كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية
للجمعة الثانية بعد قرار التصحيح لم نجد أمام مساجدنا ذات المنظر القديم المألوف من (بسطات) الخضار والجوارب. السبب لأننا لم نستورد من قبل وافدا بمهنة (بسّاط) أو بائع جورب. للجمعة الثانية على التوالي يبدو الربع الأخير من المسجد فارغا بعد أن كنا نصلي في الشوارع المحيطة بالمسجد، ورغم أن أحدا لم يقل لكل هذه الآلاف: (لا تصلون الجمعة). لليوم العاشر على التوالي من قرار التصحيح لم نجد أي صعوبة في (حلق الذقن) وغسل الثوب وشراء كيس البطاطا وطحن كيس الذرة. بكل اختصار مفيد مباشر: لن نموت كالضفادع إذا ما استطعنا ترحيل ثلاثة ملايين وافد أجنبي يعملون في سوق مفلوت وسائب.
باختصار أيضا: ما زلنا على قيد الحياة وما زلنا نأكل ونشرب رغم أننا في الأسبوع الأول من كامل اليقظة ومن ذروة التفتيش وسنام رأس الحملة. تصوروا فقط: لو استطعنا مع هذه الحملة مجرد ترحيل مليون مخالف من بين الملايين الأربعة، كما تقول الإحصاءات، لاستطعنا توفير ثلاثة ملايين وجبة يوميا (مدعومة) للمواطنين: من دعم الأرز إلى قروض مصنع الدجاج مرورا بالفول والقشطة.. ومع هذا فهذه ليست القصة ولا القضية.
سأقول لكم بكل صراحة وشجاعة: إن كل قراراتنا مجرد (فطفطة) وفزعة في أسبوع القرار الأول، وفي مرات نادرة تصمد حتى نهاية الشهر الأول. سأضرب لكم هذا المثال: عندما عرض علينا الجريء (صلاح الغيدان) برنامجه (99) عن جرائم الإثيوبيين في جبال عسير وفي أوديتها تحرك الوطن بأكمله تضامنا مع هذه القصة. نشروا الدوريات ونثروا قوات الأمن وقبضوا على عشرات المهربين في ظرف أسبوع واحد وحيد وبعدها: (بنشر الكفر) ونامت البطارية. وبعد عامين من تحذير صلاح الغيدان، استيقظنا على مهزلة منفوحة. وأكاد أقسم لكم أغلظ الأيمان بأن ذات القصة مع قرار التصحيح ستحدث. عندما تنتهي هذه (الفطفطة) سيعود باسطو الخضار أمام المسجد وسنعود للصلاة في الشوارع المحيطة. عندها ستعلمون أن كل قراراتنا.. مجرد فزعة أسبوعية.
المصدر: الوطن أون لاين