كاتب سعودي
..وبعدين مع الهيئات؟!.. في كل يوم تظهر لنا هيئة جديدة تترك مهمتها التي أنشئت من أجلها وتركز على المنع والمصادرة والوصاية، فنحن لم نكد نتأقلم مع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات التي لم تحقق لنا أي تقدم يذكر على صعيد الاتصالات أو على صعيد تقنية المعلومات بل كل ما فعلته هو محاولة منع مجانية استقبال اتصالات التجوال خارج البلاد ومراقبة البلاك بيري والتصدي لبرامج الاتصالات المجانية مثل التانغو والفايبر لأنها رفضت المراقبة، حتى ظهرت علينا هيئة الإعلام المرئي والمسموع التي استبشرنا بها خيرا وقلنا لعلها تساهم في تحقيق نقلة في الإعلام المرئي والمسموع بعد أن سحقته برامج اليوتيوب المحلية وإذ بها تدشن عهدها بالإعلان عن نيتها وضع مواد اليوتيوب المحلية تحت المراقبة، ما يعني أن اليوتيوب سوف يصبح (غصبتيوب)!.
فقد كشف رئيس الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع الدكتور رياض نجم عن توجههم إلى فرض رقابة على المحتوى المرئي الذي يعرض في مواقع عدة ومن بينها (يوتيوب) وإلزام الراغبين في الانخراط فيها بالحصول على تصاريح توضح الضوابط والشروط منوها في تصريحه لجريدة الحياة على هامش اللقاء المفتوح الذي عقده مع رجال أعمال وإعلاميين في غرفة تجارة الشرقية أن الهدف من هذا الإجراء (احتواؤهم)!.
قبل فترة وجيزة ذكرت إحصائية أن عدد المشاهدات اليومية على موقع اليوتيوب في الوطن العربي 300 مليون مشاهدة 63 بالمئة منها في السعودية وبالأمس نشرت دراسة محلية تقول إن 53 في المئة من السعوديين لا يستطيعون الاستغناء عن موقع التواصل الاجتماعي تويتر، وأغلب نجوم اليوتيوب المحترفين منهم والهواة لديهم نشاط واسع في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعيهم بالملايين وكل واحد منهم يستطيع تمرير مادته بالطريقة التي يريد وفي اللحظة التي يريد ما يعني أن هيئة الإعلام المرئي والمسموع سوف تجد نفسها أمام بحر متلاطم من المواد الإعلامية التي لا يمكن احتواؤها في قارورة مياه معدني وستضيع جهود موظفيها وتهدر ميزانيتها في مهمة لا قبل لها بها، تماما مثلما فعلت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات التي يبدو أنها مع مرور الأيام بدأت تخضع للأمر الواقع بعد أن اكتشفت متأخرا أنه لا يمكن السيطرة على برامج الاتصال المجانية عبر الإنترنت.
الدور الحقيقي للهيئة هو أن تبادر بالفعل لا أن تشغل نفسها بردود الفعل، فالنجاح الكاسح والسريع لشباب اليوتيوب نشأ بسبب ضعف البرامج التلفزيونية المحلية، ولعل المهمة الأولى التي يجب أن تركز عليها الهيئة هي أن أغلب مشاهدي المحطات الفضائية الخاصة هم من السعوديين وثلاثة أرباع الإعلانات في هذه الفضائيات تأتي من السعودية ورغم ذلك فإنك حين تفتش عن قنوات فضائية داخل السعودية توازي حجم هذا السوق الضخم لا تجد إلا عددا قليلا جدا من القنوات الدينية وقنوات الإبل!.. وكل ذلك بالطبع بسبب فكرة (الاحتواء) الرقابي والبيروقراطي المنفرة للعمل التلفزيوني، ولأن الطبيعة كما قلنا لا تقبل الفراغ فقد بحث الناس عن المواد التلفزيونية التي تشبههم وتجسد واقعهم المحلي وتعبر عن أفكارهم ولم يجدوا ذلك متوفرا إلا في المواد التي ينتجها شباب موهوبون على شبكة الإنترنت!، وإذا كانت هيئة الإعلام المرئي والمسموع تنوي حقا التأثير في هذا الواقع فإن عليها أولا (احتواء) هذا الفراغ العظيم!، لا أن تضيع وقتها وأموالها في خطة (الغصب تيوب)!
المصدر: عكاظ