قفزت مبيعات الذهب الفردية إلى مستويات مرتفعة في السعودية، بالتزامن مع حلول عيد الفطر المبارك، الموسم الذي يعد من أهم المواسم التي تشهد فيها السوق تحليقا واضحا في المبيعات، بعد ركود حركتها طوال شهر رمضان، الوقت الذي يسجل فيه الإقبال أدنى مستوياته على الإطلاق، إلا أن العيد دفع بالمبيعات لتحقيق أرباح إضافية طالما انتظرها المستثمرون في هذه العملة العالمية.
وتنوعت أسباب شراء الذهب، ما بين إهدائه إلى الأقارب والوالدين، أو شرائه من أجل التزين به في يوم العيد، وأمور مختلفة اتحدت لتشكل الوضع الحالي في السوق، الذي يعيش أفضل أيامه بعد أن تضاعفت مبيعاته إلى أفضل وضع يمكن تحقيقه، بحسب شهادات عدد من المتعاملين في قطاع الذهب، الذين رجحوا أن تكون نسبه الحركة قد تجاوزت الـ150 في المائة، عما كانت عليه في رمضان المنصرم.
عبد العزيز الدوسري، الذي يمتلك العديد من متاجر الذهب، أشار في حديثه مع صحيفة الشرق الأوسط إلى حدوث فورة في المبيعات منذ قرب العيد، الأمر الذي جعلهم يستنفرون جميع طاقاتهم لاستقطاب أكبر عدد ممكن من العملاء، باعتبار هذه الفترة من المواسم المهمة التي يعتمدون عليها في تحقيق الأرباح، خاصة أن الذهب يعتمد في مبيعاته على المواسم بدرجة كبيرة، وعلى رأسها هذه الأيام التي دفعت بالمبيعات إلى مستويات كبيرة.
وأضاف “تخوفا من ارتفاعات متجددة، استغل المستهلكون هذا الانخفاض الطفيف لأسعار الذهب في شراء أكبر قدر من الكميات التي يرون أنها تكفي لاحتياجاتهم وتعدد مقاصدهم، فمنهم من اشتراها لتقديمها كهدية عيد إلى والدته أو زوجته، والبعض اقتناها بقصد حفظ أمواله فيها والانتظار مجددا لحين عودتها للارتفاع، وآخرون يفضلون اقتناءها في العيد، وقسم استغل انتهاء رمضان وقدوم الزواجات والمناسبات وأراد الاحتفاظ بكميات قليلة منه لتقديمها كهدايا ثمينة في المناسبات المهمة”.
يذكر أن أسعار الذهب عالميا قد تراجعت إلى مستويات معقولة خلال الأشهر القريبة الماضية، بعد موجة ارتفاعات سجلتها أسعارها خلال الفترة التي سبقت هذا الانخفاض، ويلاحظ مهتمون في قطاع الذهب أن لانخفاض الأسعار ولو كان بنسب بسيطة تأثيرا واضحا في انتعاش المبيعات، وإعادة الحياة إلى السوق بعد أن تسلل اليأس إلى المتعاملين بأنه لا رجوع إلى الوراء في تخفيض الأسعار.
من جهته، وصف محمد مكرماني، صاحب محل مجوهرات، حال السوق الحالي بأنه أصبح مطمئنا لهم كمستثمرين، بعد أن عادت الأسعار إلى معقوليتها وجذبت على أثر ذلك المشترين، الذين لازمتهم فوبيا الشراء خلال الفترة الماضية، نتيجة سير السوق نحو الارتفاع، موضحا أن المشكلة تكمن في عالمية السوق، وأن أي اضطراب اقتصادي يحدث في العالم يغير سعر الأوقية منه، لافتا إلى أن الاستقرار المحلي للاقتصاد ليس كافيا لجذب العملاء.
وكانت أسعار الذهب قد شهدت تذبذبات واضحة خلال العامين الماضيين، تركزت وتيرتها على الارتفاع، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يشهدها العالم بشكل عام، كما أن لارتفاعات أسعار النفط أثرا واضحا على الصعود بالمؤشر إلى الارتفاع، وشكلت الاضطرابات التي تشهدها منطقة اليورو ضغطا إضافيا على تنامي الطلب على الذهب، باعتباره الخيار الآمن والرقم الصعب في أحلك الأزمات الاقتصادية، التي تعصف ببعض الاقتصادات العالمية في الوقت الراهن.
وبالعودة إلى مكرماني، فقد كشف عن تنافس محموم بين مصانع الذهب، الذين فتح لهم انخفاض الأسعار بصيص أمل، وجعلهم يدفعون بعشرات التصاميم إلى السوق، الأمر الذي يشكل حافزا لا يمكن تجاهله في دفع عمليات الشراء، خصوصا أن تصاميم أطقم الذهب تعد من المغريات التي تجذب العملاء وتغريهم بالاقتناء، مبينا أن السوق تعج حاليا بالتصاميم والموديلات الجديدة التي أضافت لمستها على زيادة المبيعات التي لامس ارتفاعها الـ150 في المائة.
وشهدت سوق الذهب في الوقت الماضي توقعات مسبقة لانخفاضات في أسعار الذهب، وفقا لتقارير اقتصادية طرحت نهاية العام الماضي، حيث ذكرت تلك التقارير أن أسعار السوق ستعود في نهاية المطاف إلى الانخفاض، لعدم وجود أسباب مقنعة لتحليق أسعاره إلى مستويات إضافية، أو حتى بقائها على وضعها السابق.
وفي صلب الموضوع، أكد سعيد جياش مدير أحد محلات الذهب، أن ما يميز سوق الذهب عن غيرها من الأسواق هو ارتباطها الوثيق والمباشر بالمواسم، ففي بعض الحالات يمر الشهر تلو الآخر ولا يحقق المحل حتى تكاليفه التشغيلية، لكن عند حلول الموسم ولو كان ذا أيام معدودة، تقوم المحلات بنفض الغبار وتعويض ذاك الركود الذي أصابها، وتبدأ بشكل فعلي في تحقيق الأرباح، وهو الأمر الذي يعيه جيدا تجار الذهب الذين يقتنصون المواسم لتحقيق المكاسب.
وحول أسعار الذهب الحالية كشف جياش أن سعر الأوقية عيار 10 وصل إلى 22.13 دولار، أما عيار 14 فقد حققت 30.79 دولار، وبالنسبة إلى العيار 18 فلامس سعر الأوقية منه 39.45 دولار، أما عيار 21 فقد وصل سعر أوقيته إلى 45.95 دولار، في حين حقق العيار 22 ما يقارب 48.11 دولار، يليه العيار 24 فقد تجاوز سعر الأوقية 52.44 دولار، وهي أسعار يمكن وصفها بالمنخفضة، إذا ما قورنت بالفترات الماضية التي ارتفع فيها سعر المعدن الثمين إلى نسب عالية.
يذكر أن الاستهلاك السعودي للذهب يعد الأعلى على النطاق الشخصي، وذلك لعمق العلاقة التاريخية بين المواطن السعودي والذهب، الذي يعتبره المواطنون فيها من أكثر المعادن الوفية عند إصدار قرار البيع، وأن استهلاك الذهب في السعودية يشهد حراكا ملحوظا، والسوق هنا من أهم الأسواق الواعدة في المنطقة والعالم في مجال الذهب.