سعدت كثيراً عندما شاهدت حلقة توضيحات خواطر 10 التي بثت مساء أمس وخرج فيها الإعلامي السعودي أحمد الشقيري ليرد على الانتقادات التي وصلته من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرهم وليعتذر عن سوء الفهم والانطباعات الخطأ وغير المقصودة التي وصلت بعض الأشخاص.
ما أقوله هنا جاء على خلفية بعض الانتقادات منها مقال بعنوان “دعاة الـ 3 G.. من عمرو خالد إلى الشقيري ” تداوله مغردون على موقع تويتر للصحافي المصري وائل عباس. حقيقة، ترددت قبل أن أكتب هذا المقال وبالأخص بعد قراءتي لما جاء في تغريدتين للصحفي عباس بيّن في أولاهما قيام أحمد الشقيري بالاتصال به وقوله بأن الشقيري في قمة التهذيب والتواضع والدبلوماسية. وجاء في ثانيهما وعد من الشقيري بعمل حلقة مخصوصة لتوضيح ما فهم من تعدي على حريات شخصية ومغالطات تاريخية، ذلك الذي تمثل عملياً في حلقة توضيحات.
في البداية، توقعت من صاحب المقال مقالاً آخر يشرح موقفه من الشقيري بعد هذا الاتصال ويعرّج على سوء الفهم الذي تجلى للقراء من انتقاد الكاتب لفكر وشخص الشقيري، مع اطلاعي على تقرير “تفاصيل المواجهة بين الشقيري ووائل عباس على الهاتف.. وحلقة “خاصة” من “خواطر” للرد على “دعاة الثري جي” الذي نشر على موقع “هنا صوتك” وتغريدات الصحافي عباس الأخيرة. أما الآن، فأكتب هذا المقال لكل من يظن السوء بالشقيري كنوع من الإعتذار والشكر لمسيرة عطاء عنوانها الإحسان امتدت لعشر سنوات.. فشكراً أحمد الشقيري وشكراً خواطر!
لماذا يشرع البعض بإصدار أحكام مجحفة بحق عمل ناجح كبرنامج خواطر في الوقت الذي لم يقدم المنتقدون بأعينهم جزءاً مما قدمه الشقيري؟ ألا يستحق هذا البرنامج الذي يسعى بالدرجة الأولى إلى إعادة تنشئة أو هيكلة المجتمع العربي على أسس صحيحة وركائز ثابتة سليمة تستحضر حال الأمة العربية الإسلامية في السابق عندما كانوا في أوج حضارتهم وتقدمهم الاهتمام والدعم؟
ألا يستحق منا مدمن التحسين والإحسان الشكر والتقدير بدلاً من النقد الهدام والاتهام غير المبني على الحقائق؟ لا ضير من النقد البناء منه ولا بد أن أوضح دعوة الشقيري الدائمه لجمهوره بتوجيه النصح والنقد البناء له لتلافي المشاكل أوالأخطاء إن بدرت وهذا ما قاله في بداية حلقة توضيحات- خواطر 10.
يصاحب كل موسم من البرنامج ضجة وسلسة من الانتقادات أبرزها قول البعض إن أسلوب أحمد الشقيري أشبه بجلد الذات بإخراج المشاكلات التي يعاني منها العالم العربي على السطح وقول آخرين إن برنامجه يضعف ولاء الشعوب لحكوماتهم العربية على إثر عقده لمقارنات غير متوازية بين الشرق والغرب على حسب وصفهم. لكن، ألسنا في العالم العربي بأمس الحاجة إلى هذا الصوت الذي يدعونا إلى التحرك لبناء مستقبل أفضل؟
على الرغم من هذا كله، كثيرة هي الأمور التي تدعونا نحن الشباب لشكر أحمد الشقيري على برنامج خواطر بجميع مواسمه ففي الوقت الذي نُعت فيه الشباب بـ “الهامل” واتهمه بالتقاعس والكسل، أثبت الشقيري للعالم العربي أن الشباب “فيهم خير” وبداخلهم بذور صالحة. فأفضى خواطر 8 إلى إنجازات عملية من خلال مجموعة من الأعمال التطوعية التي نفذها الشباب من دول عربية كالسعودية ومصر والأردن.
كان هذا الموسم خير مثالٍ وقدوة لكثيرين تأثروا بما شاهدوه عبر الشاشة الصغيرة، ما أوقد بأنفسهم حب البذل والعطاء لخدمة المجتمع سيراً على نهج الشقيري الذي شحذ هممهم بعمل الخير وأبرز طاقاتهم وإبداعاتهم.
ليس من اللائق أن تفرض مجموعة ما على الشقيري منهجاً معينا للإصلاح قد يخالف منهجه فأسلوب الشقيري مبني على تشريعات الدين الإسلامي والتي يشتق منها أفكاره ومبادئه في الإحسان. كما وضح الشقيري أكثر من مرة أنه ليس بداعية وإنما إنسان مهتم بالإصلاح.
أما من يقول إنه أولى بالشقيري أن يستعرض المشاكل التي يعاني منها الغرب قبل إظهار حسناتهم ومن ثم استنكر تناول خواطر 10 للسلبيات الموجودة في الغرب على غرار مدحهم في المواسم السابقة للبرنامج، فإن الشقيري واضح جداً في منهجه الذي يؤكده في كل موسم من مواسم برنامج خواطر وهو “خذ اللي ينفعك واترك السيء لأصحابه”. لذا، وان اختلفت الطرائق التي يلجأ إليها الشقيري لإيصال أفكاره، فإن الرسالة واحدة وهي البحث عن النماذج المشرقة وتبنيها في وطننا العربي.
ومن ينتقد قول الشقيري بأن المسلمين أولى بالتقدم من الغرب في إطار ما يعرضه من مقارنات، فذلك دعوة لا أكثر للمسلمين لتحقيق التقدم والمجد والصدارة الذي حققه المسلمون قبل مئات السنين في وقت كان ينهش فيه الجهل والظلام جسد الغرب.
وبالنسبة لتجاهل الشقيري للمشاكل التي يعاني منها العالم العربي من الظلم والفساد والبطالة وفساد المأكولات والغش في المصنوعات والهجرة إلى الغرب بحسب ما يقول البعض، فإن الشقيري تطرق لها مراراً في السنوات الماضية وعلق ّعلى دور ومسؤولية الحكومات العربية وواجبها تجاه شعوبها من توفير حياة كريمة لهم.
ويأتي خواطر 10 كجزء لا يتجزأ من الأجزاء السابقة ليركز فيه الشقيري على دور الأفراد في اختياراتهم وقراراتهم اليومية للعيش على الصراط المستقيم متأملاً العواقب السلبية التي تعاني منها المجتمعات إذا حادت عن هذا الصراط.
وبالحديث عن مشكلة البطالة، يجدر بي أن أذكر هنا أن الشقيري بدلاً من أن ينتقد تَضخّم هذه المشكلة في الوطن العربي، فإنه أوجد حلولاً لها في المواسم السابقة وقدم بالتعاون مع بعض رجال الأعمال دعماً للشباب للقيام بمشاريع استثمارية حتى وإن كانت المساعدات المادية بسيطة لها.
ما نحتاجه اليوم هو الحلول وليس الانتقادات لأننا أصبحنا نعي المشاكل لكننا نحتاج إلى حلول تلغي أي تبريرات حول عدم تحرك أو قيام الموسسات المعينة بدورها المرجو. أرجو من الجميع أن لا يحملوا الشقيري فوق طاقته ولن نطلب من الشقيري أكثر مما يقدمه. نحن كمتابعين له رافقناه في رحلة خواطر منذ بدايتها رَاضُون عن برنامج خواطر وسعيدون بمشاهدة محتوى يرقى بفكر الأفراد والمجتمعات ويسعى للبناء لا الهدم.
أعتقد أن الحكم على شخصية الشقيري أو برنامج خواطر يتوجب المتابعة الكثيقة والاطلاع الواسع لأن ما حققه الشقيري هو حصيلة فكر مدروس تم إنماؤه على مدى سنوات طوال لرغبة عارمة منه في المساهمة في نهضة وازدهار العالم العربي وعودته لأمجاده. نحن اليوم بأمس الحاجة لشخص مثل أحمد الشقيري الذي بتنا نفتقده في ظل الاضرابات والمشاكل التي ألمت بالوطن العربي وتبعاتها التي أثرت على نفسيات الشباب وباقي فئات المجتمع.