خلال سنوات من العمل الجاد، والمخلص استطاعت فنلندا أن تقلب معايير التعليم في العالم، وأصبح التعليم قيمة في حد ذاتها، لا علاقة له بالشهادات أو الدرجات، والمدرسة أكثر من مكان الدراسة، والمعلم مهمته الرئيسة أن يصل جميع طلابه في النهاية إلى مستوى متقارب من العلم والمعرفة.
وبعد أن تخلصت من الامتحانات في نظامها التعليمي، الذي أصبح أنجح نظام تعليمي في العالم، تواصل فنلندا إبهار العالم.
ويعمل المسؤولون عن التعليم، فيها منذ مطلع العام الحالي على إلغاء الاعتماد على المواد الدراسية، والاستعاضة عنها بـ«موضوعات – أفكار مفتوحة»، حسب ما أطلع المسؤولون عن النظام التعليمي، مجموعة من الصحافيين من الشرق الأوسط، خلال زيارة إلى هلسنكي نظمتها وزارة الخارجية الفنلندية، لاطلاعهم على نظامي الصحة والتعليم هناك، وشاركت فيه «البيان».
الفكرة بحد ذاتها قد لا تكون سهلة الاستيعاب لدى كثيرين، ولكن ما حققته فنلندا من نجاحات مبهرة في مجالات التعليم والصحة والبحث والتطوير، والتكنولوجيا المتطورة، يحتم الإمعان والاستفادة من تجاربها وخبراتها، التي تمتلكها في هذه المجالات لا سيما «التعليم»، الذي يعد أساساً في جعلها تتبوأ مكانتها الرفيعة في العالم.
مجال التعليم
في العام 2015 أصبحت جمهورية فنلندا، التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين ونصف المليون نسمة، أقوى دولة في التعليم عالمياً وفقاً لتقرير التنافسية العالمية.
ومن أهم عوامل تميزها في ذلك هو الاحترام للتعليم والتعلم، ما جعل مهمة التعليم تحتل مكانة مرموقة في المجتمع الفنلندي. ونجد كادراً مؤهلاً من المعلمين من حملة الشهادات العليا على مستوى درجة الماجستير كونه حداً أدنى في التعليمين الأساسي والثانوي، وخضوع هذا الكادر إلى تدريب مهني متطور قبل ممارستهم مهنة التعليم.
وأسهم التخلص من الامتحانات في جعل فنلندا تتصدر العالم في نظامها التعليمي، فلا يوجد اختبارات محلية عدا عن برنامج تقييم للتعرف على عينات ديموغرافية للأطفال، ولا تستخدم هذه للنشر أو التقييم ولا للمقارنة بين المدارس. وإنما تستخدم فقط حين تحتاج الجهات المعنية الاطلاع عليها من أجل هدف واحد، وهو تطوير النظام التعليمي، الذي لا يتضمن التلقين والحفظ بل منهاجاً يعتمد على التفكير.
إلغاء المواد
ومنذ مطلع العام الجاري يعمل المسؤولون عن التعليم في فنلندا على إلغاء الاعتماد على المواد الدراسية، والاستعاضة عنها بـ«موضوعات- أفكار مفتوحة»، وهو ما سيمثل ثورة في طرق التعلم في فنلندا، بحيث لن يحتاج الطالب لتلقي ساعة كاملة في مادة التاريخ على سبيل المثال، ثم تليها حصة بالمدة نفسها لمادة الكيمياء مثلاً.
بل سيتم التركيز على موضوع معين من خلاله يمكن للطالب أن يحصل على مجموعة من المعلومات المرتبطة بمواد عدة في الوقت نفسه، فإذا كان الموضوع حول كيفية تقديم الخدمات الفندقية مثلاً، سيتضمن معلومات عن الحساب واللغات ومهارات التواصل، وإذا كان عن الاتحاد الأوروبي سيتضمن معلومات عن التاريخ والاقتصاد والجغرافيا واللغات.
المصدر: البيان