كاتب إماراتي
في الثاني من ديسمبر من كل عام، تمر علينا الذكرى الغالية بتأسيس الاتحاد، وهي مناسبة سعيدة يحتفل بها كل مواطن ومقيم على تراب وطننا العزيز، ويبتهج بها الجميع لما حققه هذا الصرح الشامخ من رفاهية وأمن وطمأنينة لكل من وطأت قدماه هذه الأرض الطيبة. وفي هذا العام، تهل علينا الذكرى الثالثة والأربعون لهذا الحدث العظيم الذي غيّر وجه هذه الأرض، ونقلها نقلة حضارية كبرى من مجموعة بلدات وقرى إلى مدن كبرى عالمية الطابع، تزخر بمظاهر التقدم والمدنية والتحضر والرقي التي باتت نبراساً تتطلع إليه جميع أمم الأرض شرقاً وغرباً لكي تحتذي به، بل وتقلده تيمناً بتجربة كونية فريدة، حققها بعزيمة الرجال، قيادة وشعباً، رجال ذوو شكيمة قوية، يتطلعون إلى الإنجاز بصبر وحكمة وتأنّ قلّما سبقهم إليه شعب أو أمة من أمم الأرض الأخرى، لكي ينجزوا خلال فترة زمنية قصيرة هي قياسية بكل المعايير ما لم تنجزه الدول والشعوب الأخرى في مئات السنين.
إن ما يفرح القيادة الرشيدة وأبناء هذا الشعب الأوفياء المخلصين بعد أن أطفأت الدولة الاتحادية الشمعة الثالثة والأربعين من عمرها المديد، أن الاتحاد يسير نحو المزيد من اللحمة والترابط والقوة والصلابة، ووجود اتفاق لدى الجميع على أن الاتحاد هو مظلتهم وملاذهم الآمن، وهو السفينة الكبرى التي يوجدون على ظهرها، وتسير بهم بثبات وعزم نحو بر الأمان، وهي تمخر عباب البحور الإقليمية والدولية المتلاطمة التي تخيم في سمائها غيوم الإرهاب وشبح الحروب والمعضلات الأمنية والاقتصادية الكبرى التي تقض مضاجع شعوب المنطقة العربية وجوارها الجغرافي.
وسط هذه البحور متلاطمة الأمواج أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، تعيش الإمارات في يومها الوطني الثالث والأربعين، وهي جنة خضراء وواحة وارفة الظلال للأمن والأمان ورغد العيش وراحة البال لكل إنسان يعيش على أرضها وليس لأهلها الطيبين فقط.
عند بدء مسيرة الاتحاد، كان الكثيرون يشككون في إمكانية استمراره ونجاحه، لكن قيادته التي كان ربانها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته، يعاونه إخوانه الستة حكام الإمارات الآخرون، ثم بعد ذلك الجيل الذي ورث الأمانة منهم ويقود البلاد حالياً، أثبتوا للعالم أجمع بأن هذه الدولة الاتحادية التي ولدت من رحم المعاناة الطويلة مع الظروف السياسية القاسية ومع العوز والمعاناة الاقتصادية، ولدت لكي تبقى، وتعيش إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
إن صورة مستقبل هذه الدولة الفتية تبدو مشرقة وبراقة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، داخلياً وخارجياً، فبقاء الاتحاد واستمراره وتعضيد مؤسساته وإمكاناته صار قضية مفروغاً منها يسندها الجميع قيادة وشعباً، ورفاهية المواطن والإنسان بشكل عام، وأمنه واستقراره، هدف استراتيجي تسعى القيادة الرشيدة لتحقيقه بالوسائل الممكنة كافة، وممارسة الدولة لقوتها الناعمة على الصعيد الخارجي لمساعدة شعوب العالم المحتاجة، والوقوف إلى جانب الأصدقاء والحلفاء والشركاء في أرجاء المعمورة كافة تتم بسلاسة منقطعة النظير، وتحقق أهدافها المرسومة على صعد تحقيق التنمية الاقتصادية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتمكين المرأة واحترام حقوقها الإنسانية المشروعة كافة، وحماية الطفل وقطع دابر جرائم الاتجار في البشر. هنيئاً للإمارات بيومها الوطني، وليحفظ الله عز وجل قيادتها وشعبها وترابها الوطني من كل سوء، ويعيد عليها هذه المناسبة، وهي ترفل بأثواب السعادة والخير والنعمة، إنه سميع مجيب.
المصدر: الاتحاد
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=82405