صحفي وكاتب سعودي
عن عمر ناهز 94 عاماً رحل عن دنيانا أقدم وأهمّ قيادي في «الإخوان المسلمين» عالمياً، وهو المصري يوسف ندا في مستقرّه الأوروبي بعيداً عن مصر.
الرجل من الرعيل الأول لجماعة «الإخوان»، وهو بمثابة «شاهبندر الإخوان»، وقابض أموالهم، ومشغّلها، ومنسّق علاقاتهم الدولية، ومسيّرها، وهو خزنة أسرار الجماعة السياسية «لعب» مع الغربيين كثيراً، ومع الشرقيين كذلك، هو المبشّر بالخمينية، والناسج لتحالفات «الإخوان» معها.
هو من «اخترع» المال الإسلامي، أعني هو من خلق نظام مالية وشبكة بنوك «الإخوان»… وُلد يوسف ندا في مدينة الإسكندرية في مصر عام 1931، وانضم لجماعة «الإخوان» عام 1947، وتخرج في كلية الزراعة، جامعة الإسكندرية، في بداية الخمسينات.
اعتُقل مع مجموعة إخوانية بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1954، وبعد أن أُفرج عنه في أبريل (نيسان) من عام 1956، بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب الجماعة. وفي أغسطس (آب) من عام 1960، قرر نقل نشاطه المالي من مصر، حيث توجه إلى ليبيا ومنها إلى النمسا وسويسرا وإيطاليا.
أُدين يوسف ندا بتمويل عمليات إرهابية لحساب «الإخوان» في مصر، وأُدرج مؤخراً، قبل وفاته بقليل، في قوائم الإرهاب ضمن 76 قيادياً آخرين من الجماعة لمدة 5 سنوات تبدأ من 9 ديسمبر (كانون الأول) 2024.
أقرّ في كتابٍ له بأنه وجماعة «الإخوان» ساعدوا في ثورة الخميني وإسقاط الشاه، والتقوا بالخميني في باريس، وعندما انتصرت الثورة عام 1979 شكّلوا وفداً للتهنئة.
دراسة الممكن من حياة الرجل وأسراره – وهو تحدث وكتب كثيراً – تكشف عن سيرة قرن عربي صاخب، مع جماعة «الإخوان»، منذ أسسها حسن البنّا 1928 قبل ولادة يوسف ندا بـ3 سنوات، وفي الإسماعيلية، على مقربة من الإسكندرية، مسقط رأس ملياردير «الإخوان» الأول.
ما دور يوسف ندا في «الربيع العربي»؟ ما دوره في الحركات الإخوانية في الخليج؟ ما دوره في «تضبيط» علاقات «الإخوان» مع الدول الغربية، خاصة الأوروبية منها؟ ما دور يوسف ندا في تدوير أموال الجماعة واستخدام هذه الأموال لجذب الولاءات من الآخرين؟!
أسئلة كثيرة وأجوبة قليلة، لكنها ليست معدومة، والأهم هو السؤال عمن يحاول أن يستنسخ تجربة يوسف ندا اليوم، ومن يشغّل أموال «الإخوان» على مستوى العالم، خاصة في مجال السوشيال ميديا والتكنولوجيا الرقمية؟!
هناك نسخ حديثة و«مودرن» من يوسف ندا في الدول العربية، تسخّر المال والعلاقات لخدمة المشروع الاستراتيجي للجماعة، مشروع «التمكين» سواء بالتجارة الحرة أو بالانغماس داخل المناصب الحكومية الرفيعة، حتى المناصب الأمنية منها.
يوسف ندا… أسلوب وليس مجرد شخص.
المصدر: الشرق الأوسط