شنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، فجر أمس السبت، عملية عسكرية على سوريا رداً على الهجوم الكيماوي الذي اتهمت به نظام بشار الأسد، واستهدفت غارات جوية مواقع ومقار عسكرية عدة بالقرب من دمشق وحمص وحلب، دون أن تخلف خسائر بشرية بحسب بيانات متطابقة. فيما أعلنت واشنطن أن المهمة انتهت وتم تنفيذها بإحكام، وأن الضربات ستعيد برنامج سوريا للأسلحة الكيماوية سنوات إلى الوراء، و«لم تلحق أية أضرار بالمدنيين».
وقصف عشرات الصواريخ من البحر والجو ثلاثة مواقع على الأقل في نحو 50 دقيقة، منها منطقة برزة حيث معهد البحوث العلمية. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إنه تم سماع دوي انفجارات متتالية في العاصمة السورية، في وقت قال المرصد السوري، إن مبنى الأبحاث العلمية السوري في دمشق قصف في الهجوم الأمريكي، وأضاف أن عدداً من قواعد الجيش السوري في دمشق قُصفت أيضاً في الهجوم.
وبينما، نقل موقع «سكاي نيوز» عن مصادر أمريكية قولها، إن الضربة الثلاثية «الأمريكية – البريطانية – الفرنسية» استهدفت مقار الحرس الجمهوري في حلب، وأعلنت وزارة الدفاع البريطانية في بيان السبت أنها ضربت «مجمعاً عسكرياً» بالقرب من حمص في غرب سوريا، رداً على استخدام النظام السوري أسلحة كيميائية.
وأعلن البنتاجون أن الضربات استهدفت 3 مواقع محددة بدقة للسلاح الكيماوي لدمشق من خلال 105 صواريخ. وصرحت المتحدثة باسم البنتاجون، دانا وايت، للصحفيين: «نحن لا نسعى إلى نزاع في سوريا، ولكننا لا يمكن أن نسمح بهذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي (…) وقد ضربنا كل الأهداف بنجاح والضربات مبررة ومشروعة ومناسبة». وأضافت وايت: «لا تزال هناك بعض البنية التحتية للأسلحة الكيماوية في سوريا، لكن الضربات سددت ضربة قوية».
وقال اللفتنانت جنرال كينيث إف. مكينزي، إن الدفاعات الجوية السورية أطلقت 40 صاروخاً من دون أن تؤثر في عملياتنا، مؤكداً أنه «لم يتم إسقاط أي صاروخ من صواريخنا»، وذلك في تناقض مع التصريحات الروسية بأنه تم اعتراض عشرات الصواريخ. وقالت وزارة الدفاع الروسية، إن الدفاعات السورية أسقطت 71 صاروخاً من أصل 103 صواريخ.
وقال وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس، إنّ الدول الثلاث وجهت «رسالة واضحة» إلى نظام الأسد من خلال ضربات استهدفت برنامج الأسلحة الكيماوية السورية، وقال: «لقد وجّهنا رسالة واضحة إلى الأسد».
وأضاف: «من الواضح أن نظام الأسد لم يتلقَّ الرسالة العام الماضي»، في إشارة إلى الضربة الأمريكية التي نفذت في نيسان 2017 على قاعدة الشعيرات العسكرية في وسط سوريا، رداً على هجوم كيماوي اتُهم النظام السوري به في شمال غرب البلاد.
وتابع ماتيس خلال مؤتمر صحفي، «هذه المرّة، ضربنا مع حلفائنا في شكل أقوى. وجّهنا رسالة واضحة إلى الأسد ومعاونيه: يجب ألا يرتكبوا هجوماً آخر بالأسلحة الكيماوية لأنهم سيحاسبون».
وذكر رئيس هيئة الأركان الأمريكية الجنرال جو دانفورد، أنّ «القوات الأمريكية والفرنسية والبريطانية قصفت ثلاثة أهداف تتعلق ببرنامج الأسلحة الكيماوية السورية، أحدها قرب دمشق والاثنان الآخران في حمص في وسط سوريا»، موضحاً أنّ «الضربات انتهت من دون تسجيل أي خسائر أمريكية». وأكد دانفورد أنّه لم يتم التخطيط لأي عملية عسكرية أخرى في الوقت الحالي، قائلاً إن «الحلفاء حرصوا على تجنب استهداف القوات الروسية في سوريا»، مضيفاً أنّ «موسكو لم تتلقَّ تحذيراً مسبقاً بحصول الضربات». وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الضربات الغربية لم تستهدف مواقع قريبة من القاعدتين الجوية والبحرية الروسيتين في سوريا.
وقالت الوزارة في بيان بثته وكالة الأنباء الروسية «ريا نوفوستي»، إن «أياً من الصواريخ العابرة التي أطلقتها الولايات المتحدة وحلفاؤها لم يدخل منطقة مسؤولية الدفاعات الجوية الروسية التي تحمي المنشآت في طرطوس وحميميم»، في إشارة إلى القاعدتين الروسيتين البحرية والجوية.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنه أمر بتوجيه «ضربات دقيقة» ضد سوريا رداً على الهجوم بغاز سام أودى بحياة ما لا يقل عن 60 قتيلاً في السابع من إبريل/ نيسان وتم تحميله للنظام. وقال ترامب في كلمة تلفزيونية من البيت الأبيض، «أمرت منذ فترة وجيزة القوات المسلحة الأمريكية بتوجيه ضربات دقيقة لأهداف مرتبطة بقدرات الديكتاتور السوري بشار الأسد في مجال الأسلحة الكيماوية».
وفي وقت لاحق: أثنى ترامب على الضربة الجوية موجهاً الشكر للبلدان التي شاركت في هذه الضربة. وقال ترامب عبر حسابه في «تويتر»: «كانت ضربة مثالية الليلة (قبل) الماضية، شكراً لفرنسا والمملكة المتحدة على حكمتهما وقوتهما العسكرية، لا يمكن أن تكون هناك نتيجة أفضل.. تمت المهمة».
وفي تغريدة أخرى، قال ترامب:»فخور بجيشنا العظيم، والذي سيكون بعد إنفاق المليارات من الدولارات التي تمت الموافقة عليها بشكل كامل، أفضل مما كان، ولن يكون هناك مَن يقدر على الاقتراب من مستواه».
بدوره أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان، أن مشاركة فرنسا في العملية العسكرية مع الولايات المتحدة وبريطانيا في سوريا، «تقتصر على قدرات النظام السوري في إنتاج واستخدام الأسلحة الكيماوية». وبعيد الضربات التي وقعت اعتباراً من الساعة الواحدة بتوقيت جرينتش في العاصمة السورية، قال الرئيس الفرنسي في بيان، «لا يمكننا التساهل مع الاعتياد على استخدام الأسلحة الكيماوية».
وأعلن وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، أن «جزءاً كبيراً من الترسانة الكيماوية» التابعة للنظام السوري «تم تدميره» في الغارات. وقال لودريان لقناة «بي إف إم تي في» الفرنسية السبت، «دمر جزء كبير من ترسانته الكيماوية»، مضيفاً «تم تدمير الكثير في الضربات هذه الليلة».
كما أشار لودريان إلى أن الهدف من هذه الغارات أيضاً منع الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية مرة جديدة ضد المدنيين.
وأوضح بيان الإليزيه، أن «فرنسا وشركاءها سيستأنفون اعتباراً من اليوم جهودهم في الأمم المتحدة لإقامة آلية دولية لتحديد المسؤوليات ومنع الإفلات من العقاب وأي رغبة بتكرار ذلك من جانب النظام السوري».
وأكدت رئيس الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أن الضربات التي نفذتها بلادها إلى جانب فرنسا والولايات المتحدة على سوريا، «رسالة واضحة» ضد استخدام الأسلحة الكيماوية.
وصرّحت ماي في مؤتمر صحفي، أن «هذا العمل الجماعي يوجّه رسالة واضحة: المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي، ولن يسمح باستخدام الأسلحة الكيماوية». وأضافت أن هذه الضربات هي «في الوقت نفسه عادلة وقانونية».
من جانبه، قال وزير الدفاع البريطاني جافين ويليامسون لإذاعة «إل.بي.سي»، إن الضربات الصاروخية على سوريا كان لها تأثير كبير على ما يمكن أن يفعله نظام الأسد في المستقبل.
ورداً على سؤال عمّا إذا كان الغرب الآن في حرب باردة مع روسيا قال ويليامسون، إن العلاقات مع موسكو عند مستوى منخفض، لكنه يطلب من الكرملين ممارسة نفوذه على الأسد لإنهاء الحرب الأهلية السورية. (وكالات)
المصدر: الخليج