أكد تربويون وآباء انتشار مشروبات الطاقة بين الطلبة، على الرغم من منع بيعها، أو تداولها، داخل المدارس، مطالبين بوضع اشتراطات تضبط سن مستهلكها، والكمية الواجب استهلاكها، كما طالبوا بتشديد الرقابة على البقالات الموجودة على مقربة من المدارس، بوصفها المصدر الأول لوصولها إلى الطلبة.
وأكدت وزارة الاقتصاد اشتراطها على منافذ البيع والمراكز التجارية وضع منتجات مشروبات الطاقة في مكان محدد، ومنع بيعها للمستهلكين ممن تقل أعمارهم عن 18 عاماً، وإلا تعرضت لغرامات مالية تصل إلى 100 ألف درهم.
وتفصيلاً، كشف معلمون ومشرفون في مدارس حكومية وخاصة، خالد صبري ومحمد الزيدي وبهاء صلاح ومحمد سليم ومحسن فراج، عن انتشار مشروبات الطاقة بين الطلاب، على الرغم من منعها في المدارس، مشيرين إلى أن الساحات المدرسية تمتلئ بالعلب الفارغة منها يومياً عقب الفسحة المدرسية.
وأكد المعلمون أن أساس المشكلة ذوو الطلاب، لأن تدليلهم أبناءهم ومنحهم مصروفاً يومياً كبيراً، يتجاوز الـ20 درهماً، يشجعهم على شراء هذه المشروبات الممنوعة، كما أن البقالات المنتشرة حول المدارس توفر للطلاب أنواعاً من الأطعمة والمشروبات التي لا يجدونها داخل المدارس، بما في ذلك المحظور منها.
وأكد المعلمون ضرورة وجود حل لتجاوزات البقالات والمطاعم المنتشرة حول المدارس، لافتين إلى أنها تتعمد وضع مشروبات الطاقة وسط علب العصائر والمياه الغازية، ما يشجّع الطلبة على شرائها، كما أنها تبيعها لجميع الأعمار دون التزام بأي معايير أو قرارات، مطالبين في الوقت ذاته، برقابة أكبر من الآباء والأمهات على أبنائهم، وبإعطائهم أطعمة صحية من المنزل، بدلاً من المصروف الكبير الذي ينفقونه على أشياء تضرّهم، وتؤثر سلباً في صحتهم العقلية والجسمانية.
مخالفات داخل المدارس
ولفت وكيل مدرسة خليفة الثانوية ــ بنين، عمر عبدالعزيز، إلى خطورة انتشار مشروبات الطاقة بين الطلبة، مضيفاً أن لوائح مجلس أبوظبي للتعليم، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الصحة، تمنع بيع أو تناول هذه المشروبات داخل المدارس، مشيراً إلى وجود لائحة تحدد الأطعمة والمشروبات المسموح بها، التي تتناسب مع أعمار الطلبة وحاجاتهم الغذائية.
وقال عبدالعزيز إن «كل المجهودات الرسمية التي تبذل للحفاظ على صحة الطلبة تذهب سدى، بسبب البقالات المنتشرة حول المدارس، إذ تبيع للطلبة كل الممنوعات الغذائية»، مشيراً إلى أن «الطلبة يدخلون المدرسة متأخرين، بسبب الزحام على البقالات لشراء مشروبات الطاقة وشربها قبل دخول المدرسة، وعقب الخروج يتكرر الموقف نفسه».
وأضاف: «لاحظنا أن الطلاب يخبئون مشروبات الطاقة داخل الحقائب المدرسية، ويتناولونها أثناء اليوم الدراسي أيضاً، ونحاول قدر المستطاع منع دخول هذه المشروبات، إلا أننا لا نستطيع تفتيش الطلاب يومياً، فهذا الأمر سيستهلك اليوم الدراسي، ولن يكون هناك حصص دراسية أو شرح للمناهج».
واقترح عبدالعزيز إصدار قرار ينظم عمل البقالات الموجودة حول المدارس، إما بمنعها من بيع الأغذية والمشروبات غير الصحية للطلبة، أو منع وجودها من الأساس داخل هذه البقالات، أو إغلاق البقالات لمدة نصف ساعة قبل دخول الطلاب، وخروجهم من المدارس، حتى لا يتزاحموا عليها للشراء، مشيراً إلى أن «توجيه النصح لا يجدي نفعاً مع الطلاب، خصوصاً أن (كل ممنوع مرغوب)، وهم في سنّ المراهقة، ويتميزون بالعناد وحب التجربة».
من جانبه، ذكر مدير مدارس النهضة الخاصة في أبوظبي، عدنان عباس، أن «هناك لائحة واضحة للتعامل مع الأطعمة والمشروبات الصحية في المدرسة، تمنع تماماً بيع أو دخول أي طعام أو شراب غير صحي»، مشيراً إلى أن «أي طالب يضبط أثناء تناوله أحد مشروبات الطاقة، يصادر منه فوراً من خلال أمن المدرسة، أو المشرفين والمعلمين، ويتم تحذيره والتنبيه عليه، وإعلام ذويه بخطورة هذه المشروبات، ومنعها داخل المدرسة».
وعزا عدنان انتشار هذه المشروبات وغيرها من الأطعمة غير الصحية بين الطلبة، إلى البقالات ومحال الوجبات الجاهزة، المنتشرة حول المدارس، لافتاً إلى الدور السلبي الذي تقوم به، نتيجة بيعها هذه المنتجات للأطفال والطلبة.
وتابع أن «اللوائح تمنع بيع هذه المشروبات داخل المدارس، ولكن لا تعليمات بمنع بيعها في البقالات، وهو ما يؤدي إلى ضياع معظم المجهودات التربوية في الحفاظ على صحة الطلاب».
ذوو طلبة
وشكا ذوو طلبة أن أبناءهم في مراحل دراسية مختلفة يتناولون مشروبات الطاقة في بعض المدارس في أبوظبي يومياً، وقالت منال الجارجي، وهي أم لطالبة تبلغ (14 عاماً)، إنها ذهبت لمقابلة أحد المدرسين أثناء اليوم الدراسي، وفوجئت بعدد كبير من الطالبات يتناولن مشروبات الطاقة في فناء المدرسة أثناء الفسحة، لافتة إلى أنها رفضت طلباً من ابنتها بإعطائها نقوداً لشرائها أسوة بزميلاتها في المدرسة لعلمها بخطورتها.
وأضافت: «علمت من مدرسين ومدرسات في المدرسة، أنها تشترى من البقالات المجاورة للمدرسة»، مطالبة الجهات المسؤولة بتشديد الرقابة على هذه البقالات، ومنع تناولها في المدارس.
وقال وليّ أمر طالب (13 عاماً)، شريف عبداللطيف، إنه لاحظ وجود عدد كبير من العلب الفارغة من صنفين من مشروبات الطاقة في حقيبة ابنه عند عودته من المدرسة، وعندما سأله أخبره بأنه يتناولها مع أصدقاء له في المدرسة بعد شرائها من منفذ بيع بجوار المدرسة.
تحذيرات طبية
أكدت الطبيبة مي السيد (طبيب عام)، وجود تأثيرات سلبية لمشروبات الطاقة، في صحة الأطفال، شارحة أنها تتسبب في نقص الفيتامينات اللازمة للنمو الطبيعي للأطفال، وتزيد النشاط الجسدي، ما ينتج عنه التوتر والأرق، وزيادة نبضات القلب، فضلاً عن تأثيرها السلبي في الجهاز العصبي على المدى البعيد، وتسببها في حدوث هشاشة العظام.
وأيدها في الرأي، الدكتور أحمد النشار (طبيب صيدلي)، مبيناً أن مشروبات الطاقة تعتبر أحد المنبهات القوية التي تؤثر سلباً في الجهاز العصبي، خصوصاً لصغار السنّ، إذ تزيد من التوتر واضطرابات النوم، بسبب احتوائها على نسب عالية من مادة الكافيين.
إقبال طلابي
اعتبر طلاب في المرحلة الثانوية، سلطان البلوشي ومحمد السعدي ومبارك خليفة وياسر عمر وأنور مسعد وإبراهيم صقار، أن شراءهم مشروبات الطاقة وتناولها لا يشكل أي خطأ، خصوصاً أنها موجودة في المحال، ومسموح بها، مثلها مثل المياه الغازية والعصائر.
وقالوا إن «رواجها دليل على أنها غير ضارة، فلو كان فيها أي ضرر لما سُمح ببيعها داخل الدولة»، وتابعوا أنهم يتناولونها يومياً، ولم تؤثر مطلقاً في صحتهم أو تسبب لهم متاعب.
وعزا الطلاب لجوءهم إلى الشراء من البقالات الموجودة حول المدارس بدلاً من المقصف المدرسي، إلى محدودية الأنواع المتوافرة في المقاصف، إضافة إلى سوء مذاقها، وعدم ملاءمتها مرحلتهم الدراسية، مشيرين إلى أن «أغذية المقاصف تناسب طلاب رياض الأطفال والحلقة الأولى».
دليل المقاصف
أفاد مصدر في مجلس أبوظبي للتعليم، بأن دليل المقاصف المدرسية المطبق في جميع مدارس الإمارة حدّد قائمة المواد الغذائية التي يُمنع بيعها في المقاصف المدرسية، وتتضمن اللحوم المصنّعة (مثل النقانق، والسجق، والمرتديلا وغيرها)، والمكسرات والبطاطا المقلية والشيبس، والآيس كريم، والجيلي، والمصاص، وألواح الشوكولاتة السادة (التي تحتوي على المكسرات) والعلكة السكرية، والسكريات اللاصقة (المكونة من الأصباغ)، إضافة إلى «الويفر» والمشروبات الغازية، ومشروبات الطاقة، والمياه المنكهة، والمشروبات الرياضية، و«الكورديال»، والشاي البارد، و«السلاش» و«الأسكيمو»، إضافة إلى شراب الفواكه.
100 ألف درهم غرامة
طالبت وزارة الاقتصاد بتفعيل قرار اللجنة العليا لحماية المستهلك، الخاص بمنع بيع وتداول مشروبات الطاقة في المرافق التعليمية.
وقال مدير إدارة حماية المستهلك في الوزارة، الدكتور هاشم النعيمي، إن اللجنة خاطبت مؤسسات وجهات القطاعين التعليمي والصحي لتنفيذ هذا القرار، كما اشترطت الوزارة على الشركات الموزعة لمشروبات الطاقة في الأسواق المحلية والبقالات ومنافذ البيع والمراكز التجارية، وضع هذه المنتجات في مكان محدد، مرفقة بإعلانات تحذيرية من بيعها لمن تقلّ أعمارهم عن 18 عاماً.
وأكد النعيمي توقيع غرامات مالية تصل إلى 100 ألف درهم على المحال المخالفة، مؤكداً ضرورة التزام منافذ البيع بوضع لائحة بالقرب من الثلاجات الخاصة بمشروبات الطاقة، توضح أن القانون يحظر بيعها لمن هم دون سن الـ18 عاماً.
وطالب النعيمي بإجراء حملات تفتيش للتحقق من عدم تداول هذه المشروبات في المدارس، موضحاً أن الوزارة ستنفذ حملات على البقالات ومحال البيع بالتجزئة خلال الفترة المقبلة، للتحقق من بيعها مرفقة بالإعلانات التحذيرية، ومن عدم بيعها لمن هم أقل من 18 عاماً، والتأكد من عدم وضعها في الثلاجات مع العصائر والمشروبات الغازية.
وأكد النعيمي أهمية الالتزام بمتابعة تطبيق قرار اللجنة العليا، الذي صدر في إطار جهودها المتعلقة بتوفير بيئة استهلاكية صحية، وحفاظاً على صحة المستهلكين وصون حقوقهم.
مخاطر صحية
تناول مشروبات الطاقة بكمية كبيرة في وقت واحد، يسبب:
الصداع النصفي:
معظم أنواع مشروبات الطاقة تسبب صداعاً نصفياً، بسبب تغيير مفاجئ بنسبة الكافيين في الجسم.
الأرق واضطراب النوم:
تؤثر سلباً في القدرة على النوم، فتجعله مضطرباً.
مرض السكري:
تحتوي على كمية كبيرة من السكر، ما يؤثر في كمية الأنسولين التي تنتجها خلايا البنكرياس.
الإدمان:
تحتوي على كمية كبيرة من الكافيين، ما يعوّد الإنسان عليها، ويجعله مدمناً لها.
التوتر والعصبية:
مشروبات الطاقة تسبب التوتر والعصبية.
التقيؤ:
تناول كثير من مشروبات الطاقة يسبب الارتداد المريئي، والتآكل الحمضي.
المصدر: الإمارات اليوم