فراغ كل صيف

آراء

مع بدء الإجازة الصيفية الطويلة للمدارس، تطل كل عام مشكلة الفراغ عند الأسر بسبب بقاء الأبناء في البيوت، ويمارس غالبيتهم تلك العادة المتفشية، السهر حتى ساعات الصباح الأولى والنوم طول النهار، بحجة ارتفاع درجات الحرارة وعدم وجود ما يفعلون خلاله، على الرغم من وجود العديد من الجهات التي تعلن إقامة برامج ومعسكرات صيفية.

الواقع ومن تجارب الأعوام والسنوات الماضية، معظم الجهات المنظمة لتلك البرامج والمعسكرات الصيفية محدودة الطاقة والقدرات الاستيعابية؛ لذلك تعتذر عن عدم استقبال الأعداد الكبيرة التي تفد إليها، وتكتفي بإدراج القليل منهم، كما أن بعضها الآخر برامجه لا تتعدى الأيام العشرة أو الأسبوعين على أبعد تقدير، فقط من باب رفع العتب.

وانتهزت مؤسسات ومعاهد وشركات خاصة الوضع لتدخل على الخط، وتنظم بدورها معسكرات ومخيمات تلقى إقبالاً من بعض الأفراد لتنوع برامجها وجاذبيتها وتركيزها على جوانب تلامس هوايات واهتمامات الجيل الجديد، ولكن مشكلة هذه المؤسسات والجهات الخاصة المبالغة في رسومها، بحيث تشكل عبئاً كبيراً على الأهالي الراغبين في إلحاق أبنائهم بها، وبالذات للأسر التي لديها أبناء عدة يرغبون في الالتحاق بهذه البرامج.

يبرر المنظمون والقائمون عليها رسومهم الكبيرة بارتفاع إيجار التسهيلات التي يستخدمونها، وبالذات من قبل الفنادق الكبيرة، سواء لمراكز «الجيم» أو الأندية الرياضية، وكذلك المسابح.

ونحيي هنا الجهد الكبير الذي تقوم به إدارات الشرطة في مختلف إمارات الدولة، وبالذات في أبوظبي ودبي، وهي تعمل جاهدة على مستويات مختلفة من أجل استيعاب أكبر عدد من طلاب المدارس ضمن برامجها الصيفية؛ لأنها أكثر الجهات إدراكاً منها لما يعنيه الفراغ للشباب، خاصة مع وجود رفاق السوء في هذا العالم الافتراضي، ممن يغوونهم ويزينون لهم كل ما هو مضر لهم ولمجتمعهم، خاصة أن هذه الجهات تنظم على مدار العام حملات توعية لتحصين الشباب وأفراد المجتمع كافة من مخاطر عدة، وفي مقدمتها ما يهدد أمنهم السيبراني.

كما كنا نأمل من أنديتنا الرياضية مساهمات أكبر في هذه القضية المؤرقة، وذلك بإتاحة قاعاتها المغلقة والمكيفة للشباب وتنظيم الفعاليات المناسبة لهم لاستغلال طاقاتهم وأوقات فراغهم.

نتمنى من وزارة الشباب إيلاء هذا الأمر الاهتمام الذي يليق به، فالمسألة أبعد من مجرد فعاليات ترفيهية أو رياضية، إذ يتعلق بحماية النشء، والاستفادة من الشباب وطاقاتهم في ما يخدمهم والوطن وهم عماده ورهانه للمستقبل.

المصدر: الاتحاد