كاتب وصحفي سعودي
تُوفي والد عمر عبدالله الشملان وهو مازال غضا طريا، صغيرا على الهم، طريا على الغم. فهو لم يكمل العاشرة وقتئذ. تولت أمه تربيته مع أشقائه الأربعة في ظروف صعبة ومعقدة. أجبرته هذه الظروف أن يكبر سريعا ويحلم كثيرا. قرر منذ يفوعته أن يصبح رجل أعمال. درس واجتهد وكافح حتى يتخرج ويدخل هذا المجال الساحر الغامض. كان الطريق إلى التخرج شائكا؛ كون عمر قد تقمص دور الأب مبكرا لمساعدة أسرته على اللحاق بأحلامها. نجح في ظل كل العراقيل أن يحصل على شهادة الهندسة الصناعية. قرر الدخول في القطاع الخاص وتحديدا في وظائف لها علاقة بالمالية والمحاسبة حتى تساعده على ترتيب أوراقه عندما يدخل مجال ريادة الأعمال. انتقل بعدها إلى مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لفهم واقع الدراسات التقنية والصناعية. في هذه الفترة شرع عمر في البحث عن مجال صناعي واعد يستثمر فيه. رأى أن المجال الصحي في وطننا بحاجة أكثر من غيره إلى استثمارات محلية تسهم في تعزيزه. زار عديدا من المستشفات والمرافق الطبية وهنا لمعت الفكرة في رأسه. منتجات طبية وطنية برؤية عالمية. أنفق كل إدخاره وإجازاته الوظيفية على زيارة مؤسسات طبية رائدة في العالم وحصل على دورات متقدمة في مجال التصنيع والجودة والسلامة. المشكلة الكبيرة التمويل الآن. قدم جدوى اقتصادية لبنك التسليف عام 2009 لكن اضطر أن ينتظر أكثر من ثلاث سنوات حتى ينال التمويل. حصل على نحو 1.5 مليون ريال للتمويل من البنك بعد مجهود وإجراءات طويلة. المشكلة أن المبلغ لا يكفي. هنا عمل على استقطاب شركاء ساعدوه على بناء مصنع “الصناعيون السعوديون للمنتجات البلاستيكية” في مدينة سدير للصناعة والأعمال على مساحة خمسة آلاف متر مربع، وبسبعة خطوط إنتاج متخصصة في صناعة المستلزمات الطبية. يعيش اليوم عمر حلمه بعد أن استقال من عمله وتفرغ لعشقه ولحقه شقيقه عبدالمحسن، مهندس صناعي، في العمل معه في هذا المجال. واليوم لا تكاد تخلو أغلب عيادات الأسنان من منتجاته ذات الجودة العالية والسعر الملائم. منتجات صحية تستخدم مرة واحدة حفاظا على سلامتنا من الميكروبات. المساحة لا تكفي لتفاصيل أكثر كون تجربة عمر عاصرتها كثير من التحديات التي قابلها بكل إيمان وطموح حتى حولها إلى نجاحات. يتلقى عمر عشرات الفرص الوظيفية المغرية للعمل في القطاعين الخاص والعام، لكنه يؤمن أن الغد في عالم الأعمال يخبئ له الأجمل إذا واصل بالروح والشهية نفسها. يا أصدقائي، ظروفنا الصعبة تجعلنا أقوى. الطرق الممهدة، لا تصنع سائقا ماهرا.
المصدر: الإقتصادية