عندما طرحت قيادة دولة الإمارات، الأسبوع الماضي، «نافس» ضمن مشاريع الخمسين، فإن هدفها كان الارتقاء بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، تحقق من خلالها الفائدة للإمارات أجمع، ولمواطنيها الذي هم أساسها وعمادها لبناء مستقبل مشرق للوطن.
الشراكة بين الجانبين قائمة وملموسة؛ إذ إن الطرفين كانا ولا يزالان على علاقة وثيقة، حققا فيها على مدار العقود الخمسة الماضية أعلى مستويات النجاح من خلال الدعم الحكومي للقطاع الأهلي، والتجاوب المميز الذي أبداه الأخير في مواكبة مبادرات القيادة الجريئة، ونتج عن ذلك تقدم القطاع الخاص الإماراتي على أقرانه في المنطقة.
لكن استجابة هذا القطاع للدعوات الحكومية بشأن توفير وظائف للمواطنين لم تكن فاعلة، بسبب عوامل عدة أبرزها المزايا الوظيفية التي يحصل عليها المواطن في القطاع الحكومي. لكن الأخير مهما توسع وكبر فإنه لا يستطيع لوحده توفير الأعداد الكافية من الوظائف، وخاصة للخريجين منهم، لاسيما وأن الحاجة إليهم آخذة بالتقلص بسبب تقدم التقنية، في حين استمراره بالتوظيف من أجل التوظيف فقط يجعله قطاعاً متضخماً غير منتج، حاضناً لبطالة مقنعة، وهي سياسة غير محببة في حكومة الإمارات التي تعد بين الأكثر كفاءة في العالم.
الآن، تغير الوضع، وبات هناك آليات وبرامج محددة لتوظيف المواطنين، مدعومة من الحكومة على صعيد الراتب والمزايا بعد إطلاق «نافس» لتدريب وتوظيف 75 ألف شاب وشابة إماراتيين في القطاع الخاص، بموازنة دعم ال 24 مليار درهم.
الأمر بالنسبة للحكومة ليس فقط توفير وظائف للمواطنين في القطاع الخاص؛ بل تتجاوز ذلك لتصل إلى مستوى حث الموظفين الحاليين على تأسيس مشروعاتهم الخاصة، ومنحهم خلال أشهر الإجازة «التجربة» نصف راتبهم الحالي إلى حين التأكد من أن مشروعهم قابل للنجاح من واقع التجربة.. الهدف الأسمى للحكومة هو خلق مبتكرين ورجال أعمال.
أما التجاوب السريع المقدر ورد الجميل مع مبادرة الحكومة، فجاء من مؤسسة «ماجد الفطيم» التي تعهدت بتوظيف 3000 مواطن في شركاتها، ليأتي الرد سريعاً من صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الذي أثنى على الخطوة، وشكر رجل الأعمال ماجد الفطيم، معتبراً أن شركته شريكة في الوطن، فيما هناك شركات تريد فقط الأخذ من الوطن، وكان توجيه سموّه بأن تكون لشركة «ماجد الفطيم» أولية وأفضلية في العقود الحكومية.
لا يمكن لأي حكومة مهما كانت إمكاناتها أن تحقق وحدها التنمية الشاملة، ولا يمكن في مقابل ذلك لأي قطاع خاص أن ينمو ويزدهر إن لم تكن هناك حكومة راعية عادلة مبادرة، وهذا ما تحقق في التجربة والنموذج الإماراتيين.
الجميع على يقين أن عشرات ومئات وآلاف الشركات الإماراتية أو المؤسسة في الإمارات ستحذو حذو «ماجد الفطيم»، أما هدف ال 75 ألف وظيفة، فسيتحقق خلال فترة أقل من السنوات الخمس المحددة في المبادرة، لأن اقتصاد الإمارات مقبل على مرحلة جديدة من النمو والتوسع ستوجد معهما عشرات آلاف الوظائف الجديدة للمواطنين والمقيمين.
المصدر: الخليج