كاتب إماراتي
فعلاً أشعر بالوحدة الشديدة!
أحس بأنني أعيش في عالم يختلف تماماً عن العالم الذي يعيش فيه بقية سكان الإمارات، ولم يبدأ عندي هذا الشعور أو يتكرس إلا بعد أن بدأت بالاطلاع على موقع الصور الشهير «إنستغرام».. ما هذا الذي أراه؟!
لم أكن أعلم أن جميع الوجبات الغذائية في بيوت الناس بهذا الذوق والنظام! يبدو أننا العائلة الوحيدة التي تفرش السفرة على الزولية، وتضع الأطباق كيفما اتفق، وتضع البيبسي في أكواب الجبن المستعملة، وحين تصرخ قائلاً لأمك: إن هناك قطعة بلاستيك غريبة في المجبوس، تسمع الجواب الأزلي: «قول بسم الله وكِل يا وليدي ما بتموت»!
ولم أكن أعلم أن الأسر جميعها بهذه السعادة، التي تطفح من الوجوه في صور «الانستغرام» الأب والأم والأبناء والبنات، صور مثالية تصلح للاستخدام في دعايات «سجنال تو»، أو «مليونير المشرق»، الأمر أشعرني فعلاً بأننا الأسرة الوحيدة التي لم تتصور جماعياً إطلاقاً، لأن شقيقتي لاتزال غاضبة منذ عشر سنوات من أخي الذي سرق سيارتها «وصاده رادار» في ذلك اليوم، ولأنني لا أتصور مع أخي الآخر مطلقاً، بسبب مباراة الشباب والوصل الأخيرة، ولأن أمي ترفض أن يقوم أحد بحركة «حبتين» التي تراها سمجه!
الجميع في «الانستغرام» لديه تلك السيارات اللامعة التي تظهر كأنها «معابله» في الوكالة تواً، وكأني أنا الوحيد الذي يملك سيارة ليس فيها موضع إلا وقد أصابته «ضربة سيف أو طعنة رمح أو قبلة تاكسي»!
الأطفال يظهرون ملائكيين جداً لدى الجميع، ألا يوجد من لديه أطفال مثلنا، ليس فيهم سوى شخابيط على الوجه؟ أو لذعة خيزرانة على الذراع؟ أو ذلك الميكروكروم الأحمر الشهير على الركب؟ ألا يوجد أحد لديه صورة تظهر طفله وهو يرتدي ملابسه «بالعكس»؟ ألا يوجد أناس طبيعيون مثلنا، أم ربما كنا نحن الاستثناء؟!
حتى الزملاء الكتاب، كشف لي «الانستغرام» أن قرائحهم تعمل في أماكن مثالية، فهم يكتبون إما في براري جميلة، أو في مقاهٍ راقية، أو غابات مطيرة، ألا يوجد من يكتب مثلي من غرفة خلفية يعلوها «الإستبسوس»، وتطل على حظيرة في عزبة؟!
المصدر: الامارات اليوم