خبير اقتصادي عالمي
أفضل أنا وابنتي أن نقوم برحلة سنوية إلى مدينة نيويورك لمشاهدة عروض برودواي. تمتعنا بوقت جميل خلال الأيام القليلة الماضية عند مشاهدتنا لبعض الأعمال الكلاسيكية الناجحة، مع مشاهدة «استعراض عيد الميلاد» في قاعة «راديو سيتي هول». لكننا لم نكن مستعدين لحضور استعراض غنائي قررنا مشاهدته في اللحظات الأخيرة بناء على أبحاث ابنتي على أرض الواقع.
سيتم إغلاق هذا العمل الإنتاجي الأسبوع المقبل رغم أنه رائع، بعد مرور شهرين ونصف الشهر فقط على بدء عرضه في برودواي. يدل هذا، في تأكيد على نظرة اقتصادية قديمة بشأن الإشارات والمعلومات غير المتكافئة، على الكثير بشأن قوة العلامة التجارية على حساب الجودة في هذا العالم الغريب الذي نعيش فيه.
العمل عنوانه «عرض جانبي»، مقتبس من قصة حقيقية عن ديزي وفيوليت هيلتون، وهما توأمتان ملتصقتان اكتشفهما وكيل أعمال كان في زيارة إلى عمل «عرض غريب» في ولاية تكساس. وفي محاولة منهما للتخلص من أغلال حياة الاستغلال الفظيعة التي يحدق خلالها الناس في شكلهما الغريب، رحلت الفتاتان عن تكساس من أجل أن تصبحا نجمتين غنائيتين ومشهورتين على مستوى البلاد.
يشاركنا هذا العمل الإنتاجي، من خلال أغان ورقصات قوية وجذابة، في الارتفاعات والانخفاضات التي تواجهها التوأمتان. فهو يولي اهتماما خاصا للإجابة عن سؤال يتمثل في: هل يمكنهما من خلال الموهبة والعمل الشاق الهروب من نظرة المجتمع ومعاملته لهما باعتبارهما «كائنين غريبين»؟
تم تكريس جزء كبير من الاستعراض الغنائي لتسليط الضوء على التعقيدات التي ينطوي عليها قراران مصيريان بالنسبة للأختين: هل ينبغي على فيوليت أن تتزوج؟ ولو كانت الإجابة نعم، فكيف ينجح الزواج وهاتان التوأمتان ملتصقتان بهذا الشكل؟ وهل توافقان على إجراء عملية جراحية من شأنها الفصل بينهما، لكن هذه العملية قد تؤدي لوفاة واحدة منهما أو كلتيهما معا؟
لن أتحدث كثيرا عن الحبكة نظرا لأن البعض منكم قد يتمكن من مشاهدة «عرض جانبي» قبل حلول موعد إيقافه في 4 يناير (كانون الثاني) الحالي. دعونا نفكر، بدلا من ذلك، في سبب اتخاذ قرار إيقاف هذا العمل الإنتاجي – مع وجود ممثلين رائعين وأغان جميلة وحبكة قوية – بهذه السرعة.
ليست المشكلة في المقالات النقدية السيئة. ولو كان الأمر كذلك، فإن المقالات النقدية التي قرأناها على شبكة الإنترنت استحسنت العمل. ولا توجد أي مشكلة في حجم المبيعات الحالية. كان العرض الذي حضرناه كامل العدد، ولم يضم فقط جمهورا من خارج المدينة يحضر العرض لأول مرة، بل ضم كذلك أهالي مدينة نيويورك الذين ربما يكونون قد شاهدوا العرض من قبل مرة على الأقل.
لكن «عرض جانبي» يعاني من ضعف في نقل الإشارة (وهي تعني في الاقتصاد قدرة طرف معين على نقل معلومات جديرة بالثقة حول نفسه إلى طرف آخر)، ولهذا، فإن هذا العرض واجه صعوبات في تأمين مبيعات قوية من الحجوزات المقدمة. فهو يفتقر إلى تاريخ «البؤساء» و«فانتوم»، أو الارتباط بديزني (مثل «علاء الدين» و«الأسد الملك») أو وجود نسخة مشهورة على شكل فيلم «ماتيلدا». تسبب عدم اليقين الناتج بشأن الإيرادات من الحجوزات المقدمة في صعوبة ضمان حصول العمل الإنتاجي على مكان كبير في برودواي لأكثر من بضعة أشهر قليلة.
وتبين أن هذه ليست هي المرة الأولى التي يتم فيها إغلاق «عرض جانبي» قبل أوانه. في تجسيد سابق لهذا العرض في برودواي، عام 1997، استمر عرضه لمدة ثلاثة أشهر فقط – وكان آخر يوم عرض له هو يوم 4 يناير كذلك (وهناك إضافة قد تكون من قبيل الصدفة المؤسفة، وهي أنه نفس تاريخ وفاة التوأمتين عام 1969).
عندما عبرنا في المسرح عن حزننا لإغلاق العرض الحالي، قال لنا أحد الموظفين «إنهم يريدون إقبالا هائلا على هذا المسرح». ولهذا، فإن الأمر يحتاج إلى أكثر كثيرا من حبكة رائعة ومحتوى جيد وممثلين متميزين. إن الأمر يحتاج إلى آلية نقل إشارات قوية من الصعب على العديد من العروض توفيرها بغض النظر عن مدى جدارتها.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
المصدر: الشرق الأوسط
http://aawsat.com/home/article/256426/