سيد الحجار، أحمد عبدالعزيز ووام (أبوظبي)
افتتح سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، ومعالي بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، رسمياً أمس، الاجتماع الوزاري رفيع المستوى بشأن تغير المناخ في أبوظبي.
ويشارك في هذا الاجتماع الذي يستمر يومين ويتم تنظيمه بالتعاون مع الأمم المتحدة، وزراء ومسؤولون وصانعو السياسات وقادة مجتمع الأعمال من مختلف دول العالم المتقدمة والنامية، وذلك بهدف إيجاد حلول عملية وطموحة للحد من تداعيات تغير المناخ.
وحظي الاجتماع بمشاركة كثيفة، حيث فاق عدد الحضور 1100 مشارك، بمن فيهم ما يزيد على 75 وزيراً من مختلف أنحاء العالم.
وألقى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، كلمة حثَّ فيها القادة وصانعي السياسات على تكثيف النقاشات الجدية والمجدية، واتخاذ إجراءات ملموسة وفورية لتجنب الآثار الدائمة لتغير المناخ.
وقال سموه «نعيش في عالم مترابط وما يؤثّر على دولة من الدول يؤثر بالضرورة على دولة أخرى، ومن هذا المنطلق، فإن دولة الإمارات تؤمن إيماناً راسخاً بأهمية العمل الجماعي، وبالمبادرات متعددة الأطراف، إذ لا تستطيع أي دولة بمفردها أن تواجه تداعيات ظاهرة تغير المناخ، ولكننا مجتمعين، ستكون لدينا القدرة على تحقيق خطوات ملموسة وناجحة لمواجهة تلك التداعيات». وأضاف سموه «لقد ركزنا في دولة الإمارات جهودنا لضمان رفاهية وسعادة ونمو وازدهار شعبنا على المدى البعيد. وهذه الرؤية تفسّرُ قيامنا بالاستثمار محلياً وإقليمياً ودولياً في الحلول والمشاريع والبرامج التي تسهم في الحد من تداعيات تغير المناخ. ونفخر بأن جهودنا شجّعت بقية دول المنطقة على الاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة». وأضاف «من أهدافنا الوطنية أن نوفر 24% من الطاقة الكهربائية من مصادر خالية تماماً من الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2021. كما أحرزنا تقدّماً كبيراً في مجال الطاقة الشمسية من خلال مشاريع «مصدر»، بما فيها محطة «شمس 1» للطاقة الشمسية المركّزة بقدرة 100 ميجاواط. وكذلك تشغيل المرحلة الأولى لمشروع مجمّع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية الذي ستصل قدرته الإنتاجية إلى ألف ميجاواط عند اكتماله». ودعا سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، إلى ضرورة توحيد الجهود والعمل بروح الفريق الواحد للتصدي لتحديات تغير المناخ، مؤكداً أن مواجهة تداعيات هذه الظاهرة تحتاج إلى بناء مواقف وقناعات ومناهج عمل دولية.
وأشار سموه في كلمة له خلال أعمال الاجتماع رفيع المستوى بشأن تغير المناخ، إلى أن الدولة استثمرت محلياً وإقليمياً ودولياً في الحلول والمشاريع والبرامج التي تسهم في الحد من تداعيات تغير المناخ.
وقال «قبل 40 عاماً تقريباً، وعندما أسس الآباء هذه الدولة الفتية.. كانت أبوظبي في بداية نشأتها، وخلال جيلين فقط وبعزيمة لا تلين لقيادتنا الرشيدة، فقد استطعنا بناء دولة حديثة متطورة مزدهرة انبثقت من قلب البيئة الصحراوية وظروفها القاسية». وأضاف «هذا الإنجاز المتميز يعود الفضل فيه إلى ثلاثة مبادئ، كانت منارات توجه مسيرتنا عبر تاريخنا، وهذه المبادئ ذاتها تفسر اجتماعنا الحالي في دولة الإمارات، حيث يتمثل المبدأ الأول بالاهتمام الكبير بالإنسان، لأنه ثروتنا الحقيقية ورأس مالنا الذي لا ينفد». وتابع «أما المبدأ الثاني فيتمثل في سياسة الانفتاح على العالم والانخراط في التعاون الإقليمي والدولي البناء، وهذه السياسة هي استمرار لتاريخنا كمركز رئيسي للتجارة، ونقطة اتصال وتواصل على الصعيدين الإقليمي والدولي، فيما يتمثل المبدأ الثالث في أن دولتنا قائمة على مبادئ راسخة بأن لا تفقد أبداً الثوابت والبصيرة المتعلقة بالرؤية الواضحة على المدى الطويل، فالتغيرات والمتغيرات في العالم من حولنا لا تتوقف أبداً، و لكننا نبقى متمسكين بمبادئنا وقيمنا». وقال سموه «إن هذا التشبث بالمبادئ، هو ما نحتاجه لمواجهة التحدي الكبير الذي تمثله ظاهرة تغير المناخ، فمواجهة تداعيات هذه الظاهرة تحتاج إلى بناء مواقف وقناعات ومناهج عمل دولية.
وقال سموه «من أهدافنا الوطنية أن نوفر 24% من الطاقة الكهربائية من مصادر خالية تماماً من الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2021، ونعمل على نشر البنى التحتية التي تعزز كفاءة استخدام الطاقة، فضلاً عن الاستثمارات الذكية للدولة في قطاع التعليم والأبحاث والتطوير في قطاع التكنولوجيا، والتي تقودها “مصدر”». وأضاف: «إن ما يميز رؤيتنا العالمية أنها تتسع وتمتد لتدعم وتساند المبادرات والإجراءات الدولية، فقد التزمنا بتقديم نحو نصف مليار دولار من المنح والمساعدات المالية لدعم الاستثمار في تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة في البلدان النامية، كما أن دولة الإمارات تعتبر مستثمراً رئيساً في الطاقة المتجددة تجارياً، ونفتخر بأننا نستضيف المقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا». وأكد سموه أن التعاون بين دولة الإمارات العربية المتحدة والأمم المتحدة تعاون وثيق وعريق وبناء، وهذا الاجتماع ثمرة من ثمار هذا التعاون.
يعد اجتماع أبوظبي التحضيري حدثاً أساسياً من أجل بناء الزخم وتحقيق النجاح لقمة المناخ التي تعقد في نيويورك في سبتمبر المقبل.
وسيركز الاجتماع على 9 مجالات ذات تأثير كبير، هي كفاءة الطاقة واستخدام الأراضي والغابات، والتمويل، والطاقة المتجددة، والزراعة، والمرونة في التكيف، والنقل، والملوثات المناخية قصيرة الأجل، والمدن.
وستعمل قمة المناخ في سبتمبر المقبل على تحفيز الحكومات والشركات وقطاعات التمويل والصناعة والمجتمع المدني، لدعم خطة عمل عالمية للحد من انبعاثات غازات الدفيئة.
وستركز القمة على الحلول التي توضح كيف يمكن للإجراءات المبكرة أن تؤدي إلى فوائد اقتصادية كبيرة.
بدوره، قال معالي بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة «يعكس اجتماع أبوظبي رفيع المستوى حول تغير المناخ زخم الجهود الدولية المبذولة لمواجهة تداعيات هذه الظاهرة. فهناك شعور حقيقي بضرورة التغيير، حيث إن الحلول اللازمة لذلك موجودة فعلاً، وقد آن الأوان لقادة العالم لأخذ زمام الأمور والسير نحو إجراء التغيير المطلوب لمواجهة هذه الظاهرة». وأضاف أن اجتماع أبوظبي يجمع عدداً من القادة وصناع القرار القادرين على اتخاذ إجراءات ملموسة تبشر بحقبة جديدة في مواجهة تغير المناخ.
ضمن قضايا ناقشتها جلسات اليوم الأول
الطاقة النظيفة وحماية الغابات تسهمان في مواجهة تغير المناخ
تناولت جلسات اليوم الأول من اجتماع أبوظبي لمواجهة تغير المناخ 2014، بعض القضايا التي يمكن من خلالها خفض آثار تغيرات المناخ التي شملت خمسة مجالات، من أهمها النقل وملوثات الطاقة والغابات وخفض مخاطر الكوارث الطبيعية. وفي الحلقة النقاشية الأولى، قدمت باهيجاهتو أبوبكر منسق إقليمي بوزارة البيئة النيجيرية رئيس مشارك في الائتلاف الوطني للمناخ والهواء النظيف، استعراضاً لتأثير تغيرات المناخ على صحة الإنسان، وذلك بسبب ارتفاع الملوثات الناجمة عن مصادر الطاقة العادية التي تؤدي إلى ارتفاع نسب الانبعاثات الكربونية.
وقالت باهيجاهتو: «إنه يتعين على الجميع، حكومات وهيئات وقطاعاً خاصاً، أن يواجهوا الآثار السلبية لتغير المناخ الذي نعانيه الآن في العالم»، مشيرة إلى أنه لا بد من الاستفادة من قمة أبوظبي لمناقشة جميع المجالات، مثل النفط والغاز والتأثيرات على المناخ العالمي.
وأضافت أنه لا بد من دفع القطاع الخاص إلى اتباع أساليب الطاقة النظيفة التي لا تنتج عنها معدلات مرتفعة من الانبعاثات الكربونية، لافتة إلى أن ذلك يساعد على الوصول إلى وجود 100 مدينة في العالم تعتمد على الطاقة النظيفة مثل الكهرباء أو الطاقة الشمسية.
ومن جانبها، قالت هيلين كليرك مديرة ببرنامج الأمم المتحدة للتنمية، في الحلقة النقاشية الثانية: «إن حماية الغابات ووقف قطع الأشجار في الاقتصادات المتقدمة، من أهم الأساليب لخفض الانبعاثات الكربونية»، داعية القطاع الخاص للقيام بدور رئيس في هذا الشأن من خلال الحفاظ على الأشجار التي من خلالها يتحقق التوازن البيئي.
إلى ذلك، قالت فيكتوريا توالي كوربوز، مقررة حقوق السكان الأصليين في الأمم المتحدة: «إن وجودنا اليوم في قمة أبوظبي أتاح لنا الفرصة لمناقشة المشكلات الناجمة عن التغير المناخي، وأهمها إهمال الغابات الاستوائية أو الغابات في أوروبا وتلك المنتشرة في مختلف أرجاء العالم»، لافتة إلى أهمية وجود آليات وأنظمة لإدارة الغابات للحفاظ عليها.
وشهدت الحلقة النقاشية الثالثة استعراضاً لأهمية تحول وسائل النقل من الطاقة العادية إلى الموارد النظيفة للطاقة مثل الكهرباء، علاوة على تصميم المدن الحضارية الجديدة التي يمكن أن تسهم إلى حد كبير في ترشيد استهلاك الطاقة، وخفض نسب الانبعاثات الكربونية. وقال جون كلوسا مدير تنفيذي بالأمم المتحدة: «إن التصميمات الحديثة للمدن ربما تحدث فيها أخطاء عند إعدادها، ما يؤدي إلى بنية تحتية لا ترشد في استهلاك الطاقة»، مضيفاً أن العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية شهدت نمواً ملحوظاً في إنشاء المدن الحديثة الحضارية في مختلف دول العالم، علاوة على السرعة في التصميم والإنشاء، حيث يمكن أن يتم في عام واحد، ما يمكن أن ينتج عنه آثار سلبية تستمر لسنوات قادمة.
وعلى صعيد النقل، تحدث فو هونجبو سكرتير عام مساعد بالأمم المتحدة لإدارة الاقتصاد والشؤون الاجتماعية، قائلاً: «إن هناك نماذج عديدة من استخدام وسائل النقل المستدامة التي لا تنتج عنها ملوثات مثل استخدام الطاقة الكهربائية». وأضاف أنه وبحلول عام 2050، من المتوقع أن تتزايد الانبعاثات وسوف تتضاعف إذا لم يتم التحول من الأساليب التقليدية في النقل التي تعتمد على الطاقة التقليدية والتوجه إلى الاعتماد على الطاقة النظيفة.
عبدالله بن زايد يستعرض مجالات التعاون مع الأمم المتحدة
التقى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية بأبراج الاتحاد في أبوظبي مساء أمس، معالي بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، وذلك على هامش الاجتماع رفيع المستوى بشأن تغير المناخ الذي بدأت أعماله أمس بأبوظبي. تم خلال اللقاء استعراض أوجه التعاون بين دولة الإمارات والأمم المتحدة، خاصة في مجال دعم الجهود الدولية المبذولة لمواجهة تداعيات ظاهرة التغير المناخي كإحدى القضايا الأكثر إلحاحا في وقتنا الحاضر. وأكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن تعاون دولة الإمارات مع الأمم المتحدة لعقد هذا الاجتماع الهام يؤكد الدور الفاعل والمؤثر الذي تضطلع به دولة الإمارات في الجهود العالمية الهادفة للتصدي لتداعيات تغير المناخ. وقدم سموه الشكر الجزيل لمعالي الأمين العام على جهوده الكبيرة والمخلصة التي بذلها لإنجاح هذا الاجتماع. من جانبه، وجه معالي بان كي مون الشكر لدولة الإمارات على حسن التنظيم والإعداد الجيد للاجتماع رفيع المستوى بشأن تغير المناخ، والذي يعد اجتماعا تحضيريا لقمة رؤساء الدول والحكومات حول نفس القضية والمقرر عقدها بمقر الأمم المتحدة في نيويورك في الثالث والعشرين من سبتمبر المقبل.
وزير الطاقة يبحث مع نظيره البريطاني تعزيز التعاون
بحث معالي سهيل بن محمد المزروعي وزير الطاقة، ومعالي غريجوري باركر وزير الدولة البريطاني لشؤون الطاقة وتغير المناخ خلال اجتماعهما بديوان الوزارة بأبوظبي أمس علاقات التعاون القائمة بين البلدين خصوصا في مجالات الطاقة. وأشاد معالي وزير الطاقة خلال الاجتماع بعلاقات التعاون التاريخية، التي تربط دولة الإمارات العربية المتحدة بالمملكة المتحدة، وأكد حرص الدولة على دعم العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، خصوصا في مجال الطاقة، وبما يخدم المصالح المشتركة. من جانبه أشاد الوزير البريطاني بعلاقات الصداقة التي تربط البلدين والجهود التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة، على الصعد كافة خصوصا دعمها للمشاريع المميزة في مجال الطاقة المتجددة، وسعيها الدؤوب نحو الاستدامة. وأكد وزير الدولة البريطاني حرص بلاده على توثيق علاقات التعاون مع دولة الإمارات، وتتطلع دائما إلى تطوير هذه العلاقة لتحقيق المصالح المشتركة، مشيدا في هذا السياق بما تشهده دولة الإمارات، من تطور سريع في كافة المجالات. حضر اللقاء دومينيك جيرمي سفير المملكة المتحدة لدى الدولة، وعدد من المسؤولين بوزارة الطاقة.
المصدر: (أبوظبي ـ وام)