كاتب إماراتي
اقترب الموسم وسيقوم الكل اليوم بعد الإفطار بإحضار موبايله (جواله/هاتفه المتحرك) ووضع الاسم الذي يريده بحسب الدعاية التي يتابعها، وستبدأ عملية التصفية، سيختار كل منا أسماء عدة هي غالباً للهوامير والذين يحملون لقب «سعادة» عقبالكم! هذا الاسم مهم جداً نعم نعم، سجله على رأس القائمة، سأحتاج إليه ذات يوم، وهذا الاسم أهم، وهذا الاسم معالي أهم من كليهما سأتصل بهذا قبل الصلاة حتى، ولن أنساه من المسجات المدفوعة والمجانية، هذا سأحتاج إليه للحصول على رقم سيارة مميز، وهذا سأحتاج إليه للترقية، والآخر يعمل في لجنة الإسكان، وهل هناك ما هو أهم من لجنة الإسكان؟!
ستعتقد أنك ستنتهي من تلك المهمة خلال دقائق لتكتشف أنك مغفل كبير! وأن هواتف الجيل الرابع ليست مثل هواتف النوكيا الأبيض وأسود، التي كنت أيامها تتمنى أن «تتضارب» مع أحد المسجلين فيها لكي تشطبه «وتترك فراغاً» لإضافة رقم جديد للتخلص من العبارة المزعجة (لا يوجد ذاكرة كافية لتخزين الاسم)، اليوم (بالصلاة على النبي) أطقعها موبايل يخزن لك آلاف الأرقام ومن دون حتى أن «يكح»!
ستبدأ الدائرة المملة ذاتها في كل عيد، تتصل بمن يهمونك وستكون الاتصالات مثل كل عيد باردة كالثلج، ألو مرحبا سعادتك، مرحبتين، كل عام وانتو بصحة وسهالة، وخير والله أنا قلت لازم بوغلوم يكون أول واحد أكلمه، طيب طيب، وكأنه يقول: فكنا من نفاقك اللزج! تغلق الهاتف وقد فقدت شيئاً من إنسانيتك وشيئاً آخر من كرامتك!
الذي تحبه فعلاً وتخشى شبهة النفاق في علاقتك به، سيفاجأك بقوله: وأنت بخير وأنت بخير، خلاص خلاص هات معاك صحن فاضي وتعال «اغرف» هريس من بيتنا، أنا اعرف انته شو تبي، تحس بالخجل وتتلعثم وأنت تقول: ولكني أحبك فعلاً يا سيدي، فيجيبك بالطامة: همممم فهمتك خلاص هات معاك صحنين فاضيين ما في إشكال!
اسمع نصيحتي مرة واحدة في عيد واحد، ألقهم جميعاً وراء ظهرك واستبدل هذه القائمة اللزجة، اتصل أولاً بمراسل مكتبك الذي تمر عليه نصف العام من دون أن تنتبه لأنك لم تلقِ السلام عليه، سيجدها كبيرة، اتصل بمدرسك في الابتدائية الذي نسيته منذ عشرين عاماً، اتصل بسائقكم الذي غادر إلى بلاده منذ عشرة أعوام ولم تسأل نفسك هل لايزال على قيد الحياة! اتصل بعم أبيك الراقد في سريره وهو في أرذل العمر، اتصل بإمام المسجد الذي لا يراك فجراً، اتصل بخادمة عاشت لديكم دهراً ثم ذهبت إلى أبناء هي غريبة عنهم، اتصل بكوتي بعبدالغفور بحمزة غلام بمحمد رؤوف، اتصل واستمع للسعادة الحقيقية وللدعوات الصادقة ولموسيقى كلمة «أرباب» الجميلة وعندها فقط ستتذوق حقيقة كلمة «إيد مبارك»!
المصدر: الامارات اليوم