إن معايير تحقيق الفوائض النقدية أو الاغلاق عند الفوائض الصفرية أو الدخول في العجر، تعتمد على طبيعة البنود الداخلة في عملية التقييم بين فترة وأخرى، ولا يمكن النظر إلى العجز على أنه سلبي في كافة الظروف والعكس صحيح، فليس كل فائض على الميزانيات هو إيجابي، في حين من غير الممكن الوصول إلى ميزانية صفرية في أي حال من الاحوال، ومن الملاحظ أن فترة ما بعد الازمة المالية واستقرار أسعار النفط عند حدود مقبولة لكافة الاطراف ووجود حالة من الاستقرار الاقتصادي والدخول في النمو التدريجي للاقتصاد العالمي وعدم تسجيل أية انحرافات أو أحداث خطرة غير متوقعة، جميعها سيدعم إقرار الموازنات للعام المقبل ويجعل من ميزانيات العام الحالي إيجابية .
التقديرات والتوقعات
وتجدر الاشارة إلى أن أغلبية التقديرات والتوقعات السابقة التي أحاطت بمسار الموازنات في بداية العام ،2013 جاءت إلى جانب تقلص فوائض ميزانيات لدى دول مجلس التعاون المنتجة للنفط والغاز، نتيجة استمرار الانفاق الحكومي الضخم على مشاريع التنمية وتوقعات تراجع أسعار النفط بسبب تراجع معدلات النمو للاقتصاد العالمي التي ستؤثر في المحصلة على مؤشر الطلب ومن ثم الأسعار، وكان لافتاً في حينه ارتفاع الموازنة لدى السعودية على سبيل المثال بنسبة 19% لتصل إلى 820 مليار ريال، وبالتالي التأثير سلباً في قيم فوائض الميزانية في نهاية السنة المالية .
ضغوط متوسطة
والملاحظ أن المعطيات الحالية تشير إلى أن الدول الخليجية ستحقق فوائض على ميزانياتها، بنسب تتجاوز التوقعات السابقة على الرغم من تسجيل أسعار النفط ضغوطاً متوسطة خلال الربع الثالث من العام الحالي، فيما أسهم تراجع المخاوف السياسية في المنطقة إلى تراجع أسعار النفط، ولعبت الزيادة المسجلة على مخزون النفط الخام لدى السوق الامريكية دوراً كبيراً على تراجع الاسعار أيضا، وتفيد المؤشرات الحالية إلى أن الميزانية الكويتية ستحقق فائضاً بمبلغ بين 12 و6 .13 مليار دينار ويشكل هذا المبلغ ما نسبته 24% إلى 27% من الناتج المحلي الاجمالي للعام ،2013 نتيجة لاستقرار إيرادات الميزانية وبقاء أسعار النفط لدى الاسواق العالمية عند حدود مرتفعة في ظل توقعات بأن ينخفض الإنفاق الحكومي بنسبة 2%، الأمر الذي سيرفع من حجم الفوائض على الميزانية .
الفائض والنمو
وفي السياق فإن التوقعات الايجابية تشير إلى تحقيق السعودية فوائض على ميزانيتها خلال السنوات الثلاث المقبلة، فيما يتوقع أن يحقق الاقتصاد السعودي نسب نمو قد تصل إلى 4% في نهاية العام ،2013 والجدير ذكره هنا أن حجم الفوائض المتوقعة والمحققة سوف يعتمد بالضرورة على طبيعة الانفاق، فالإنفاق الاستهلاكي سوف يؤدي إلى تسجيل عجوزات على الموازنة بشكل دائم في حين سيكون للإنفاق الاستثماري نتائج إيجابية مضاعفة كونه قادر على توليد عوائد وتدفقات مالية على المدى المتوسط والطويل الاجل، وبالتالي فإن الدول التي تنتهج الانفاق الاستثماري سوف تشهد ضغطا على موازناتها في الوقت الحالي وتراجعاً على حجم الفوائض إلا أنها ستنجح في المستقبل القريب في تحقيق فوائض كبيرة ومستمرة على ميزانياتها وستنجح أيضاً في تنويع مصادر الدخل لديها ورفع مساهمة القطاعات الانتاجية الاخرى من إجمالي التدفقات النقدية المستهدفة .
ارتفاع مسجل
وفي المحصلة، لا بد من الاشارة إلى أن الدول الخليجية المنتجة للنفط والغاز قد حققت فوائض على ميزانياتها منذ فترة بعيدة وحتى اللحظة، نتيجة الارتفاع المسجل على أسعار النفط الذي تجاوز الأسعار التي اعتمدت عليها موازناتها في غالب الأحيان، فيما سيسهم الانفاق الضخم على مشاريع التنمية، وعدم القدرة على التحكم بأسعار النفط لدى الأسواق العالمية على فرض المزيد من الضغوط على حجم الفوائض وفي القدرة على التنويع المستهدف للدخل، إضافة إلى التأثيرات ذات العلاقة بارتفاع عدد المنتجين للنفط والغاز وزيادة الإنتاج من النفط الصخري على الموازنات والميزانيات والفوائض الممكنة في المستقبل .
المصدر: الخليج