في الوقت الذي أعلن فيه عن «تعليق مؤقت» للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في القاهرة، أمس، بالتزامن مع اندلاع القتال من جديد في قطاع غزة، استمرت المحاولات المصرية من أجل تجديد وقف إطلاق النار والتوصل إلى هدنة جديدة، بهدف استئناف المحادثات حول ورقة فلسطينية «مرنة» قدمها الوفد الفلسطيني إلى الجانب المصري تتعاطى مع اتفاق من مرحلتين. وفي غضون ذلك، يصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الدوحة اليوم ويصطحب معه رئيس الوفد الفلسطيني الموحد عزام الأحمد من أجل مزيد من المباحثات مع زعيم حركة حماس خالد مشعل في محاولة لإنقاذ محادثات القاهرة.
وقال المسؤول الفلسطيني قيس أبو ليلى عضو الوفد الفلسطيني المفاوض في القاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن «المفاوضات علقت لعدة أيام فيما تجري محاولات مصرية لتمديد وقف إطلاق النار من أجل استئناف المباحثات على الورقة الفلسطينية الجديدة». وأوضح: «ثمة محاولات لتمديد الهدنة أو الوصول إلى هدنة جديدة من أجل استئناف المفاوضات حول الورقة التي قدمناها للإخوة في مصر».
وأضاف أبو ليلى أن الفلسطينيين قدموا ورقة تتعاطى مع فكرة مرحلتين على أن يتفق في المرحلة الأولى على قضايا رفع الحصار وفتح المعابر وإعادة الإعمار من دون قيد أو شرط، بينما تؤجل القضايا المعقدة (إقامة مطار وميناء في غزة) مدة شهر آخر.
وردا على سؤال حول السبب الذي أعاق التوصل إلى اتفاق خلال الجولة الأخيرة الحاسمة في القاهرة، أجاب أبو ليلى: «تصميم الإسرائيليين على نزع السلاح وتقييد التسلح وربط ذلك بالاتفاق».
وكشف أن «من بين القضايا التي عطلت الاتفاق إصرار إسرائيل على ربط فتح المعابر في غزة بعبارة: التنسيق مع السلطة». وأضاف أن «ذلك بالنسبة لهم (الإسرائيليين) يعني أنهم يستطيعون استخدام الفيتو وقتما يشاءون».
وبحسب أبو ليلى فإن المفاوضات لن تستأنف فورا، وقال إن الوفد الفلسطيني برمته سيغادر القاهرة اليوم ولا يعرف متى سيعود.
من جانبه، أكد عزام الأحمد، رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض تقديم «ورقة موقف» من الجانب الفلسطيني للمصريين. وقال بعد تعليق المفاوضات: «لم يحدث أي تقدم بالمفاوضات الحالية الآن رغم التمديد الذي حصل حتى اللحظة، والأمور ازدادت تعقيدا». وتابع في تصريح مقتضب أن «الوفد الإسرائيلي يحاول فرض ما يريده، وهذا مستحيل أن نقبل به كفلسطينيين، وكذلك عملية التسويف والمماطلة التي ما زالوا يستمرون بها». وأردف: «نأمل أن نتلقى ردا قبل هذه المدة حتى نستطيع تحديد الخطوة اللاحقة، وإننا كفلسطينيين مارسنا المرونة لأقصى درجة ممكنة».
ومن المفترض أن يلتقي الأحمد بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله اليوم قبل أن يغادرا سويا إلى الدوحة للقاء رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل.
وقال السفير الفلسطيني لدى قطر منير غنام إن عباس «سيتوجه مساء الأربعاء (اليوم)، إلى الدوحة لإجراء مشاورات حول المفاوضات الحالية في القاهرة من أجل التوصل إلى هدنة دائمة في قطاع غزة». وأوضح أن عباس سيجري أيضا محادثات غدا (الخميس) مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، مضيفا أن عباس سيتطرق مع محادثيه إلى «التطورات الأخيرة في المفاوضات» بين إسرائيل والفلسطينيين حول هدنة دائمة و«جهود الإغاثة وإعادة الإعمار في قطاع غزة».
وتابع غنام أن عباس سيتوجه بعد الدوحة إلى القاهرة في إطار الاتصالات التي تجريها القيادة الفلسطينية «للتشاور مع كل الأطراف المعنية» بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
ومن المفترض أن يصل عباس إلى القاهرة الجمعة، ثم يلتقي بالرئيس عبد الفتاح السيسي السبت.
وثمة ربط مباشر بين وقف إطلاق النار وجهود إعادة الإعمار في غزة اللذين سيناقشهما عباس في قطر ومصر.
ولا يعتقد أن ترد إسرائيل فورا على الورقة الفلسطينية، بعدما أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفده أمس بالانسحاب الفوري إثر سقوط صواريخ من غزة على بئر السبع القريبة.
وفورا اجتمع المجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي «الكابنيت» لتدارس الموقف بعد تعليق مفاوضات القاهرة. واتهمت إسرائيل مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس بتصعيد الموقف.
وقالت مصادر إسرائيلية أمنية إن مشعل أمر خلايا لا تتبع مباشرة لحماس بإطلاق الصواريخ على إسرائيل بهدف «تشويش سير» مفاوضات القاهرة.
وكانت 3 صواريخ سقطت في بئر السبع قبل 8 ساعات من موعد انتهاء هدنة 24 ساعة، وردت إسرائيل بسلسلة غارات على غزة أدت إلى إصابة خمسة ونزوح آلاف الفلسطينيين.
وقال مسؤول بالحكومة الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمر مفاوضيه بالانسحاب من المحادثات والعودة إلى إسرائيل بعد إطلاق صواريخ سقطت من غزة قرب بئر السبع.
وقال مارك ريغيف، المتحدث باسم نتنياهو، «إطلاق الصواريخ هذا انتهاك خطير ومباشر لوقف إطلاق النار».
بينما عد وزير الاقتصاد نفتالي بينت «التفاوض مع منظمة إرهابية لا يسفر إلا عن المزيد من الإرهاب، يجب أن يكون رد إسرائيل على حماس صارما». وأضاف: «فقط رد قوي وشديد كما تفعل الدول ذات السيادة إذا تعرضت أراضيها لإطلاق صواريخ يمكنها أن توقف حالة التدهور. وآجلا أم عاجلا سنضطر إلى حسم المعركة مع حماس ولا مناص من ذلك».
وفي هذا الوقت دعا كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى تبني قرار يضمن انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967.
وقال في مؤتمر صحافي في العاصمة الروسية موسكو «نحن الآن نطالب رسميا المجتمع الدولي ومجلس الأمن تحديدا بإصدار قرار يثبت فيه سقف زمني إلزامي لاستكمال انسحاب القوات الإسرائيلية لحدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967».
وفي وقت سابق اجتمع عريقات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ضمن جولة مقررة سلفا زار فيها عريقات قبل روسيا مصر والدوحة.
المصدر: رام الله: كفاح زبون – الشرق الأوسط