وصفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، دبي بأنها المكان الأكثر استقطاباً للجيل الجديد من الأثرياء، وهو مكان رسخته بقوة في هذه المرحلة المفصلية التي يمر بها الاقتصاد العالمي في ظل الأوضاع الصحية والإغلاقات التي تشهدها دول العالم.
وتقول الصحيفة في تقرير موسع، قبل جائحة «كوفيد-19»، كان زياد دناوي يقضي ثلثي العام في الفنادق، كونه رئيساً لـ «صفاند»، وهي شركة استثمارية عالمية، كان يقوم بأربع إلى خمس رحلات أسبوعياً بين مكاتب الشركة في نيويورك ولندن ودبي ومنزله في بيروت.
إلا أنه وبعد تفشي الجائحة، أصبح دناوي عالقاً في لبنان، معزولاً عن الأسواق العالمية وزملائه، لذلك قرر نقل منزل عائلته إلى أحد مكاتب الشركة، ليختار دبي. ويقول دناوي في ذلك: «تتمتع دبي بقيادة رشيدة، لديها استباقية في اتخاذ قرارات سريعة والتزام ثابت في تطوير بنية تحتية ذات كفاءة عالية».
وفي أغسطس الماضي، انتقل دناوي مع عائلته إلى دبي، مركز الأعمال والسياحة في المنطقة، حيث اشترى منزلاً في المنطقة السكنية الشهيرة المحيطة ببرج خليفة. ويوضح: «إن صعوبة السفر تعني أنني بحاجة إلى أن أكون في مكان لدينا فيه مكتب وله صلة بأعمالنا وشركائنا وغيرهم من أصحاب المصلحة».
ويتردد صدى قصة دناوي بين العديد من المقيمين الجدد في دبي، من العاملين في مجال التكنولوجيا إلى المتداولين المتحمسين في العملات الرقمية، إذ هنالك جيل جديد من الأفراد الأثرياء يختارون دبي مكاناً للعيش.
ولطالما كانت المدينة التي تركز على التجارة والسياحة وجهةً لأولئك الهاربين من الحروب أو عدم الاستقرار السياسي. ولعقود من الزمن، أصبحت دبي ملاذاً آمناً لاستثمارات الأشخاص الذين يبحثون عن موقع آمن ومحايد لإيداع أموالهم.
وبعد أن ضربت الجائحة سوق السفر العالمي، أوقفت شركة طيران الإمارات رحلاتها في ضوء الإجراءات الاحترازية، وبحلول أواخر إبريل وعطلة عيد الفطر، عادت دبي لتفتح أبوابها أمام السياح والزوار، وإن كان ذلك في ظل قيود التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات. كما ساهمت حملة التطعيم الوطنية في الإمارات، وهي إحدى أنجح حملات التطعيم في العالم، في زيادة عدد السياح إلى المدينة، مع تطعيم أكثر من ثلاثة أرباع السكان بحلول أواخر مايو من 2021.
كما اعتبرت دبي مركزاً لتلقي اللقاحات بالنسبة للنخبة، في حين حصل آخرون على التطعيم في إطار برنامج لتشجيع الناس على الانتقال إلى دبي والعمل عن بعد، في الوقت الذي كانت فيه الدول الغربية مغلقة.
وأبقت المدينة حدودها مفتوحة وحافظت على مكانتها مكاناً آمناً لقضاء العطلات والعمل للأجانب، ولا توجد أي بوادر على أنها ستغير هذه الاستراتيجية، حيث يقول هلال سعيد المري، المدير العام لدائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي «دبي للسياحة»: إن التأشيرات الجديدة لتشجيع الموظفين الذين يعملون عن بعد للعيش في الإمارة قد ولّدت عشرات الآلاف من المتقدمين، ذلك لأن الشركات العالمية تمنح الموظفين مرونة أكبر في المكان الذي يقيمون فيه. وأضاف:«بينما تضع معظم البلدان المزيد من القيود على السفر، فإننا نتطلع إلى تسهيل السفر ونقاط الاتصال مع مراعاة تطبيق أعلى مستويات بروتوكولات الأمان».
ويضيف المري أن دبي تحولت من كونها مركزاً اقتصادياً للشرق الأوسط إلى منطقة جذب للشركات التي تعمل عن بعد بما في ذلك تلك في إفريقيا وأستراليا.
كما تصر دبي على أن جودة الحياة العالية ستحافظ على تدفق الأثرياء، وبالتالي إطلاق انتعاش اقتصادي أوسع.
وقال أحد المصرفيين: «لطالما أرادت دبي أن تصبح موناكو الشرق الأوسط، ويبدو أن الجائحة تضعها في الطريق الصحيح لتحقيق ذلك».
المصدر: الخليج