مدير تحرير صحيفة الجزيرة
التلصص وسوء النية والنزوع إلى التشويه من أبرز الملامح الاجتماعية يستوي في ذلك فئات كثر. والشهوة في معرفة أسرار الآخرين تطغى على كل القيم والأخلاقيات. والنزوع إلى ترويج الإشاعات السلبية والانتشاء بها يأخذ الأولوية في المجالس والرسائل.
كل الثقافة الوعظية التي تغذى عليها المجتمع عقوداً، وتربى عليها أكثر من جيل لم تؤسس لمعايير أخلاقية رفيعة، ولم تعمق معاني الاحترام والمودة والتسامح، ولم تشجع على غض النظر والستر بل جعلت الاستهداف والتشويه أبرز منطلقاتها في إطار الحرب على الخصوم والمناوئين مما جعل كثيرين يعتقدون أن الفضائحية نزعة خيرة ومطلوبة لطرد الشر والفساد.
الهلالي الذي بث صورة الهريفي مع زوجته في مكان عام على أنه يجاهر بالمعصية ينطلق من تعصبه أساساً لكنه مستند إلى مفهوم أخلاقي يبرر مسلكه ويدرجه ضمن الممارسة الصالحة باعتبار أن الطبيعي فضح الفاسدين والتشهير وليس غريباً أن يأتي آخرون يرون أن مجرد خروج المرأة كاشفة وجهها دلالة على الليبرالية والعلمانية وغير ذلك من التهم المماثلة وأن نشر مثل هذه الصور سيدفع الناس إلى المحافظة والنساء إلى الحجاب.
العقوبات وحدها تطهر الخطايا وتحمي الحقوق ولو أن أي جهة تحركت لمعاقبة واحد فقط من الذين يطعنون في الناس ويزورون حقيقتهم لتوقف المتطاولون فوراً لكن بقاء المجال مفتوحاً سيزيد من وتيرة هذه الاعتداءات سواء بسوء نية مباشر أو بقصد إنقاذ المجتمع من علامات الانحراف الطاغية والقصص المماثلة كثيرة وشواهدها متنوعة خصوصاً مع تنوع خيارات التقنية وتوظيفها وفق هذه الرؤية المتلصصة.
الهريفي ضحية ولن يكون الأخير إن بقي الصمت هو سيد الحالة.
المصدر: صحيفة الشرق