غياب البيئة الغذائية السليمة يفاقم بدانة الأطفال

منوعات

سمنة الأطفال صداع يؤرق كل أسرة، وباتت تمثل إحدى أخطر المشكلات الصحية في عصر «الوجبات السريعة»، وقلما تجد دولة لا تعاني من هذه المشكلة؛ فهي ظاهرة عالمية، الأمر الذي يتطلب تكاتف كل المؤسسات العالمية للحد من خطورتها على صحة أبنائنا.

تعد سمنة الأطفال من أهم تحديات الصحة العامة، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالصحة الجسدية والنفسية خلال مرحلة الطفولة والمراهقة، وحتى سن البلوغ،

ويؤكد الأطباء أن العديد من الأطفال يترعرع اليوم في بيئة تشجع على زيادة الوزن، ومن ثم الإصابة بالسمنة، وأن مشكلة اختلال الطاقة ترجع إلى التحولات في أنواع الأغذية، والتوافر ورخص الأسعار والتسويق، وكذلك إلى انخفاض النشاط البدني، وإنفاق المزيد من الوقت على الأنشطة الترويحية المتسمة بقلة الحركة.

معدلات كبيرة

وكشفت دراسة أجريت أخيراً بالدولة أن حالات زيادة الوزن والسمنة بين الأطفال تشكل حوالي 20%من المرحلة العمرية من 6 إلى 10 سنوات، وحوالي 40%من المرحلة العمرية 11 إلى 19 عاماً، وهذه النسب تعد من بين المعدلات الكبيرة التي يجب التوقف عندها ودراستها وإيجاد الحلول لها قبل تفاقمها.

ويعرف مرض السمنة على أنه اختلال توازن الطاقة بين السعرات الحرارية التي تدخل الجسم والسعرات الحرارية التي يحرقها، فهناك زيادة في مدخول الأغذية الكثيفة الطاقة والغنية بالدهون وزيادة في الخمول البدني بسبب عدم الحركة.

مطالب صحية

ومع تزايد معدلات السمنة الوزن الزائد لدى الأطفال، طالب الأطباء بضرورة تنفيذ برامج شاملة تعزز مدخول الأغذية الصحية، وتقلل من الأغذية غير الصحية والمشروبات المحلَاة بالسكر في صفوف الأطفال والمراهقين، وكذلك تنفيذ برامج شاملة تعزز النشاط البدني وتقلل السلوك المتسم بقلة الحركة في صفوف الأطفال والمراهقين.

كما شدد الأطباء على ضمان تعزيز الإرشادات بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية وتكاملها مع الإرشادات المتعلقة بالرعاية في فترة ما قبل الحمل والولادة، وذلك للتقليل من خطر سمنة الأطفال وتوفير الإرشادات والدعم بشأن اتباع نظام غذائي صحي، والخلود إلى النوم، وممارسة النشاط البدني في المرحلة المبكرة من الطفولة.ضغط الدم

وقال الدكتور محمد المقدادي رئيس قسم الجهاز الهضمي في مدينة الشيخ خليفة الطبية بأبوظبي إن إحدى الدراسات المتعلقة بسمنة الأطفال التي أجريت في المدينة الطبية وركزت على العامين الأولين من عمر الطفل، أشارت إلى أن السمنة في هذه الفئة العمرية قد تستمر مع الطفل حتى الكبر، وبطبيعة الحال قد تؤثر في صحتهم فيما يتعلق بالأمراض المرتبطة بالسمنة والأمراض المرتبطة بها.

وأضاف أن إصابة الأطفال بزيادة في الوزن بعمر أقل من عامين قد تزيد من احتمالية إصابتهم بارتفاع ضغط الدم بنسبة تتراوح ما بين 20 إلى 30%، كما تزيد سمنة الأطفال احتمالية إصابتهم بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة تقدر بـ25%، كما تعرضهم للإصابة بأمراض القلب والشرايين.

تأثير سلبي

من جانبه، قال الدكتور سالم عوض، استشاري الطب الباطني وجراحة المناظير وأمراض الكبد في أبوظبي إنه في ظل الزيادة في معدلات الإصابة بالسمنة أصبح من المتوقع خلال الـ15 عاماً المقبلة أن يشكل مرض السمنة وزيادة الوزن أحد المسببات الرئيسية للوفيات في الدولة.

ولما لها من تأثير سلبي على الكبد فهي تزيد من احتمالية إصابة الأفراد بتليف الكبد بنسب كبيرة جداً مما قد يسبب سرطان الكبد وزيادة معدل الوفيات، لافتاً إلى أن أمراض الالتهاب الكبدي ستختفي قريباً ويأتي مرض السمنة ليتصدر مسببات الوفيات.

تغذية مفرطة

فيما تؤكد هيئة الصحة في أبو ظبي أن البدانة عند الأطفال في أبو ظبي ترجع لعدة أسباب أهمها التغذية المفرطة للطفل رغبة في أن يتمتع بصحة جيدة، وكذلك مكافأة الطفل بالحلويات والأطعمة غير الصحية كنوع من التشجيع على الأداء، وسهولة حصول الأطفال على المشروبات الغازية ورقائق البطاطا والحلويات والشوكولاتة كما قد ترجع نسب ضئيلة للبدانة لخلل طبي في الغدد أو أسباب جينية.

وتشير إحصائيات الهيئة إلى أن 14%من طلاب المدارس في إمارة أبوظبي يعانون زيادة الوزن، بينما يعتبر 15%منهم من زائدي الوزن..

وتشير دراسات أخرى إلى أن 27%من الطلبة يمارسون النشاط البدني لمدة 60 دقيقة يومياً، فيما أكدت نتائج الدراسة الميدانية التي أجريت بالتعاون من منظمة الصحة العالمية في الدولة قبل خمس سنوات قدرت نسبة انتشار السمنة بين الفئة العمرية لطلاب المدارس في أبو ظبي بين 13 – 15 سنة بنحو 39.9%من الطلاب.

توعية الأمهات

وقالت الدكتورة أمنيات الهاجري، مدير دائرة الصحة العامة والأبحاث في هيئة الصحة إن جزءاً من دور الأم يتمثل في التأكد من أن طفلها يتبع نظاماً غذائياً صحياً متوازناً لينمو بطريقة صحية سليمة، وأضافت «من الضروري أن يدرك الآباء والأمهات تعرض الابن أو البنت لمشكلات السمنة، حيث يلعب الأهل دوراً أساسياً في معالجة هذه الحالة..

وتجنبها إذ إن مشاركة الأهل من العوامل الرئيسية في الحــد مــن سمنــة الأطفال ومعالجتها، وبالتالي يعتبــر إدراك الأهل لمشكلات الوزن أمــراً حيويــاً بتجنيـــب أولادهــم العوامــل الرئيسيــة للــوزن الزائــد والسمنــة.

وتضيف: ثمة صلة بين سمنة الأطفال وزيادة احتمال الإصابة بالسمنة والوفاة المبكرة والعجز بين البالغين، ولكن بالإضافة إلى زيادة المخاطر المستقبلية يعاني الأطفال المصابون بالسمنة صعوبات في التنفس، وتزداد مخاطر خطر إصابتهم بالكسور وضغط الدم المفرط، ويؤكد الأطباء إلى أنه يمكن إلى حد بعيد الوقاية من زيادة الوزن والسمنة.

ومن الأمراض غير السارية المرتبطة بها مثل أمراض القلب والسكري وغيرها، وذلك في أن يحدوا من مدخولهم من إجمالي الدهون والسكريات وأن يزيدوا استهلاكهم للفاكهة والخضار وكذلك البقوليات والحبوب غير المنخولة والجوز والبندق وأن يمارسوا النشــاط البدنــي بانتظــام.

طلبة المدارس

وقالت الدكتورة منال تريم المدير التنفيذي لقطاع الرعاية الصحية الأولية في صحة دبي إن السمنة وتحديداً بين طلبة المدارس تعتبر من أكبر التحديات التي تواجهها الجهات الصحية، لاعتبارها مدخلاً للأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، مشيرة الى أن السمنة تعد المدخل الرئيسي لجميع الأمراض.

وقالت تريم إن صحة دبي وقعت اتفاقية مع بلدية دبي تشمل وضع معايير للسعرات الحرارية الواجب توفرها في الوجبات الغذائية في المطاعم ونسبة السكريات والنشويات في المواد الغذائية التي يتم استيرادها، مشيرة إلى أن ضبط مثل هذه الأمور بحاجة إلى تعاون كل الجهات المعنية في الدولة.

وأضافت أن هيئة الصحة قامت وبالتعاون مع مركز دبي للإحصاء بدراسة غطت 3298 أسرة من أصل 4700 أسرة مستهدفة بينت أن نسبة 50.5%ممن أجري عليهم المسح كانوا يتناولون الفاكهة مرة واحدة يومياً، و29.9%كانوا يتناولون الفاكهة مرتين يومياً. وكذلك أظهرت أن نسبة 42.7%كانوا يتناولون الخضراوات مرة يومياً في حين أن 32.2%كانوا يتناولونها مرتين يومياً.

وقد لوحظ في هذا المسح نسباً متفاوتة بالنسبة لنوع النشاط الحركي، بيد أن الجميع لا يصلون إلى الحد الأدنى من تطبيق توصيات منظمة الصحة العالمية.

وبالنسبة لزيادة الوزن والسمنة فقد أظهرت نتائج المسح أن حوالي 36.1%من العينة المأخوذة من السكان كانوا في مرحلة ما قبل السمنة «أي في مرحلة الوزن الزائد بحسب تصنيف منظمة الصحة العالمية لنسب كتلة الجسم»، بينما كان 11.9%من إجمالي العينة يعانون من السمنة «22.5%لدى الإماراتيين و11.5%لدى غير الإماراتيين».

وجبات صحية

وبدوره قال الدكتور يوسف السركال وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع المساعد لقطاع المستشفيات بأن الوزارة قامت وبالتعاون مع عدد من المطاعم الرئيسة في الدولة بطرح وجبات صحية في قائمة الوجبات لديها وتعتزم التوسع في هذا المجال ليشمل جميع المطاعم في مراحل مقبلة.

وأشار إلى أن السمنة بين طلبة المدارس تعتبر من أكبر التحديات وبالتالي لابد من التعاون والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم والبلديات لوضع معايير للسعرات الحرارية التي تتضمنها الوجبات الغذائية خاصة لطلبة المدارس، مشدداً على أن دور الأسرة يلعب دوراً كبيراً في هذا الجانب، حيث ينبغي على الأمهات التقليل من النشويات والأطعمة التي تحتوي على سعرات حرارية عالية للأبناء منذ الصغـر.

سمنة الرضع

أكد تقرير جديد لمنظمة الصحة العالمية أن ظاهرة سمنة الأطفال وصلت إلى معدلات تثير الذعر في دولة العالم، وهي تشكل تحدياً ملحاً وخطيراً إذ يتصاعد انتشار سمنة الرضع والأطفال والمراهقين في مختلف أرجاء العالم، في ظل عدم وجود خطط وبرامج فعالة للحد من تلك الآفة في العديد من دول العالم. وكشف التقرير أن معدل انتشار سمنة الرضع والأطفال والمراهقين يتزايد في جميع دول العالم.

فريق عمل من 12 جهة حكومية لمكافحة سمنة الأطفال

شكلت هيئة الصحة أخيراً فريق عمل لمكافحة السمنة لدى الأطفال في إمارة أبوظبي، مكون من 12 جهة حكومية.

وعقد الفريق اجتماعه الأول لاستعراض وبحث الوضع الصحي للأطفال في إمارة أبوظبي، وتحديداً مرض السمنة وزيادة الوزن والأمراض المرتبطة بها، ووضع خطة تنفيذية لمجموعة من التدخلات والمبادرات الداعمة التي من شأنها الإسهام في الحد من السمنة لدى الأطفال في الإمارة.

ويعمل الفريق على توحيد الجهود المبذولة ومراجعة المبادرات للحد من سمنة الأطفال في إمارة أبوظبي في مجموعة من المجالات..

والتي تتضمن المناهج التعليمية في مجال الصحة والرياضة، المنظومة الغذائية الصحية لطلبة في مدارس الإمارة، البرامج الصحية المجتمعية ونشــر الوعــي، الخدمات التعليمية والتأهيليــة والعلاجية المسانــدة لفئــات ذوي الاحتياجــات الخاصــة، والتخطيــط العمراني الداعم للنشــاط والحركــة، والــذي يضمــن جــودة المعيشــة فــي الإمــارة.

ويتكون فريق العمل من كل من الأمانة العامة للمجلس التنفيذي، ودائرة الشؤون البلدية، ومجلس أبوظبي للتعليم، ومجلس أبوظبي للتخطيط العمراني، ومجلس أبوظبي للجودة والمطابقة.

ومجلس أبوظبــي الرياضي، وجهاز أبوظبي للرقابــة الغذائية، وشركة أبوظبي للخدمــات الصحية «صحة»، وشركة أبوظبــي للإعلام، ومؤسسة التنمية الأسريــة، ومؤسسة زايد للرعايــة الإنسانيــة وذوي الاحتياجــات الخاصــة.

المصدر: البيان