”إشعار قانوني لتسوية دعوة جماعية” إذا كنت تسلمت رسالة عبر بريدك الإلكتروني بهذا العنوان – بالإنجليزية – من موقع ”فيسبوك”، واعتقدت أنها رسالة غير مرغوب فيها، تحوي فيروسا أو إعلانا وقمت بمحوها، فإنك عزيزي القارىء خسرت عشرة دولارات فقط لاغير، أما إذا كنت لا تزال تحتفظ بها فإن لديك حتى 2 مايو المقبل لإقامة دعوة ضد شركة فيسبوك لتحصل على هذه الدولارات العشر كتعويض.
الموضوع باختصار أن مؤسسة ”فيسبوك” ستدفع لكل مشترك قامت باستخدام بياناته الشخصية أو صورته، دون إذنه أو تصريح منه مبلغ عشرة دولارات تعويضا عما يعتبر انتهاكا قانونيا. الشركة أرسلت إيميل للمشتركين تحت عنوان ”إشعار قانوني لتسوية دعوة جماعية” بعد أن تم رفع دعوة قضائية ضدها في ولاية كاليفورنيا الأمريكية لاستخدامها أسماء وصور بعض المشتركين دون الرجوع إليهم خلال رعايتها بعض القصص المميزة. وهذا الخرق القانوني طال أطفالا، ومراهقين، وحتى مؤسسات خيرية أو قانونية.
أستاذ القانون في جامعة ميريلاند نيك باتلر يصف القضية بالقول ”قضية تقليدية في ثوب تكنولوجي” ويقول لـ ”الاقتصادية”: موضوع استخدام البيانات والمعلومات الشخصية دون إذن أو إخطار أو موافقة من أصحابها، أصبح منتهيا في القوانين الغربية، فهذه مخالفة أو جريمة على حسب حجم الضرر الناجم عن تسرب هذه المعلومات، هذا أمر محسوم”.
ويتابع ”الجديد في الأمر هنا أننا أمام استخدام تم من قبل شركة متخصصة في مجال التواصل الاجتماعي، أعني شركة أو مؤسسة ”فيسبوك”، والتواصل الاجتماعي يتطلب في جزء منه استخدام البيانات الشخصية، ولكن إذا أكد أصحاب الدعوة أن بياناتهم الشخصية استخدمت في مجال الإعلان للترويج للشركة، وبما يسمح لها بتحقيق أرباح مباشرة أوغير مباشرة، أو تعزيز موقعها التنافسي فحتما ستدفع تعويضا للمتضررين”.
وتعود القضية إلى شهر أبريل من العام الماضي عندما قام خمسة مشتركين في ”فيسبوك” برفع دعوى أمام القضاء في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، جاء فيها ”إن بعض مستخدمي ”فيسبوك” وجدوا أسماءهم وصورهم وبياناتهم الشخصية في إعلانات تروج لها الشركة على موقعها دون استئذانهم أو الحصول على موافقتهم أو إخطارهم، كما أن ”فيسبوك” لم تقدم أي وسيلة لإلغاء الاشتراك في هذه الخدمة الإعلانية لمن استخدمت بياناتهم الشخصية فيها”.
وتشرح كاثرين هاذرد أحد المدعين في القضية لـ ”الاقتصادية” الأمر بالقول ”على سبيل المثال أنا أحب منتجات شركة سامسونج، وحيث إنني طوال الوقت أستخدم ”فيسبوك” فإني أفضل أو أحب أن تصلني معلومات عن أحدث منتجات سامسونج عبر ”فيسبوك”، فإذا كنت أحد الأصدقاء المسجلين لدي في قائمة الأصدقاء في ”فيسبوك” فستصلك أيضا إعلانات من شركة سامسونج مستخدمة اسمي وبياناتي الشخصية دون موافقتي”.
شركة ”فيسبوك” أقرت بالمخالفة، وسعت إلى تسويتها من خلال تغيير شروط استخدامها هذه الخدمة، وإنشاء صندوق بقيمة نحو 20 مليون دولار لتسوية القضية.
ويوضح تايلور باول – أحد أوائل المدعيين ضد ”فيسبوك” في هذه القضية – موقفه لـ ”الاقتصادية”: ”في أواخر عام 2010 اتصل بي أحد أصدقائي ليخبرني بأني أصبحت مشهورا للغاية، وعندما سألته لماذا؟ أجابني بأن صورتي تظهر في إعلان على صفحات ”فيسبوك”.
في البداية اعتقدت أنه يمزح أو يضحك معي، ولكن عندما شهدت ذلك بنفسي، أدركت أن ”فيسبوك” قام بذلك دون الرجوع إلي أو استئذاني.
لاحقا اكتشفت أنني لست الوحيد أيضا الذي تم معه هذا، بل كانت هناك زميلة معي في الجامعة نفسها تعرضت إلى هذا الموقف مما أدى إلى قيام والدها بتقريعها وانتقادها”، ويتابع ”كنا خمسة أشخاص في البداية وقررنا اللجوء إلى محام لبحث تداعيات الموضوع، وسعينا لحشد أكبر مجموعة من الأشخاص تعرضوا لاستغلال بيناتهم الشخصية دون إذن” ويضحك تايلور قائلا ”استخدمنا ”فيسبوك” للتواصل ولحشد أنفسنا ضد ”فيسبوك”، ويضيف ”القضية ليست شخصية ضد ”فيسبوك” فهو بالنسبة لنا نحن الشباب كالماء والهواء ولا نتصور أن نتركه أو نتخلى عن عضويتنا فيه، ولم نقم بهذه القضية لإيذاء ”فيسبوك”، لكن قضيتنا تؤسس لعلاقة مستقبلية سليمة بين المشتركين في مواقع التواصل الاجتماعي وبين القائمين على إدارة تلك المواقع أو أصحابها، فهذه المواقع هي عنوان المرحلة المقبلة في العديد من المجالات وفي مقدمتها مجالا الإعلام والإعلان”، ويؤكد ”لا يجوز لهم تحقيق أرباح على حساب المشتركين دون علمهم. وكل ما سيعود علينا هو عشرة دولارات. إنه مبلغ هزيل يكفي بالكاد لوجبة غذاء، إنما الرابح الأكبر هو شركات المحاماه التي ستتولى هذه القضية”.
علي أي حال لم يعرف بعد العدد الإجمالي للمدعين على ”فيسبوك” في هذه القضية، ولكن إذا كان العدد كبيرا وتراجع نصيب كل مدع إلى أقل من خمسة دولارات للفرد، فإنه من المقرر أن تقوم المؤسسات الخيرية المتضررة بتوجيه أموال التعويضات إلى مجال تعليم الأطفال والمراهقين على كيفية التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي بشكل آمن.
روز هاردينج من جمعية الحفاظ على الخصوصية في ولاية فلوريد تتابع تفاصيل هذه القضية، وتشرح لـ ”الاقتصادية” موقفها بالقول ”القضية لا تكمن في دفع ”فيسبوك” مبلغ عشرة دولارات لكل متضرر، فعدد المتشتركين في ”فيسبوك” في أمريكا نحو 150 مليون مشترك، ونتوقع أن يكون حجم المتضررين من استخدام بيناتهم دون تصريح كبير للغاية، وهذه القضية فرصة لتنبيه مستخدمي الإنترنيت لأهمية موضوع الحفاظ على سرية البيانات الشخصية، فهذا الموضوع لا يحظى بعد باهتمام مستخدمي الإنترنت أو حتى وسائل الإعلام، ولا يلقى الضوء عليها إلا من حين لآخر عندما يقتحم أحد قراصنة الإنترنت البريد الإلكتروني لأحد المشاهير كما حدث أخيرا في أمريكا، عندما قام أحد هؤلاء القراصنة بالتلصص على البريد الشخصي لعدد من نجوم ونجمات هوليود”، وتتابع روز قائلة ”بعد دفع مصروفات شركات المحاماة من صندوق التسوية الذي أنشأته شركة ”فيسبوك”، فإن المتبقي سيكون مبلغا بسيطا للغاية بحيث توزيعه على المتضررين لن يحمل لهم أي فائدة تذكر، ولهذا نطالب بمنح هذا المبلغ لجمعيات حماية الخصوصية على الإنترنت لتوعية مستخدمي الشبكة العنكبوتية بمخاطر تسريب بيناتهم الشخصية وكيفية الحفاظ عليها تكنولوجيا، وما هي الإجراءات القانونية الواجب اتباعها عند تسريب تلك المعلومات”.
ويتوقع المحامي دانيل توماس من ولاية كاليفورنيا أن تبلغ المصروفات القانونية لهذه القضية نحو 40 في المائة من إجمالي المبلغ المرصود في صندوق التسوية الذي أنشأته شركة ”فيسبوك”.
ويضيف لـ ”الاقتصادية”: ”المبلغ المتبقي سيكون نحو 12 مليون دولار، وهو مبلغ بسيط للغاية بالنسبة لشركة عملاقة تقدر قيمتها بالمليارات، ولن يكون له تأثير يذكر فيها ماليا، لكن تأثير القرار الذي سيصدره القضاء الأمريكي بشأن هذه القضية والتي ستنظر في 28 شهر حزيران (يونيو) المقبل، سيمثل حجر زاوية فيما يتعلق بالعديد من الجوانب القانونية في العلاقة القائمة بين المشتركين في ”فيسبوك” والقائمين عليه”.
المصدر: الاقتصادية