يحتفظ سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، وراء شخصيته الهادئة، وملامح وجهه الرصينة، بانفعالات شاعر مرهف، تحركها مشاعر وهاجة، لا تستكين إلا في نص وقصيدة.
وحينما تخرج القصيدة، يدرك مستقبِلها أنها انتزعت من موج هادر، وبحر مضطرم، لا يسهل قياده سوى لربان قوي الشكيمة، رابط الجأش، شديد البأس، قوي المراس.وأحمد بن محمد ربان في بحر الشعر والقوافي.
يعرف سموه على نطاق واسع، بوصفه رئيس اللجنة الأوليمبية الوطنية، وبصماته ولمساته هنا يتحدث عنها دور هذه المؤسسة المرموقة. كما أنه من جانب آخر، معروف كراعٍ للمعرفة، ويقوم بهذا الدور من خلال وجوده على رأس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة. وهذه المؤسسة تتحدث بدورها عن رؤيته في هذا المجال، وتعطي صورة وافية عن اهتماماته وجهوده.
وفي صورته العامة، يبرز بطموحه الكبير، وسعيه الحثيث، لتحقيق طموحات دولة الإمارات، لتعزيز مكانتها الدولية، واحدة من أكثر دول العالم تقدماً وازدهاراً، ويستثمر في هذا المجال طاقاته، ويوظف خبراته، مبدياً اهتماماً خاصاً بالشباب، الذين يحرص على تشجيع المتميزين منهم، ورعاية الموهوبين من بينهم، وفتح الآفاق أمامهم.
وفي هذا يضع نفسه بينهم، ويعمل معهم، واحداً منهم.
في خدمة الوطن
وفي سياق هذا الإحساس المتقدم بالواجب الوطني، قام سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، في السادس عشر من يناير عام 2016، بإتمام إجراءات الالتحاق بالدفعة الخامسة من المنتسبين للخدمة الوطنية الإلزامية، في معسكر سيح اللحمة بمدينة العين، وذلك إنفاذاً لقانون الخدمة الوطنيّة الإلزامية في دولة الإمارات، الذي صادق عليه صاحب السّمو الشّيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدّولة «حفظه الله»، في يونيو 2014.
وبهذا، تقدم سموه شباب الإمارات قدوةً، وكان معهم جندياً في خدمة الوطن. وقال سموه، حينها، إن الخدمة الوطنية هي من أشرف الواجبات التي يحملها الإنسان تجاه وطنه وأهله، علاوة على كونها من الفرص المهمة التي يثبت من خلالها الإنسان مدى الولاء لهذا الوطن، والانتماء إلى ترابه، والوفاء لقيادته. ومدى التلاحم مع إخوانه، والتفاني في إعلاء شأن بلاده، وتأكيد عوامل رفعتها وتقدمها. وفي عبارة واحدة: لم تكن هذه خطوة مرتجلة من سموه، ولكنها تعكس قناعات ثابتة، وقيماً مستقرة. لقد عبّر سموه حينها عن أفكاره بهذا الشأن، فقال: «الخدمة الوطنية هي شكل بسيط من أشكال رد الجميل لهذا الوطن المعطاء، وإنه من دواعي فخري واعتزازي، أن أكون بين إخواني من الشباب الذين بادروا إلى التسجيل، ولا يفوتني أن أوجه لهم، ولمن سبقونا في أداء هذا الواجب، وكذلك لمن سيتبعوننا إليه، تحية تقدير وإعزاز، لأنهم يبرهنون للعالم أن أبناء الإمارات لا يتأخرون أبداً عن تلبية نداء وطنهم، والاجتهاد في ترسيخ مقومات أمنه واستقراره وازدهاره، وبذل كافة التضحيات، مهما تعاظمت، في سبيل تحقيق ذلك».
شرف المسؤولية
وبرزت المعالم الوطنية في شخصية سموه، في وصفه الانتساب إلى صفوف القوات المسلحة لأداء الخدمة الوطنية، بالشرف، الذي لا يدانيه شرف، ويتبارى الجميع لنَيلِه والفوز به، حيث قال: «إن قواتنا المسلحة الباسلة، هي عنوان كرامتنا وعزتنا، وحصن يصون إنجازاتنا التي أوصلت دولتنا إلى مصاف الدول الأكثر تقدماً عالمياً، واليوم أحمل وإخواني المنتسبين إلى الخدمة الوطنية شرفاً كبيراً ومسؤولية أكبر».
وقال سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، إن حب الوطن الذي يسكن عقول وأفئدة ووجدان أبناء الإمارات، هو نتاج غرس مؤسس الاتحاد، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي حرص مع قيام دولة الاتحاد على ترسيخ حب الوطن في نفوس أبنائه، وحثهم على التكاتف في حماية مقدراته، لتثمر شجرة الوطن شباباً مخلصين، لا يتوانون في أداء الواجب، ولا يتأخرون عن تلبية النداء، بل يتنافسون في نيل هذا الشرف العظيم.
دور مشرّف
إن الأبعاد الوطنية وتجلياتها في الشخصية، تجد حضورها في التعبيرات المنتقاة، التي حدد بها سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم الدور المشرّف الذي تلعبه القوات المسلحة في شتى المحافل الدولية، وفي تأكيداته على أنها الدرع الواقي للوطن، والسياج المنيع الذي يكفل له أمنه وسلامته، والقوة الرادعة في مواجهة الطغيان والظلم والباطل. وهذا في السياق ذاته، يؤشر على صلابة الإرادة، والقناعة في الاختيار، التي قادت سموه إلى الانضمام لصفوف القوات المسلحة، من خلال أداء الخدمة الوطنية، حيث قال: «سعادة كبيرة أن أنضم اليوم إلى إخواني لأداء الخدمة الوطنية، هذا وسام على صدورنا، ومسؤولية نبادر إليها بكل الفخر والاعتزاز، لنؤكد أننا لا نتأخر أبداً عن تلبيّة الواجب تجاه وطننا وأهلنا. كم أنا فخور بانتسابي إلى هذه المؤسسة الباسلة، وبخدمة وطني بين إخواني».
والوطنية، بالطبع، استعداد للبذل والعطاء..
وهنا، يقول سموه، بعزم: «إن الخدمة الوطنية شرف وواجب، نؤكد معها استعدادنا، في كل وقت وحين، للدفاع عن ترابنا وإنجازات دولتنا، وسعينا الدائم لجعل الإمارات في أعلى المراتب، فنحن نحمل الوطن أمانة غالية في صدورنا، واضعين رايته ماثلة أمام أعيننا، نبذل الغالي والثمين في سبيل الحفاظ عليها عالية خفاقة في سماء المجد والعزة».
هذا الوعي الوطني الأصيل، يتردد صداه عالياً في مناشدة سمو الشيخ أحمد بن محمد، منتسبي الدفعة الخامسة، الاجتهاد في تقديم صورة مشرّفة للشباب الإماراتي، القادر على تحمّل المسؤولية، وقال سموه: «أدعوكم، وأنا معكم، أن نرقى إلى مستوى هذا الشرف الكبير، وأن نقدّم القدوة في الالتزام والانضباط، وأن نكون على قدر ما تعوّله قيادتنا الرشيدة على الشباب من آمال».
معاني الوطنية
ما بين الخوض في بحور الشعر، وشق عباب المعرفة، تطل صورة سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، بينما هو يقف في حفل تخريج الدفعة الخامسة من منتسبي الخدمة الوطنية الإلزامية، يؤدي أمام أخيه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، تحية الوطن، لتبقى هذه الصورة في تاريخ الإمارات الحديث، واحدة من اللحظات التي تجسد معاني الوطنية، وتلاحم الشعب والقيادة.
المصدر: البيان