اعتبر الفنان الكبير عزت العلايلي، ضيف شرف المعرض، أن «الشارقة للكتاب» يعبر عن مشروع حضاري عربي يقوده صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتابع قائلاً: الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية، وهي منارة متوجة على عرش الثقافة العربية، والحقيقة أن أجمل ما لفت نظري هو شعار المعرض لهذا العام الذي لخص القضية في كلمة «اقرأ» وهنا يجب أن أقول إن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي صاحب الشغف بالعلم والمعرفة، هذا الرجل العاشق لمصر الذي يجب علينا أن نصونه، لأنه يحمل رسالة سامية ليس لأبناء وطنه فحسب، بل لكل أبناء وأجيال المنطقة العربية، لقد نجح سموه في أن يكون صاحب بصمة خاصة به، بل ويشكل علامة فارقة في تاريخ الثقافة العربية والعالمية.
العلايلي صاحب المحطات السينمائية الكبيرة الذي غاب فترة طويلة عن الشاشات، تحدث عن العديد من الملفات والقضايا الثقافية والسياسية والفنية ل «الخليج» في السطور التالية:
في ظل ما تمر به المنطقة العربية من أحداث ساخنة وضاغطة، كيف ترى حال الفن العربي ؟
-الفن والثقافة والسياسة ثلاثي متصل لا ينفصل أبداً، ولعلي هنا أعود معك إلى الوراء لأتذكر ما لا يمكن أن ينساه جيلي، ألا وهو ما ظهر جلياً في فن الأغنية وبالتحديد في أشعار صلاح جاهين عن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وثورة يوليو، بل أيضاً على مر العصور التي شهدتها مصر، سواء أثناء فترة حكم السادات أو مبارك لم تنفصل السياسة عن الفن أو ينفصل الفنانون عن الأحداث التي تدور في بلادهم، وقد بدا هذا واضحاً أيضاً أثناء ثورتي 25 يناير، و30 يونيو حيث شارك فيهما الكثير من الفنانين. هذا الثلاثي المتصل يتأثر ببعضه كثيراً، ولكني أقول إن الفن هو من يمتلك مواجهة السياسة والتصدي لما يحدث من سلبيات في المجتمع بالنقد اللاذع، وهنا تحضرني مسرحية البكوات التي قدمتها والتي كانت تهاجم الأوضاع السلبية التي يمر بها العرب آنذاك. وليبق الحديث عن المنطقة العربية تدق بداخلي نواقيس الخطر المحدق بنا جميعاً، نحن في موقف لا نحسد عليه من عدة نواح، يأتي في مقدمتها علاقات الدول العربية ببعضها البعض والتي تشوبها الضبابية في أحيان كثيرة، ثم تأتي علاقتنا بالدول الخارجية، وهي في الحقيقة ليست واضحة المعالم، كل القوى الكبري لديها مطامع استعمارية، ثم نفاجأ بما يسمي داعش أو ما أطلق عليه «ماعش»، تلك المجموعة الهمجية المنظمة والموظفة عالمياً، ولنقف قليلاً لنسأل أنفسنا: من أين لهم ليس الأموال فحسب، بل المواقع والخرائط ؟ بالتأكيد هناك قوة عالمية داعمة لهم بكل قوتها، تلك القوى الطامعة لا تريد من المنطقة العربية سوى تقسيمها لنجد أنفسنا أمام «سايكس بيكو» جديدة. عندما أضع رأسي على الوسادة في الليل، وبعد جرعة الأخبار والتقارير التي أتابعها من كافة أرجاء العالم أجدني أدعو الله سبحانه وتعالى أن يبعد عنا الشيطان والخواجة سايكس وأخاه بيكو، ويبقى السؤال يرد على سؤالك حول المنطقة العربية، أين الحقيقة؟
حالة من الصمت سيطرت علي العلايلي، ولكني سرعان ما غيرت مجرى الحديث لأسأله عن حال الفن في مصر.
قاطعني ليجيب من دون تردد: نتراجع مع الأسف الشديد، نحن لا شك نمر بأزمة طاحنة سياسية واجتماعية وبالتأكيد فنية، ولكنني لم أفقد الأمل، لأننا لسنا وحدنا الذين نمر بمثل هذه الظروف وأيضاً لسنا بمعزل عن دول الجوار التي تقف بجانبنا وفي مقدمتها تأتي دولة الإمارات الحاضنة دائماً لمصر وللمصريين، ولعل هذا ليس بجديد عليها، فالمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والدنا جميعاً ومواقفه لا تنسى ووقفاته الصمودية بجانبنا محفورة في قلب كل مصري، لذا أقول إن الفن المصري في كبوة، ولكنها تلك التي يمر بها كل جواد أصيل، ولدي يقين بأننا سننهض ونعود للساحة الفنية عن قريب.
هل تلك الكبوة هي السبب وراء ابتعادك عن الساحة الفنية منذ فترة طويلة؟
-أجاب بابتسامة هادئة: رفضت العديد من الأدوار التي عرضت علي للمشاركة في السينما، لعدم وجود الدور الذي يضيف لتاريخي الفني، ورفضت أيضاً الكثير منها في الدراما التليفزيونية التي عُرضت علي في شهر رمضان الماضي، لم يكن هدفي منذ بداياتي أن أنتشر وأقدم أي دور يعرض علي، فما بالك بعد وصولي لتلك الخبرة وهذا العمر، إذ ما الذي يجبرني على تقديم عمل لست مقتنعاً به، خاصة وإن كان لا يضيف شيئاً إلى تاريخي المهني هل يمكن أن أفعل هذا مقابل حفنة من الجنيهات؟، بالطبع هذا أمر مرفوض تماماً، لن أغامر ولن أضحي بحياتي المهنية والصورة التي ارتسمت عني في أذهان جمهوري، وحتى صورتي أمام العلايلي، سأظل متمسكاً بمبدئي في الفن ألا وهو اختيار النص بعناية.
المصدر: الخليج