رئيس تحرير صحيفة الرؤية
أليست مفارقة كبرى أن تصدر التصريحات القطرية عشية ذكرى قيام مجلس التعاون الخليجي، ففي 25 مايو 1981 اجتمع قادة ست دول خليجية في أبوظبي ليعلنوا قيام هذا الكيان الخليجي القوي، وتأتي واحدة من هذه الدول، وبتصريح لأميرها لتنسف بناءً دام أكثر من 36 عاماً.. ولصالح من يتم هذا النسف والتدمير؟ لصالح من نشأ المجلس لمواجهته، وهو النظام الإيراني، والذي كانت تهديدات ثورته الجديدة مثار قلق لدول الخليج العربية، فكان الحل أن تجتمع الدول في كيان واحد حتى تستطيع حماية نفسها ومواجهة العدو، وقد نجحت هذه الدول فعلياً وبقيت طوال العقود الماضية عصية على ذلك النظام وأطماعه، إلى أن جاء من تسبب في شق الصف الخليجي، وبدأ يدعم نظاماً يعاديه ويعادينا جميعاً، وبدلاً من أن تقف هذه الدولة، وهي قطر، مع أشقائها دول الخليج، اختارت الوقوف مع إيران والدفاع عن ذلك النظام، وتلميع صورته البشعة التي يعرفها العالم أجمع.
وفي الوقت الذي نجحت فيه المملكة العربية السعودية في أن تقنع الإدارة الأميركية بأن تقف في صف العرب والمسلمين في وجه النظام الذي يعادي العرب، ويدعم الإرهاب، وينشر الفوضى في دول جيرانه العرب، وغير العرب، فإن قطر لا تتفق معها في ذلك، بل تتخذ مواقف معاكسة تماماً، وتعلن تلك المواقف هنا وهناك، وتتبناها وسائل إعلامها، بينما في اجتماعاتها مع أشقائها الخليجيين تبدي غير ذلك!
لقد ترك الأشقاء في قطر لُب المشكلة، وهي التصريحات المنسوبة للأمير، وذهبوا إلى القشور، وإلى الحديث عن الفبركة والاختراق! العالم ليس بحاجة لكل تلك الزوبعة والثرثرة الزائدة، العالم بحاجة إلى شيء واحد وهو أن توضح قطر مواقفها من الموضوعات التي جاءت في التصريحات التي تدعي أنها مفبركة في حساب مخترق!. نريد أن نعرف من قطر، هل إيران دولة إرهابية، أم أنها قوة عظمى تضمن الاستقرار في المنطقة؟ هل حزب الله مجموعة إرهابية أم هو مقاومة؟ هل قطر مع الإخوان، تدعمهم وتمولهم أم لا؟.. هل قطر تعتبر وجود القاعدة الأميركية حماية لها من دول شقيقة؟ ببساطة المفروض أن تقول قطر موقفها تجاه ما جاء في التصريحات بكل صراحة ووضوح، فهل تمتلك الشجاعة في ذلك؟
نحن جميعاً في الخليج، وبعض الدول العربية نشعر بأن هناك اختراقاً في قطر فمن غير المنطقي أن تصدر تصريحات تنسب لأمير البلاد، وتنشر على جميع وسائل الإعلام القطرية الرسمية، وغير الرسمية والمدعومة، ومن ثم يتم الإعلان أنها مفبركة! وبعد ذلك وفي الصباح التالي يتم الإعلان عن سحب السفراء من دول خليجية، وعربية، وبعد ساعات يسحب الكلام لأنه فهم في غير سياقه!.. لا شك أن هناك اختراقاً، وربما هو اختراق كبير، والكل بحاجة إلى أن يعرف المخترقين وبلا شك أن الجميع يرغبون في المساعدة.
يخبرني أستاذ صحفي مخضرم عن قصة لطيفة لها علاقة بالفبركة التي هي عنوان المرحلة الحالية لمجلس التعاون، ويقول عن قصة مثيرة للاهتمام، وهي أنه قبل انعقاد جلسة إعلان قيام مجلس التعاون في فندق الإنتركونتننتال بأبوظبي.. طلب مسؤول قطري رفيع المستوى وقتها من المرافق الإماراتي أن يقوم بجولة في مدينة أبوظبي ليطلع على التشجير والخضرة والحدائق التي كان يشاهدها في بلاده من شاشة التلفزيون، وكان هذا المسؤول يعتقد أنها «مفبركة» وغير حقيقية.. وبعد انتهاء الجولة كشف المسؤول الكبير عن دهشته مما رَآه بأنه «حقيقة» وليس ديكوراً تليفزيونياً، أو صوراً مفبركة، كما كان يظن… وهذا يعني أننا في بعض الأحيان يمكن أن نعتقد أن الشيء مفبرك لكنه يكون حقيقياً، ونتخذ الفبركة ذريعة وحجة لكلام حقيقي قلناه.
المصدر: الاتحاد