أوضح علماء الدين أن الشريعة الإسلامية تحرص على تحقيق التكامل في حقوق كل من الزوجين على الآخر، ففي الوقت الذي حثت فيه الزوج على مراعاة حقوق الزوجة، فإنها أيضاً فرضت له حقوقاً يجب على الزوجة مراعاتها.
وأشاروا إلى أنه يتحقق في الأسرة الوئام وتتوافر السعادة إذا ما عرف كل طرف فيها حقوقه وواجباته، وأبدى استعداداً في تحقيق التآلف من خلال التزامه بدوره الإيجابي السليم، وتحمل دوره ومسؤوليته تجاه الآخر.
وأكدوا أن من حقوق الزوج على زوجته، طاعته في أمره وشؤون بيته، وتكون الطاعة فيما يتفق مع مرضاة الله وأوامره، وكذلك حفظه في ماله ونفسها، واهتمام الزوجة بنفسها والتجمل لزوجها، ولا تطالبه بما لا يطيق، مشيرين إلى أن طاعة الزوج واجبة.
حقوق متجددة
أوضح د. علي جمعة، مفتي مصر السابق، أن حقوق كل من الزوجين على الآخر متنوعة ومتجددة، حيث تشمل كل ملابسات الحياة في جميع حقائقها ومظاهرها، ولقد فصّل القرآن الكريم بعض الحقوق التي لكل منهما على الآخر، وجاءت الأحاديث النبوية الشريفة بذكر شيء منها زائد على ما ورد في القرآن، والأصل في هذه الحقوق قول الله سبحانه وتعالى: (… وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ…)، «سورة البقرة: الآية 228»، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لكم من نسائكم حقاً وإن لنسائكم عليكم حقاً».
وقال د. علي جمعة: للزوج العديد من الحقوق على زوجته، أبرزها حق تدبير المعيشة وإدارة حياتهما من حيث الاستقرار في بيت الزوجية، والنظر فيما يجوز لها أن تزاوله من عمل داخل المنزل وخارجه، والانتقال بها إلى حيث يريد ويرتزق ما دام مأموناً عليها، وإعطاء الزوج هذا الحق أو تلك السلطة يقصد به المحافظة على ما منحته الشريعة الإسلامية للزوج من حقوق على زوجته بمقتضى عقد الزواج، ودفع الضرر عن نفسه وعنها وحماية حياتهما الزوجية مما قد يضر بها، وقد تحدث الفقهاء في تلك الحقوق للزوج وقالوا إنها مقيدة بما تتقيد به سائر الحقوق في شريعة الإسلام، وهو ألا يترتب عليها ضرر بالزوجة.
وأضاف: ومن حق الزوج على زوجته أيضاً حق التأديب، وأساس هذا الحق التشريعي قول الله سبحانه وتعالى: (… وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا…)، «سورة النساء: الآية 34»، وهذا الحق فرع عن كون الرجال قوامين على النساء، وقد قال الفقهاء في حدود هذا الحق بأن للرجل حق تعزير زوجته، كما للقاضي تعزير الناس كافة، لكنهم قيدوا هذا الحق بقيود يعتبر بخروجه عنها متعدياً، لأن شرعية هذا الحق مقصود بها إصلاح حال الزوجة إذا ما بان لزوجها أنها قد انحرفت عن السبيل المستقيم، فلا حق له في تعزيرها لمجرد الانتقام والإيذاء، ولا في الخروج عن تلك الوسائل التي قررتها الآية الكريمة.
رؤية شاملة
أما د. منصور مندور، كبير الأئمة بوزارة الأوقاف المصرية، فقال: جاءت شريعة الإسلام لتضع رؤية عامة وشاملة لإنجاح الحياة الزوجية، وقد حرصت الرؤية الإسلامية على تحقيق التكامل في حقوق كل من الزوجين على الآخر، ففي الوقت الذي حث فيه الإسلام على مراعاة حقوق الزوجة، وشدد على الزوج ألا يظلمها، فإنه في الوقت نفسه وضع للزوج حقوقاً يجب على الزوجة مراعاتها، وبذلك يتحقق في الأسرة الوئام والسعادة إذا ما عرف كل طرف فيها حقوقه وواجباته، وأبدى استعداداً في تحقيق التآلف من خلال التزامه بدوره الإيجابي السليم، وتحمل دوره ومسؤوليّته تجاه الآخر.
وأضاف: من حقوق الزوج على زوجته، طاعته في أمره وشؤون بيته، وتكون الطاعة فيما يتفق مع مرضاة الله وأوامره، فلا تكون الطاعة في سخط الله وغضبه ومحرماته، ومن وجوه طاعة الزوج تلبيته إذا دعاها لفراشه، والسفر معه والترحال ما لم يكن منفياً حين العقد عليها، ولزوم بيته ما لم يأذن لها الخروج، وحفظه في ماله ونفسها، وهذا الحق من صلاح المرأة وحسن دينها وخلقها، وفي ذلك قال الله تعالى: (… فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ…)، ومن حقوق الزوج أيضاً اهتمام الزوجة بنفسها والتزين والتجمل له، فتكون في بيته تسره إذا نظر إليها، قال رسول الله: «خير نسائِكم من إذا نظر إليها زوجها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسِها ومالِه»، فيلزم عليها بذلك التطيب والتجمل بما يجعلها حسنة المنظر والمظهر، ثم تولي نفسها وبيتها وأولادها اهتماما يرضيه، ولا تطالبه بما لا يطيق ولا يحتمل.
حقوق متبادلة
وأوضحت الباحثة الإسلامية، د. خديجة النبراوي، أن الله تعالى جعل للزوجة حقوقاً مالية عند زوجها، وفي المقابل جعل حق زوجها عليها أن تطيعه في جميع الأمور التي يطلبها منها، والتي لا تتعارض مع شرع الله عز وجل، وتتضمن هذه الطاعة حرصها على أمواله في حضوره وغيابه، وبالإضافة إلى إحسانها إلى عائلته، كما يتوجب على الزوجة إلا تدخل إلى بيت زوجها أي شخص يكره دخوله، ألا تخرج من منزل الزوجية إلا بإذنه، حيث إنه من حق الزوج أن يمنع زوجته من الخروج إذا كان خروجها لغير أمر ضروري أو واجب، ولا بد من التنويه إلى أن طاعة الزوج واجبة، وبالتالي لا يجوز ترك ما هو واجب بما ليس واجباً.
وقالت: يفترض بالزوجة خدمة الزوج بالمعروف، حيث إن ذلك لا يعني استعباده لها، وإنما تخدمه بقدر استطاعتها، وبما لا يحط من قدرها، ولا ينتهك من كرامتها.
حفظ أسراره
أشار د. علي جمعة، إلى أن من حقوق الزوج على زوجته حفظ ماله وكتم وحفظ أسراره، وألا تدخل بيته أحداً دون إذنه، وفي بيان هذه الحقوق أحاديث كثيرة منها ما جاء في خطبة الرسول، صلى الله عليه وسلم، في حجة الوداع: «استوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عندكم عوان ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا، إن لكم من نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذّن في بيوتكم لمن تكرهون، وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن».
المصدر: الاتحاد