كاتب إماراتي
لاأزال أصحو من كوابيسي فزعاً وأنا أحوقل وأبسمل وأبصق على النائم إلى يساري ثلاث مرات كلما تذكرت هذه العبارة!
القصة وما فيها أنني ذات مرحلة وظيفية كنت في زيارة مع مديري المباشر إلى إحدى الفعاليات المجتمعية، وعلى غير موعد تم إبلاغنا بأن أحد المسؤولين الكبار سيقوم بزيارة للفعالية، ما يتحتم معه، بروتوكولياً، أن يقوم مديري بلبس البشت، تحسباً لحضور المعزب، ولم يكن أمامه في تلك اللحظة سواي لكي يلقي له بمفتاح «موتره»، ويأمره بإحضار البشت منه. المصيبة الكبرى أن هذا المشهد حدث أمام أنظار المجموعة التي نطلق عليها مجازاً اسم «الربع» الذين، لسبب قدري لا أعرفه، دعوتهم في ذلك اليوم تحديداً ليكونوا إلى جواري! و«اخق» عليهم بمنجزات دائرتي، وليتني لم أفعل!
مرت على الحادثة 10 سنوات، ولايزالون كلما «تفلسفت» أو رفعت خشمي عليهم، أو مجرد طلبت نوعاً جديداً من المشروبات على وزن «لاتييه جورميه» يبادرونني بعبارة: عبود! هات البشت من الموتر، فأعود قانعاً إلى بشريتي وتواضعي، مجبراً لا بطلاً بالطبع!
ما الذي استدعى هذه القصة إلى ذاكرتي اليوم، بشت المدير! كنت قد تقدمت بمعاملة إلى أحد المديرين، ونامت فترة جيدة، قبل أن تتصل بي السكرتيرة ذات صباح شتوي جميل، وتقول لي، وأنا أسمع أنفاسها المتحمسة: تعال بسرعة، بوفلان اليوم «موده» أوكي، تعال يوقعلك المعاملة.
ذهبت مسرعاً، داعياً المولى ألا يتأثر «مود» سعادته بأي مؤثر خارجي، أو تغريدة خارج النص، أو إشاعة «واتسابية» في هذا اليوم، فتذهب المعاملة، وأعود إلى حلقة البحث عن واسطة.. دخلت عليه، ووقعت عيني على بشته الجميل على الطاولة، وفعلاً وقّع المعاملة.
لكن «دئيئة إزا بتريد»، لماذا يجب أن ترتبط معاملاتنا في بعض الأحيان بـ«مود» سعادته، إذا كانت معاملتي لا ترتبط بالموافقة على تحميل شحنة «كوك» من كولومبيا، ولا أطلب الترخيص لفتح فرع لشركة صينية تتاجر في البشر، ولم أحاول الحصول على استثناء لبيع كليتي لتسديد قرض البنك؟ لماذا يجب عليّ انتظار السكرتيرة والسؤال عن «مود» سعادته؟ متى يفهم المُراجِع قبل المراجَع لديه بأنه حين يدخل وأوراقه كاملة وسليمة، فلا داعي لأن يقف وقفة المؤدبين في طابور المدرسة، فأنا لست هنا «طراراً» لانتظار «مود» المحسن الكريم.
أن يمتدح المراجعون موظفاً معيناً لأنه مؤدب أو «يمشّي الناس»، يعني خللاً في المنظومة الإدارية لتلك المؤسسة، فأدب الموظف لنفسه، ولكن تمشيته للمعاملات لا علاقة لها لا بأدبه ولا بتربيته ولا «موده»، ليحتفظ بأدبه أو قلة أدبه هو حر، لكن لا يحق له عكس حالته المزاجية على المراجعين.. فيسأل الذاهب والراجع السكرتيرة المغلوبة على أمرها صباح كل يوم: «ها شو «المود» اليوم»!
عزيزي (أبووسام)، اليوم فقط أفهم قصدك!
عبرت الشط على «مودك».
المصدر: الامارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com