يشهد فيه العالم عدداً من التحولات الإقليمية والدولية المهمة، ويضعنا أمام تحدٍ لمواكبتها بما يلبي تطلعات شعوبنا ويحافظ على أمننا القومي».
وأكد سموه أن القضية الفلسطينية وقضية القدس الشريف هي التي من أجلها أنشئت منظمة التعاون الإسلامي، وقال: «لذلك فإننا نؤكد مجدداً الدعم والمساندة والوقوف بجانب الشعب الفلسطيني ودعم مطالبه المحقة، وفي مقدمتها بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، ونؤكد التزامنا بدعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وأهمية وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين الفلسطينيين».
وتابع سموه «الدين الإسلامي الحنيف الذي يجمعنا هو دين التسامح والسلامة والسلام، ويدعو إلى الوسطية ونبذ التطرف والإرهاب والعمل الجاد لخدمة أوطاننا، لذلك ترى الإمارات أن تزايد حدة التوترات الأمنية، خصوصاً استمرار النزاعات وانتشار الفكر المتطرف والإرهاب في العالم على أيدي جماعات خارجة عن القانون فقدت كل معاني الإنسانية وتسترت بغطاء الدين واستمرار التدخلات في شؤون الدول، وعدم احترام السيادة، يتطلب منا التصدي لهذه التحديات التي ألحقت أضراراً بالغة بالعالم الإسلامي وتدمير مكتسباته وإرثه الحضاري، وتعارض تحقيق التنمية التي تتطلع إليها شعوبنا».
وقال سموه: «إننا ندعو إلى العمل على اعتماد التدابير الضرورية لمنع التحريض على الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله خصوصاً عبر وسائل الإعلام، بما في ذلك دراسة إنشاء آلية لتعمم على دولنا من أجل التعامل معها على نحو حاسم والكف عن تقديم الدعم المباشر وغير المباشر للكيانات أو الأشخاص المتورطين في الإرهاب والتطرف، وعدم احتضانهم أو توفير ملاذ آمن لهم أو تمويلهم أو مساعدتهم».
وأضاف سموه: «لذلك قامت الإمارات باعتماد عام 2019 عاماً للتسامح، في إطار جهودنا في نشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي واحترام التعددية الثقافية والدينية، وتعزيز القيم العالمية، وبادرت الدولة خلال الشهر الماضي باستضافة لقاء الأخوة الإنسانية التاريخي، الذي شارك فيه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، والذي تمخض عنه توقيع الوثيقة التاريخية في 4 فبراير الماضي لتكون إعلاناً مشتركاً عن نيات صادقة، من أجل دعوة كل من يحملون في قلوبهم إيماناً بالله وبالأخوة الإنسانية أن يوجدوا ويعملوا معاً من أجل أن تصبح هذه الوثيقة دليلاً للأجيال القادمة، ويأخذهم إلى ثقافة الاحترام المتبادل في جو من إدراك النعمة الإلهية التي جعلت من الخلق جميعاً أخوة».
وقال سموه: «من هذا المنبر نكرّر الدعوة للجارة إيران إلى أن تراجع سياستها لبناء علاقات ودية مع دول الجوار، مبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية وتقويض أمن المنطقة، من خلال نشر الفوضى وتغذية النزاعات الطائفية والمذهبية، والتوقف عن دعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات، والتوقف عن دعم وتمويل وتسليح الميليشيات والتنظيمات الإرهابية التي تنتهك بكل وضوح ميثاقنا وميثاق الأمم المتحدة والقيم الإنسانية النبيلة».
وأكد سموه أن «تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية أحد أبرز التحديات الرئيسة التي تواجه دول المنظمة»، مضيفاً سموه «التجربة الناجحة للإمارات، جعلتنا نؤمن بأن القيادة الرشيدة والعمل بعزم على تحقيق الازدهار مع استشراف المستقبل هو ما يصنع الأمم ويحصنها من الحروب، لذلك حرصت بلادي على أن تشمل سياستها الخارجية أبعاداً تنموية وإنسانية وثقافية لمساعدة دول العالم الإسلامي والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة».
وتابع سموه: «إن بلادي تطمح إلى تنفيذ برنامج عمل منظمة التعاون الإسلامي حتى 2025 والمجالات ذات الأولوية، خصوصاً العلوم والتكنولوجيا والابتكار والتعليم والطاقة المتجددة والصحة، وتمكين النساء والشباب والاستفادة من قدراتهم للوصول إلى مجتمعات قوية ومتماسكة وبالتالي دول مستقرة وآمنة».
وأكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، ضرورة أن يكون للمنظمة دور أكبر في صون السلم والأمن الدوليين وتعزيز التعاون الإقليمي الدولي، حتى تتمكن من تحقيق هدفها الرئيس المنصوص عليه في المادة الأولى من ميثاق منظمتنا، وقال: «نتطلع لأن يلعب زميلنا وأخونا الأمين العام للمنظمة دوراً أكبر وأكثر فعالية، من شأنه تعزيز التعاون القائم بين دول المنظمة ودعم دورها في صون السلم والأمن بفاعلية، الأمر الذي يستدعي الإسراع في اتخاذ الخطوات الرامية لإصلاح المنظمة والارتقاء بفعاليتها بما يعزز الدور المنشود منا جميعاً لتعزيز العمل الإسلامي المشترك».
وكانت أعمال الدورة الـ46 لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، قد افتتحت بكلمة وزير الشؤون الخارجية في بنغلاديش رئيس الدورة الـ45، أبوالكلام عبدالمؤمن، أعرب فيها عن ثقته بقدرة الإمارات، مع ترؤسها أعمال الدورة الـ46 للمجلس، على تعزيز دور المجلس ودعمه.
وشهدت الجلسة الافتتاحية تسليم الرئاسة من بنغلاديش، رئيس الدورة السابقة، إلى الإمارات، رئيس الدورة الحالية لمجلس وزراء الخارجية، وتم انتخاب أعضاء المجلس الجديد، حيث تم انتخاب الإمارات رئيساً، وأفغانستان وأوغندا وفلسطين نواباً للرئيس، وبنغلاديش مقرراً.
من جانبه، توجه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوسف بن أحمد العثيمين في كلمته، خلال الجلسة الافتتاحية للمجلس، بالتحية إلى الإمارات قيادة وحكومة وشعباً على استضافة هذه الدورة وكرم الضيافة وحسن الاستقبال.
وقال إن هذا الاجتماع ينعقد والإمارات تختتم احتفالاتها بـ«عام زايد»، وأضاف «وكلنا فخر بما قدمه هذا القائد الملهم لشعبه وأمته الإسلامية بتأسيس هذه الدولة وتوحيد مكوناتها وإرساء ركائزها على العدل وقيم المواطنة الحقة، وهي تشهد الآن تحت القيادة الرشيدة لحكامها وجهود أبنائها تطوراً مهماً في جميع المجالات، وتنطلق بقوة وثبات نحو مستقبل أكثر رفاهية وتقدماً، الأمر الذي جعل تجربة الإمارات في التنمية نموذجاً مشهوداً».
وقال إن الأمانة العامة للمنظمة تمضي في عملية إصلاح لتحسين أدائها والنهوض بها. وأضاف: «نعمل جاهدين على تنفيذ البرنامج العشري 2025 للقضاء على الفقر والإرهاب وتعزيز حقوق الإنسان».
وأكد حرص المنظمة على استقرار العراق، وأنها تسعى جاهدة لعقد جولة أخرى من مؤتمر إعادة الإعمار.
الجبير: إيران تواصل سلوكها العدواني وأنشطتها الإرهابية في المنطقة
قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، المتحدث عن المجموعة العربية في الدورة الـ46 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، عادل بن أحمد الجبير: «إننا نأسف لاستمرار انقلاب ميليشيات الحوثي الإرهابية على الشرعية في اليمن، ونجدّد دعمنا لمساعي الأمين العام للأمم المتحدة (مارتن غريفيث) للوصول إلى حل سياسي في اليمن».
وأكد، خلال الجلسة المكملة للجلسة الافتتاحية للمجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي، والتي أدارها وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور بن محمد قرقاش، أن المجموعة العربية ثابتة على موقفها الداعم لحق فلسطين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ودعا إلى تكثيف التعاون الدولي من أجل القضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه.
وأضاف أن إيران تواصل نهجها في التدخل في شؤون الدول، ودعم الإرهاب، وتواصل احتلال الجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى)، مشيراً إلى أننا نؤكد بشكل مطلق سيادة دولة الإمارات على جزرها الثلاث. أبوظبي ـ وام
سواراج: الإمارات تجمع المواهب والثقافات من جميع أنحاء العالم
اختتمت فعاليات الجلسة الافتتاحية بكلمة لضيف الشرف وزيرة الشؤون الخارجية في الهند، سوشما سواراج، التي قالت: «أنقل إليكم تحيات مليار و300 مليون هندي من بينهم أكثر من 185 مليون مسلم. إن إخواننا وأخواتنا المسلمين هم نموذج رائع لتنوّع الهند».
وأوضحت أن «عام 2019 عام خاص للغاية، حيث تحتفل فيه منظمة التعاون الإسلامي بيوبيلها الذهبي، كما تحتفل الإمارات بعام التسامح، والهند بالذكرى السنوية الـ150 لميلاد المهاتما غاندي».
وأكدت أن الإمارات أظهرت كيف يمكن للأمة أن تحقق تقدمها بالرؤية العظيمة، والانفتاح على العالم، واحتضان التكنولوجيا والاستثمار في الموارد البشرية وبيئة تجمع المواهب والثقافات من جميع أنحاء العالم، وشدّدت على العلاقات الراسخة التي تربط بين الهند والإمارات ودول الخليج.
المصدر: الإمارات اليوم