بعد الهزيمة الكبيرة التي مني بها منتخب ألمانيا لكرة القدم أمام فريق إيطاليا، قبل أيام، شعرت أن الله قد انتقم لي من الألمان بعد مرور عشر سنوات على مقلب ألماني أكلته فجر يوم بائس في بوسطن. وهنا القصة.
خلال بطولة كأس العالم 2002، صادف أنني كنت أسكن مع أصدقاء ألمان يقيمون في بوسطن. أصر صديقي، سباستين، وهو أستاذ في الإم آي تي، أن أرافقه فجراً لمقهى قريب يعرض مباريات كأس العالم. وكانت المباراة «الفضيحة» بين ألمانيا والسعودية. ذهبت والنعاس ما زال مهيمناً. جاء الهدف الألماني الأول. صرخ سباستين من الفرحة وكأن وجودي معه قد منحه الفرصة الذهبية للاستعراض بالهدف الأول. تتابعت الأهداف الألمانية سريعاً. وعند كل هدف ألماني يواصل صديقي صراخه أمامي كما لو كنت فعلاً مدرب المنتخب وقتها. بعد الهدف الخامس خفت نشوة النصر عند سباستين. كأنه لحظتها أدرك أن الفوز بتلك الطريقة محرج حتى للفريق الألماني نفسه. اعتذر لي صديقي متعاطفاً معي بعد الأهداف الثمانية المخجلة. وهو لا يعلم أن الرياضة عندنا ما تزال ضحية الأهواء.
صديقي جمال الشحي، وهو لاعب كرة قدم إماراتي سابق، يصف حال كرة القدم في الخليج بـ«قليل من الرياضة كثير من السياسة». فالرياضة عندنا، مثل أي شيء آخر، مُسيسة. ومع الوقت، ملّت الناس من أنديتنا ورياضتنا. ثم فتح الله علينا بتقنية الاتصال الجديدة. فأصبح أطفالنا يعرفون عن برشلونة وريال مدريد وتشيلسي ومانشسر سيتي أكثر مما يعرفونه عن الهلال والشباب والاتفاق والاتحاد. لكنني صدقاً تمنيت لو كان عندنا منجز رياضي وطني حقيقي نشعر فعلاً أنه يمثلنا كلنا. أما المشروعات الرياضية، أندية كانت أو غيرها، التي تختزل الرياضة في أسماء نافذة من مسؤولين وتجار، فلم أشعر يوماً أنها تمثلني لا في الفوز ولا عند الهزيمة. وهكذا، مثلي مثل كثيرين حولي، أكتفي بمتعة المباريات العالمية وبمتابعة الأندية الأوروبية… والضمير مرتاح والبال في أحسن حال!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق السعودية بتاريخ (٠٢-٠٧-٢٠١٢)