وُلد عبدالإله باوزير من دون يدين، لكنه استلهم قصة الشاب الأسترالي نيكولاس فوجيسيك الذي أجرت معه محطة CBN الأميركية لقاء يشرح فيه نجاحاته وهو يعيش من دون أطراف. لهذا قرر عبدالإله خوض تجربة سباق الجري، وحقق المركز الأول ببطولة الاتحاد الرياضي للجامعات السعودية التي أقيمت في شباط (فبراير) الماضي بجامعة أم القرى.
يعاني عبدالإله – الذي تحدث إلى «الحياة» عن حياته بإسهاب – من نظرات الإشفاق في الطرقات والجامعات والأماكن العامة، لدرجة أصبح يسميها «الطوق والحارس».
وُلد باوزير عام 1992 في الرياض ولادة طبيعية، وكان قدراً عليه أن يكون فاقداً لليدين، بيد أنه تعامل مع القدر أمراً واقعاً، واستطاع – بحسب حديثه إلى «الحياة» – أن يتجاوز الصدمة من دون أضرار تذكر، مؤكداً أن وقوف والديه معه أسهم بشكل كبير في ثقته بنفسه التي اكتسبها مع مرور الوقت، «طالما كنت مثيراً للاستغراب في كل مكان عام أزوره. نظرات الشفقة تستفزني، فأنا لست بحاجة إلى شفقة، لأنني معتمد على نفسي منذ زمن». وتسير أعوام عمره بتسارع كبير – بحسب قوله -، إذ إنه تفاجأ ببلوغه الأعوام الستة لكي يدرس حينها في مدارس مخصصة لرعاية الأطفال المشلولين، تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، لينتقل في المرحلة المتوسطة إلى مدرسة حكومية بحي الفاخرية في مدينة الرياض، لتكون انطلاقته الأولى في الاندماج مع بقية أقرانه في المدرسة.
ويقول عبدالإله عن هذه المرحلة: «كانت أهم مراحل حياتي، كنت لا أشعر بأي تمييز، وتخلصت من نظرات الشفقة التي كانت تطاردني في الأماكن العامة».
والتحق عبدالإله (الأول في ترتيب إخوته الستة) في المرحلة الثانوية بمعهد إمام الدعوة العلمي (معهد ديني يتبع لجامعة الإمام محمد بن سعود)، ليستفيد من قوة مناهج اللغة العربية. إذ يعمد المعهد على تدريس «شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك» منهجاً رئيساً لمادة النحو في كل الصفوف «المتوسطة والثانوية»، ويوضح عبدالإله أنه انتظم بعد ذلك في صفوف جامعة الإمام محمد بن سعود في ٢٠١٠، ليتخصص في العلوم الاجتماعية، مضيفاً: «اخترت التخصص لأن من أهم مبادئه خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، وأتمنى أن أكون أيقونة إيجابية لكل معوق. فأنا أتوقع تخرجي في العام الحالي، وتجربة الأسترالي فوجيسيك كانت ملهمة لي ولغيري».
ويقول: «يوجد سبب مهم لتغلب ذوي الاحتياجات الخاصة على إعاقتهم، ذكره الشاب الأسترالي نيكولاس عندما وجهت المذيعة سؤالاً إليه عن سر ابتسامته الدائمة المرسومة في وجهه، فأجاب بأنني لست وحيداً. بهذه الإجابة لخّص الشاب المعجزة قصة كفاحه وتفوقه في حياته العلمية والعملية، وأنا لست وحيداً، إذ مررت بأساتذة علموني وتفهموا حالي وأخلصوا معي، إضافة إلى أساتذتي في الكلية الذين ساعدوني على منجزات علمية كثيرة، أشكرهم جميعاً».
لكن في المقابل، يؤكد باوزير وجود تصرفات تزعجه من بعض الطلبة منتسبي الجامعة، «وحتى السائرين في الشوارع»، مثل امتهان حقوق المعوقين ومزاحمتهم في مواقف السيارات المخصصة لهم، وغياب الأنظمة والأدوات المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة في كثير من المرافق العامة بالرياض، مستدركاً: «الحمد لله أن إعاقتي ليست حركية، وإلا كنت سأعاني كثيراً لو كانت كذلك. أشعر بمعاناة المصابين بالإعاقات الحركية في تنقلاتهم وعدم توافر الأماكن الجيدة لهم».
عبدالله الجريدان
المصدر: الحياة