دعا معالي العلامة الشيخ عبدالله بن بيّه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس منتدى أبوظبي للسلم، أفراد المجتمع ومؤسساته إلى دعم حملة “وقف الأم” التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، بالتزامن مع شهر رمضان الكريم، بهدف تكريم الأمهات من خلال إنشاء صندوق وقفي بقيمة مليار درهم لدعم تعليم ملايين الأفراد حول العالم بشكل مستدام. وقال معاليه إن دولة الإمارات العربية المتحدة دأبت على عمل الخير والإحسان إلى الإنسانية حتى أصبح نهجاً راسخاً وسنة حميدة لقيادتنا الرشيدة، وها هي حملة “وقف الأم” التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تأتي لتكون حلقة جديدة وبادرة حميدة في هذه السلسلة من المبادرات الإنسانية التي تميز بها بلدنا، لا سيما بعد النجاح الكبير للحملات التي أطلقها سموه في الأعوام الماضية وكان آخرها “وقف المليار وجبة”.
استدامة الثواب
وتقدم معالي العلامة الشيخ عبد الله بن بيه بمناسبة شهر رمضان الكريم بالتهنئة للقيادة الرشيدة ممثلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وإخوانهم أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات وشعب دولة الإمارات والأمة الإسلامية والعائلة الإنسانية جمعاء.
وأضاف أن الوقف لغة هو الحبس وهما لفظان مترادفان يعبِّر بهما الفقهاء عن مدلول واحد، ويُطلق على ما وقف فيقال هذا وقف فلان أي الذوات الموقوفة فيكون فعلاً بمعنى مفعول كنسج بمعنى منسوج ويطلق على المصدر وهو الإعطاء”. وأوضح معاليه أن العلماء عرفوا الوقف بتعريفات متعددة، كلها يرجع إلى حبس الأصل وتسبيل الثمرة، أي جعلها في سبيلِ الله، وسبيلُ الله هو كلّ أوجه الخير والبرّ، وهو أقرب تعريف للحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين استشاره في صدقتِه: “إنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أصْلَها، وتَصَدَّقْتَ بها”، كما في البخاري، وفي رواية النسائي في سننه والدارقطني والبيهقي: “حبّس أصلها وسبّل ثمرتها”، ومن هنا نشأت مؤسسة الأوقاف بأنواعها وتعدد أغراضها، والتي كانت ولا تزال نموذجا فريدا في استمرار النفع والعطاء، واستدامة الثواب والجزاء”. وأشار معالي العلامة الشيخ عبدالله بن بيه إلى أن الوقف مؤسسة عظيمة تتجلى فيها حكمة هذه الشريعة الربانية الخالدة في ترسيخ أسس التعاون بين أفراد المجتمع ورعاية أهل الخصاصة والفاقة حتى قبل أن يوجدوا، فهي في الدنيا رصيد للأجيال القادمة، وللواقفين صدقة جارية، يجرى عليهم أجرها، ويدخر لهم ذخرها، وتلك هي استدامة النفع، وقد سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم “صدقة جارية” حيث جاء في الحديث الصحيح: “إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقة جارية، وعلم ينتفعُ به، وولد صالحٍ يدعو له” أخرجه مسلم. وقال إن من خصائص الوقف ديمومة العين وصرف الريع في مصارف الخير التي حددها الواقف، ولهذا الغرض أحيطت الأوقاف بأحكام كثيرة يمكن اعتبارها حماية وتفعيلا للوقف وعناية بالموقوف عليهم.ونوه إلى أن لأصناف البر مرتبة خاصة وفضلا أكبر في شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والتراحم والبذل والعطاء والتضامن، وفي ذلك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أجودَ الناسِ بالخيرِ، وكان أجودَ ما يكون في شهرِ رمضانَ، كما في حديث ابن عباس، وأن في الوقف من الأجر العميم والفضل الجزيل الشيء الكثير وخصوصا في موسم الخير وموئل البركة شهر رمضان المبارك”. وذكر معاليه أن حملة “وقف الأم” مبادرة مبتكرة، ومشروع متميز من مشاريع دولتنا دولة الإمارات العربية المتحدة التي يبتكرها كل عام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم فجزاه الله خيراً وأجزل له المثوبة على هذه المبادرة. ولفت إلى أن هذه المبادرة هي وقف للريع على تعليم فقراء الطلبة والطالبات، وصرف للأجر إلى الأمهات، ولهذا الوقف على الأمهات أصل من حديث سعدِ بن عبادةَ، الصحابي الجليل، سيد الأنصار، أنَّ أمَّه ماتت فقال: يا رسولَ اللهِ إن أمي ماتت أفأتصدقُ عنها؟ قال: نعم. قال: فأيُّ الصدقةِ أفضلُ؟ قال: سقيٌّ الماءِ. فتلك سقايةُ سعدٍ بالمدينة.
وأضاف أن بر الوالدين من أوجب الواجبات في الدين سواء كان ذلك في حياتهما أو بعد مماتهما، وفي القرآن الكريم “وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ” وقد خص الله سبحانه في الآية السابقة الأم بالذكر.. وقد ورد في الحديث كذلك أنه “جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ”، وقد حث الإسلام على برهما ومكافأتهما في الحياة بحسن العشرة، وبعد مماتهما بالدعاء والصدقة”.
وأشار معاليه إلى أن هذه الحملة تجمع بين أنواع من الخير في بر الأمهات، وصرف غلة الوقف للتعليم وبخاصة إلى تعليم الفقراء حول العالم ممن سينتفعون به في تعلم علم نافع في دينهم ودنياهم، أو إتقان مهارات تنفعهم في معاشهم، وترفعهم إلى مصاف المنتجين والمبدعين ممن يخدمون مجتمعاتهم وأوطانهم. وأكد معاليه أن مصرف الوقف يحدده الواقف ومناط الأجر النية، كما في الحديث “إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى”.. ودعا أرباب الأعمال والشركات، وعموم المجتمع، إلى المشاركة والإسهام في التبرع لهذا الوقف ابتغاء مرضات الله ورجاء ثوابه، راجين أن يكون صدقة جارية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولكل من يشارك في هذا الوقف بمال قلّ أو كثر، وثوابا دائماً للأمهات في الدولة إن شاء الله، داعين الله لقيادتنا الرشيدة بالأجر والمثوبة، ولبلدنا بدوام الاستقرار والازدهار على طريق النمو والنماء.
المصدر: وام