دعا سعادة الدكتور علي بن تميم مدير عام «أبوظبي للإعلام» إلى تجسير الفجوة بين المواطن العربي والكتاب.. مشيراً إلى أهمية إعادة بناء الذهنية العربية من جديد لتكون أكثر انفتاحاً على المعرفة والعلم بدلاً من الهرولة في أطر نمطية بالية. وأكد سعادته أن تحقيق ذلك يتطلب مواكبة المنظومة التعليمية والأسرية والجهد الرسمي، إضافة إلى المبادرات المجتمعية وتوجيه كل ذلك لخدمة تعزيز هذا التوجه عبر البدء برياض الأطفال التي يجب أن تجعل الكتاب جزءاً حيوياً من حياة الطفل.
جاء ذلك خلال حوار مع وكالة أنباء الإمارات ضمن مبادرة «منبر وام»، التي تمثل وقفة مع رمز من رموز الثقافة في الإمارات تتناول إشكاليات وشجون الحقل الثقافي بشكل أسبوعي. وأشار إلى أن المصالحة بين الكتاب والقارئ لابد أن تتضمن توفير الكتاب بسعر معقول «فنحن لدينا في الوطن العربي ملايين الطلبة ومن المؤسف أن نسب توزيع الكتاب متدنية ولا تواكب أنماط القراءة التي يفضلها الجيل الجديد». واعتبر تخصيص الإمارات شهراً للقراءة استجابة مثلى لحضورها الثقافي والحضاري.. مشيراً إلى اهتمام مؤسس دولة الإمارات وباني نهضتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» بالكتاب.. مستشهداً بمقولته الشهيرة «إن الكتاب هو وعاء العلم والحضارة والثقافة والمعرفة والآداب والفنون، والأمم لا تقاس بثرواتها المادية وحدها وإنما تقاس بأصالتها الحضارية، والكتاب هو أساس هذه الأصالة، والعامل الرئيس على تأكيدها».
وأوضح أن الدولة التي يصدر عن مؤسسها إعلاء دور الكتاب وقيمة القراءة، لابد أن تواصل مسيرتها في ضوء ذلك وتمنح الكتاب وعملية القراءة ما تستحق من الأهمية.. مؤكداً أن القراءة نافذة العقل على الفكر والمعرفة وهي تحول دون الغلو والتطرف. وحول مدى نجاح المؤسسات والفعاليات الثقافية الخاصة والأهلية في ملاقاة الزخم الحكومي من حيث المبادرات والفعاليات الداعمة لشهر القراءة أكد بن تميم أن مبادرات الجهات الحكومية والأهلية أثرت تأثيراً إيجابياً قوياً في بنية المجتمع الإماراتي ودفعت المؤسسات والأفراد للتجاوب مع هذه المبادرات المعرفية، إلا أنه أكد على الحاجة إلى مبادرات مجتمعية تستجيب على نحو عملي ومكثف لهذا الزخم. وقال: «نحن بحاجة إلى أن تصبح القراءة جزءاً من حياتنا يصعب الاستغناء عنه، فالقراءة ضرورة لنا لأنها تنقلنا إلى عوالم جديدة وتسهم في تطوير الأداء وصقل الشخصية».
ورداً على سؤال حول صناعة «التأليف والنشر» في الإمارات.. قال ابن تميم إن «الإمارات توفر كل الإمكانات اللوجستية لصناعة التأليف والنشر وتضع المبادرات التي تشجع على ذلك، لكن الكتابة والتأليف تتطلب شروطاً وسياقات متعددة، وعندما نقارن ما يحدث بنمو المجتمع الاماراتي، نجد أن ما تم إنجازه أمر ليس بالهين فهناك مشاركات إماراتية جيدة وهناك إقبال على القراءة كما نرى في معارض الكتاب في أبوظبي والشارقة وغيرها، وهناك مثقف إماراتي يتصف بالقراءة والمتابعة والوعي». وعن تقييمه لدور معارض الكتاب العالمية التي تستضيفها الإمارات في تنشيط الحركة الثقافية عموماً.. أكد سعادته أن لهذه المعارض دوراً ثقافياً مهماً، فهي تعرض نتاج العقول والوجدان وتقدم للقارئ أطيافاً شتى من الأفكار والإبداع وهو ما يحرض القارئ على القراءة والمقارنة والسؤال.
وأضاف «لقد اهتمت دولة الإمارات بالمعارض ووفرت لها كل سبل النجاح وشجعت المواطن على القراءة، ولعل ما يقام على هامش المعارض من فعاليات فكرية وفنية تمثل خير محفز على القراءة، كما تشكل فرصة لدور النشر الإماراتية والعربية لنشر أفضل ما لديها، ونحن نحتاج إلى تفاعل المؤسسات مع هذا الحدث كي نصنع وعياً فكرياً يجعل المجتمع الاماراتي مجتمع المعرفة». وعن مستقبل السينما والمسرح الإماراتي.. قال مدير عام «أبوظبي للإعلام»: «إن الإنتاج الإماراتي على مستوى السينما ما يزال في البدايات، وهناك أفلام إماراتية قصيرة، وطبعاً هناك دراما تلفزيونية إماراتية جيدة، ونحن نسعى في أبوظبي للإعلام لدعمها وتطوير محتواها الدرامي وتقنياتها كي تلبي الطموحات المنشودة.. وهناك مهرجانات تحتفي بالسينما في كل من أبوظبي ودبي والفجيرة، ومثل هذا سيؤثر على مستوى اهتمام الأجيال الجديدة الذين تقع على عاتقهم مسؤولية تقديم أفلام إماراتية تنافس على المستوى العربي والدولي».
وبالنسبة للمسرح.. أشار سعادته إلى وجود 16 فرقة مسرحية تتوزع جغرافياً على الإمارات السبع وتقوم بإنتاج نحو 30 عرضاً مسرحياً في السنة فيما تحتضن الإمارات 5 مهرجانات مسرحية رئيسة هي: أيام الشارقة المسرحية ودبي لمسرح الشباب والإمارات لمسرح الطفل والمسرح الجامعي والفجيرة الدولي للمونودراما والمسرح الخليجي في الشارقة.
وثمن ابن تميم الحضور الرفيع للإمارات في المحافل الثقافية الدولية والاحترام والتقدير اللذين تحظى بهما.. موضحاً أن متحف اللوفر- أبوظبي يعتبر خير دليل على هذا الحضور فهذا المتحف الذي يسعى لعرض أعمال فنية تعود إلى حضارة فنية معينة، أو فترة تاريخية، أو حركة فنية محددة في قاعة واحدة، يتسق مع مفهوم أبوظبي للعلاقة بين الثقافات والحوار بين الحضارات.
وقال «لقد استلهم المصمم المعماري جان نوفيل تصميم الجداول المائية التي تجري عبر المتحف من نظام الفلج التقليدي للري، كما صمم فكرة قبة المتحف المزينة بمخرمات هندسية استلهاماً من سعف النخيل المتداخلة والتي كانت تستخدم في تغطية الأسقف للسماح للضوء بالمرور عبرها وتكوين أشكال وألوان آية في الجمال».
وأضاف «هناك مواقع إماراتية وفنون إماراتية على مواقع اليونسكو لصون التراث المادي وغير المادي، والخلاصة أن للإمارات حضوراً رفيعاً في ميدان الثقافة العالمي وهذا كله يعود للقيادة الحكيمة التي تسعى لبناء دولة متحضرة».
المصدر: الاتحاد