ليس مستغربا أن يكون هناك هذا الشعور العربي العام بالفرح والابتهاج لدبي ودولة الإمارات، بفوزها بتنظيم أهم المعارض الدولية «إكسبو» في عام 2020 بعد منافسة مع مدن عالمية أخرى شهيرة، كما أنه من حق دبي أن تحتفل بهذا الفوز الذي يأتي ثمرة مشوار طويل من الإنجازات والتفرد في التجربة الاقتصادية والاستفادة من المكان.
المكاسب على صعيد حركة الاقتصاد والأعمال والتجارة والسياحة كثيرة من تنظيم مثل هذا الحدث الدولي المهم الذي تتناوب عليه الدول منذ القرن التاسع عشر كل خمس سنوات، وارتبطت به مشاريع أصبحت معالم لمدنها مثل برج إيفل في باريس.
والأرقام التي قدمت في توقعات المكاسب من تنظيم دورة المعرض سواء من خلال توقع 25 مليون زائر أو خلق 227 ألف فرصة عمل جديدة، هي جزء من انعكاسات الأنشطة والفوائد التي لن تقتصر على الإمارات، ولكن ستمتد إلى المنطقة أيضا التي يقام فيها «إكسبو» لأول مرة في تاريخها، بما يعني دخولها عن طريق دبي خريطة أهم الأحداث الاقتصادية العالمية.
هذا بلغة الأرقام والاقتصاد، ولكن هناك جانب آخر يعكسه هذا الإنجاز الذي حققته دبي، وهو دلالته بالنسبة إلى المنطقة العربية، خاصة أنه جاء في توقيت تمر فيه المنطقة بفترة اضطرابات وتقلبات سياسية، وصراعات أفكار، وتراث طويل من الشعاراتية، وإلقاء مسؤولية العجز أو الفشل على آخرين، وابتكار نظريات مؤامرة عجيبة يجري بها تسميم أفكار الناس، بما يشيع روح اليأس والشعور بالعجز.
ففوز دبي بـ«إكسبو» 2020 لم يأت من فراغ أو نتيجة دعاية سياسية أو مجاملات، لكنه إحدى الثمار المهمة لمسيرة طويلة من الإنجازات لم تكن سهلة، وجرى خلالها تجاوز عقبات وتحديات وأوضاع مضطربة في المنطقة، نجحت فيها دبي في أن تؤسس سمعة عالمية كمركز أعمال، ووضعت نفسها بقوة على خريطة العالم شرقا وغربا كمركز جذب تجاري وسياحي واستثماري.
تجربة دبي هي خليط من الفكر الخلاق في التنمية، المخططة جيدا، والطموحة جدا، مع تعظيم ما يقال عنه في عالم الاقتصاد تكثيف استغلال الميزات النسبية للمكان، وفي هذه التجربة جرى استغلال الموقع الجغرافي كنقطة وصل بين الشرق والغرب، والروابط التجارية الممتدة مئات السنوات من دون انقطاع، بمشاريع عملاقة طموحة وتسهيلات للأعمال، وضعت المدينة على قدم وساق في مدة لا تجاوز ثلاثة عقود، مع أهم مراكز في آسيا والعالم مثل هونغ كونغ وسنغافورة.
الدرس الذي يستحق أن يحظى بعناية، هو أن العمل الدؤوب المنظم، والأفكار الخلاقة والعقلانية، والطموح، تؤتي ثمارها في النهاية، وأنه طالما توفرت الإرادة والإدارة الجيدة والخبرات اللازمة، فلا أحد يستطيع أن يقف أمام تجربة تريد أن تنجح تستفيد وتفيد الآخرين. فنموذج دبي في النجاح الباهر، هو انتصار للطموح والعقلانية والعمل الدؤوب.
المصدر: الشرق الأوسط